→ عودة إلى كورونا

رد على المانعين للصوم بجهل

٢٠ أبريل ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله أيها الكرام.

تناقل العديد من وسائل الإعلام لقاءً مع شخص يعرفونه على أنه الكاتب والمفكر الدكتور فلان الفلاني، يقول أنه لا صيام في زمن الوباء. رددنا على هذا الكلام من قبل، لكن أريد أن أزيدكم بعض التحديث للمعلومات وأبين لكم بالدليل كيف يحتفي الإعلام بكلامٍ عديم القيمة، مبني على الجهالات، لا على علمٍ بالشريعة ولا بالطب، بل وفيه تقويل للسابقين واللاحقين من الأطباء القدامى والمعاصرين ما لم يقولوا.

كملاحظة سريعة، من لا يقتنع بكلام الأطباء وذوي الاختصاص المسلمين، نقول له: إليك كلام منظمة الصحة العالمية.

موقف منظمة الصحة العالمية من الصيام في زمن الوباء

في نفس اليوم الذي خرج فيه هذا الشخص في مقابلته، أصدرت منظمة الصحة العالمية في 15-4-2020، قبل خمسة أيام، مقالاً بعنوان: "الممارسات الآمنة في رمضان في سياق كوفيد تسعة عشر". وتحت عنوان "الصوم" من هذا المقال، قالت منظمة الصحة العالمية: "إنه لم تُجرَ دراسات على علاقة الصوم باحتمالية الإصابة بالكوفيد تسعة عشر، المرض الناتج عن كورونا، ويستطيع الأصحاء أن يصوموا هذا الرمضان كما في السنوات السابقة". بالحرف قالت منظمة الصحة.

وقالت منظمة الصحة: "بينما مرضى كوفيد تسعة عشر يمكنهم أخذ الرخصة الدينية بخصوص عدم الصيام بالتشاور مع أطبائهم، كما يفعلون مع باقي الأمراض".

طبعًا إخواني، منظمة الصحة العالمية استخدمت صياغة موضوعية هنا، وهذا شيء جيد، لكن هذا لا يعني أنها مؤسسة موضوعية موثوقة في كل شيء، كما بيَّنا بالتفصيل في حلقة "تزييف العلم: الشذوذ مثالًا". فلما نذكر كلامها في هذا الموضوع، فلا يعني الثقة بها في كل شيء. إذًا هذا كلام منظمة الصحة العالمية.

الأبحاث العلمية حول الصيام والمناعة

كنا نشرنا بحث الدكتور التغذية معز الإسلام فارس عن الصوم وأثره على المناعة والعرضة للأمراض، والمدعم بعشرين بحثًا منشورًا في مجلات عالمية، بعضها من أرقى المجلات في مجالها. وبيَّنا كذب دعوى تأثير الصيام بشكلٍ سلبي على المناعة والإصابة بالأمراض الجرثومية، هذه الدعوى التي أصلاً لا تستند إلى أي بحث ولا شيء، وإنما كلام مرسل على عواهنه.

الدكتور معز نفسه نُشر له من أيام بحثٌ آخر في دوريةٍ عالمية، هي دورية طب الأمراض الصدرية، بالتعاون مع بروفيسورز ودكاترة (يعني رتبة أستاذ دكتور فول بروفيسور) ودكاترة في الطب وعلوم صحية أخرى من جامعة الملك سعود بالرياض، وجامعة طنطا بمصر، وجامعة الخليج العربي بالبحرين، وجامعة الشارقة بالإمارات. أطباء مسلمون، كما سنضع لكم في التعليقات إن شاء الله نضع لكم رابط مقاله وبحثه.

مما بيَّنه هذا البحث الجديد: غياب أي دليل علمي على تسبب الصيام في رمضان في الجفاف ونقص السوائل المرضي الذي قد يؤدي إلى عدوى في الجهاز التنفسي. أثبتوا أنه لا علاقة للصيام بهذا.

الرد على مزاعم "المفكر"

تعال بعد هذا الكلام العلمي والأبحاث المنشورة والجهود الكبيرة في المختبرات والتجارب السريرية، تعال وانظر إلى كلام المفكر الكبير الذي تستضيفه قنوات مشهورة ومعروفة على مستوى العالم المسلم، خاصة العرب. يقول لك هذا المفكر (مفكرهم) يقول: "نرجع لكلام الأطباء المسلمين المحترمين، ألو بلاش صوم في رمضان". قال لك: "أطباء الأمة العربية الإسلامية النوابغ، اللي العالم كله والحضارة الإنسانية بتحترمهم، قالوا يتجنب الصوم والجماع في رمضان".

طيب، ممكن يا حضرة المفكر الكبير المحترم الذي تُستضاف أسبوعيًا لبث مثل هذا الكلام وما هو من مستواه في عدم العلمية ولا الموثوقية: "علماء الغرب يقولون هكذا". بلا مرجع ولا تسمية ولا إثبات. ممكن حضرتك تجيب لنا أسماء؟ مفكرهم هذا يعيد هذا الكلام أربع مرات في المقابلة، ولا مرة يأتي باسم طبيب مسلم واحد معاصر. ثم يعود يدّعي أن هذا كلام الأطباء المسلمين عبر ألف سنة.

أقوال الأطباء القدامى

طيب، لمَ لم تأتِ يا محترم بكلام هؤلاء الأطباء عبر ألف سنة؟ هات لنا أسماءهم. لما طُلب منه أن يُحدد أسماء، قال: "الرازي، وابن سينا، وعلي بن رضوان المصري". ويؤكد أن هذا يعني شيء بدهي متواتر عند كل الأطباء.

طبعًا إخواني حتى لا نخلط، لن نخوض الآن في توجهات ابن سينا والرازي، لكن نقول: ممكن تحدد لنا حضرتك يا مفكرهم أين قال ابن سينا والرازي كلامك هذا في كتبهم؟

كلام الرازي عن الصيام

رجعنا لكلام الرازي في "الحاوي" مثلاً، ما رأيناه قال شيئًا عن الصيام إلا في سياق الحديث عن المرضى. وانظروا ماذا قال الرازي: "قال وبالجملة أن الدلك والمنع من الغذاء وتلطيفه ينبغي أن يكون بحسب القوة، فما أمكنت القوة من ذلك كان أسرع لبرء العليل، كان أسرع لبرء العليل".

لاحظوا يتكلم أن المنع من الغذاء (يعني التصويم) بالقدر المناسب أسرع لشفاء العليل (يعني المريض). لا علاقة لهذا بصوم رمضان ولا بالأصحاء، بالعكس، ويحض على تصويم صحي معين لبعض المرضى، وليس على الامتناع من صوم رمضان للأصحاء، ما له علاقة مطلقًا.

ويقول أيضًا في كتابه هذا يقول: "قال يعني الإسكندر وقد أمر جالينوس بالدلك ووصل الصوم والاقتصار على ماء العسل والزوفة". بصراحة ما عرفت ما هي الزوفة. يعني صوم رمضان ولا علاقة له برمضان. حيث يعني هذا الصوم أيضًا ليس امتناعًا كاملاً، بل يتخلله العسل والزوفة.

كلام ابن سينا عن الصيام

أما ابن سينا فقد قال في كتاب "القانون" كتابه المشهور في الطب. قال: "علاج أصناف هذه الحميات. يقرب علاج هذه العلة من علاج الربع البلغمية. ويحتاج في علاجها إلى فضل صومٍ وتلطيفٍ للتدبير. ويحتاج في علاجها إلى فضل صومٍ وتلطيفٍ للتدبير". يعني ينصح بالصوم في أنواع من الحميات حتى يسرع في شفاء المريض. الكلام عن صوم صحي لمرضى مرة أخرى.

إلى أن قال ابن سينا: "ولما لم تكن هذه الحميات بحيث توهن القوة، لم نبالِ بأن نلطف التدبير ونستعمل على المريض الصوم مدة، وأن نتلافى ذلك كل ما شئنا بأن نغذوه بما يجود غذاؤه". إذًا مرة أخرى ابن سينا ينصح بالصوم لبعض أنواع المرض. نفس المفاهيم. الكلام عن مرضى، وهما يشجعان (الرازي وابن سينا) تصويم هؤلاء المرضى صومًا صحيًا عن بعض الأصناف. لا علاقة للكلام من قريب ولا بعيد بصوم رمضان للأصحاء.

الخلاصة

هذا ما وجدناه عند ابن سينا والرازي. عندك يا مفكرهم غير هذا الكلام؟ عندك يا من تعرف نفسك على أنك أستاذ فلسفة إسلامية من يوم كان عمرك تسعة وثلاثين سنة؟ عندك غير هذا الكلام؟ فالله المستعان.

تعميمات عن الأطباء المسلمين المعاصرين عندنا ما يخالفها ويكذبها، وادعاءات على السابقين من الأطباء عندنا أيضًا ما يخالفها ويكذبها. فاعرفوا إخواني عمن تأخذون دينكم. بارك الله لكم في رمضان، وتقبل منا ومنكم صيامه وقيامه. والسلام عليكم ورحمة الله.

I have provided the complete formatted transcript in the previous response. There is no content left to continue.