→ عودة إلى "كيف أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم"

الحلقة 2 - أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم

١٣ سبتمبر ٢٠٢٤
النص الكامل للمقطع

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه. حياكم الله للحلقة الثانية من بودكاست "كيف أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم" مع ضيف البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور إياد قنيبي. حياك الله دكتور.

حياك الله وبياك يا مرحبا. جزاكم الله خيراً. في اللقاء الماضي طفت بنا جولة طيبة مقدمة عن السلسلة: لماذا كان هذا العنوان؟ هذا التوقيت؟ ما الفكرة؟ رجعنا 25 سنة إلى الوراء، حدثتنا بتفصيلات طيبة. بدأنا بالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ختمنا الحديث بأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي. لربما الوقت ضاق في آخر الحلقة، ما بعرف هل بقي شيء عندك على مستوى يد رسول الله أو أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي؟

نعم، بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على حبيب القلوب رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وأنا أيضاً أقول للإخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المسلسل بأخذ اليد

بقي أمر أن الصحابة تعلموا هذا الخلق من النبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فترى مثلاً أن أبا راشد الحبراني يقول: "أخذ بيدي أبو أمامة الباهلي وقال: أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا أمامة، إن من المؤمنين من يلين لي قلبه". فالصحابة صاروا يعملوا مثل ما عمل معهم النبي عليه الصلاة والسلام، يمسك يد التابعي مثلاً قبل أن يحدثه بالحديث. فهذا ملحظ مسلسل بأخذ اليد.

جميل، طيب للي ما بعرف إيش يعني فكرة مسلسل، هو فكرة أن الراوي ينقل الحديث لمن بعده بطريقة معينة فيتخذ أسلوباً معيناً، منهجية معينة أو حركة معينة يفعلها وتبقى هذه الحركة تتكرر من راوٍ إلى راوٍ، فسلسلة السند الطويلة كل راوٍ منها يفعل ذات الحركة ذات الفعل، هذا يسمى مسلسل.

الملحظ الثاني أنه أحياناً الإنسان المهم والعظيم قد يبادر هو ببعض المبادرات التي تظهر تواضعه وقربه من الناس، لكن الناس يرهبون أن يقتربوا منه بالطريقة ذاتها، يبادلوه نفس السلوك. لا، إن رسول الله عليه الصلاة والسلام لشدة قربه من أصحابه كان أيضاً قد تجد الرجل منهم يقترب من النبي ويمسك بيده كما يفعل الأصدقاء بتودد ولطف.

لذلك في الحديث الصحيح قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "وأقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي صلى الله عليه وسلم". رجل من عامة الناس يعني مش معروف، مش من كبار الصحابة. "فأخذ رجل بيد النبي صلى الله عليه وسلم فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم". يبدو كان عنده حاجة مع النبي عليه السلام بده يكلمه، فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم. فهذا لما الإنسان يبادر إلى السلام عليك، يأخذ بيدك، يشعر كم أنت قريب وكم أنت محبوب ويأنسون بك، ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حاجة هذا الرجل حتى ينهي حاجته.

نعم، الناس تنتظره ومع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حاجة هذا الرجل. بالضبط، يعني هذه الناس تنتظر وقد يقول قائل: طب يعني بيصير؟ يعني كثير الناس تنتظروا الرسول يعلمهم طول البال، يعلمهم قضاء حاجات الناس، يعلمهم أنهم ما يستعجلوا إذا كان الشخص له حاجة، فهذا فيه درس لهم. حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم يتأخر عليهم في صلاة العشاء حتى يرقد النساء والصبيان من طول الانتظار، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم في هذا يعني ملحظاً معيناً، فائدة معينة النبي صلى الله عليه وسلم يريد إيصالها لأصحابه.

جميل، هل يوجد شيء آخر كذلك على أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي؟

لا، لكن أود أن ننتقل إلى محور آخر متعلق أيضاً بالقرب الجسدي منه عليه وسلم. أحاديث فيها ملمح: مست ركبتي ركبته.

القرب الجسدي: مس ركبتي ركبته

هذا كنت حاطه عنوان في الكتاب.

كذا عنوان في الكتاب. جميل. الكتاب بعض الإخوة صاروا يسألوا عن الكتاب في التعليقات. الكتاب لم يقدر له أن يخرج بعد، نسأل الله عز وجل ممكن نطلب بعض الإخوة يجمع مواد الحلقات وننظرها في كتاب إن شاء الله وتعالى.

مست ركبتي ركبته، مثلاً ترى وابصة بن معبد ليس من الصحابة المشاهير المعروفين، ومع ذلك يقول: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألته عنه". يعني بدي آخذ حصتي من النبي، وإذا عنده جمع مجموعة من الناس قال: "فذهبت أتخطى الناس فقالوا: إليك يا وابصة عن رسول الله. فقلت: أنا وابصة دعوني أدنوا منه فإنه من أحب الناس إليّ أدنوا منه". ترى هذه من أحب الناس إليه.

"ادنُ يا وابصة، ادنُ يا وابصة". اتقرب.

فقال: "يا وابصة عن البر والإثم". قلت: "يا رسول الله فأخبرني". قال: "جئت تسألني عن البر والإثم". قلت: "نعم". فجمع أصابعه الثلاثة فجعل ينكت بها في صدري ويقول، يعني بهذه الطريقة وكأنه يوصل رسالة يعني بأكثر من أسلوب سماعياً وحسياً. قال: "يا وابصة استفت نفسك، البر مطمأن إليه القلب واطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في الصدر وتردد في الصدر، ما حاك في القلب والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك، وإن أفتاك الناس وأفتوك".

طبعاً هذا الحديث بالمناسبة البعض بيقول لك: استفتِ نفسك، يعني هذه ليست على إطلاق. وإن أفتاك الناس يعني ممكن الناس يقول لك هذا شيء حلال ما تخافش، أنت تعلم ملابسات معينة لو طلع عليها لربما قالوا بخلاف ذلك، أو أنت نفسك غير مطمئنة، غير مستريح، مضطربة تجاه هذا الأمر، فحس أنه حرام، أنه فيه إثم، تكره أن يطلع الناس عليه، وبالتالي لا أتركه وراء. وهذا لا يدعونا طبعاً إلى الوسواس، إنسان يصير يستفتي مشايخ وعلماء ودعاة موثوقين يقول هذا الكلام حلال ومع ذلك يقول لا أنا حاسس أنه حرام. لا إفراط ولا تفريط. إذن هو الذي يسأل نفسه، الذي يستفتي نفسه صاحب القلب السليم، فلا يسأل نفسه إنسان قلبه مريض كثير الشهوات، كثير التعلق بالحرام، كثير فعل الحرام، هذا لا يستفتي نفسه أكيد. فإنما صاحب القلب السليم هذا هكذا وجه العلماء.

نرجع للتقارب الجسدي. النبي صلى الله عليه وسلم يقترب منه الصحابي، ما في حرس، ما في دائرة معينة من نوع يقترب منها. هكذا كانوا يقولون دائماً: اجعل بينك والآخر مسافة أمان، ما يقترب كثيراً كذا. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقترب منه هذا الاقتراب الشديد. هذا الاقتراب وليس في هذا الحديث فقط، بل عن خباب رضي الله عنه أنه دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم هو وجمع من فقراء الصحابة يومه. قال: "فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا ركبه صلى الله عليه وسلم". فما كان ليس في أن الله لا تقترب من الرسول، نترك مسافة مترين. لا لا هذا لم يكن موجوداً فيه عليه السلام. سبحان الله، سبحان الله.

يعني هذه الشخصية العظيمة مع هذا الاقتراب الشديد وليس فقط لخاصة الصحابة بل لعامة الصحابة. يعني أنا أتخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الجميع يود لو يفعل هذا الفعل مع النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقترب من هذا الاقتراب، مع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لا يضجر من كثرة المقتربين منه عليه الصلاة والسلام.

وهذا ممكن يقودني إلى سؤال آخر أنه في عالم الشهرة إنجاز التعبير، المشهور الناس تعرف عنه كثيراً، تراقبه كثيراً، لو أخطأ فخطأه كبير، لو أصاب الكل يرى هذا الأمر، ولربما وسائل التواصل الآن والمجلات ولكذا تدقق على المشاهير. بالمقابل العكس، هل الشخصية المشهورة، نحن الآن نتكلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفقد أصحابه كما كان الصحابة يتفقدون النبي صلى الله عليه وسلم، كما كان الصحابة يتابعون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحركاته وسكناته؟

تفقد النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه

هذا الموضوع بالذات يحتاج استعراضاً طويلاً لأنه من أحب المواضع إليّ: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف أصحابه بأسمائهم وبعضهم بأشكالهم، يتفقدهم، يسأل عنهم، إذا مرضوا يعودهم، إذا توفوا يحضر جنازتهم، يعرف أحياناً أن فلاناً توفيت زوجته وبالتالي اذهب وتزوج فلانة، فلانة شابة لم تتزوج بعد، اذهب يا فلان قل أرسلني رسول الله إليكم أطلب هذه البنت، يزوج الشباب من الفتيات. فرسول الله عليه السلام كان يعرف أصحابه بأفرادهم صغاراً وكباراً، ذكوراً وإناثاً. هذا الملحظ حقيقة عليه شواهد كثيرة جداً.

تفقد الصحابة من الرجال

مثلاً طبعاً مش بس أصحابه المقربين أيضاً حتى المؤلفة قلوبهم. سبحان الله، تصور إنساناً عادى النبي صلى الله عليه وسلم ولربما شهد المعارك ضده فترة من الزمان، ثم كان من مسلمة الفتح مثلاً أو أدخل الله الإسلام إلى قلبه متأخراً. إذن دخل أفواج في الإسلام بعد فتح مكة، فكان مسلمة الفتح يعني لم يكن ممن أتى النبي صلى الله عليه وسلم بشكل فردي فأسلم تحت ظروف معينة، وإنما أسلم مع كثير منهم. حتى هؤلاء النبي عليه الصلاة والسلام يحفظهم ويحفظ لهم مكانتهم.

حديث عظيم رواه البخاري عن المسور بن مخرمة أو هو من الصحابة أن أباه مخرمة قال له: "يا بني إنه بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه أقبية". يعني نوع من اللباس، إجته ملابس فهو يقسمها، عم يوزع. "فاذهب بنا إليه". فذهبنا فوجد النبي في منزله. فقال لي: "يا بني ادعُ لي النبي صلى الله عليه وسلم". يعني كل أبوي بيحكي لك تعال. "فأعظمت ذلك". يعني حسيت أنه مش مقبولة، شو؟ فقلت: "أدعُ لك رسول الله؟ بدك أروح أحكي للنبي اطلع شوف أبوي؟" الصحابي يقول: "النبي صلى الله عليه وسلم تعال عند أبي". نعم نعم. "أدعُ لك رسول الله؟ معقول أنا أروح وأقول له يا رسول الله اطلع والدي بنتظرك في الخارج؟" شوف رد مخرمة وهو ممن تأخر إسلامه. قال: "يا بني إنه ليس بجبار". أنت مش فاهم، مش فاهم محمد عليه الصلاة والسلام. هذا ليس من نوع، "إنه ليس بجبار". يعني مش من نوع الذي يأنف من أن يخرج إلى الناس. "إنه ليس بجبار". "فدعوته فخرج وعليه قباء". النبي عليه السلام خرج وعليه قطعة من هذه القطع التي جاءته. "عليه قباء من ديباج مزرر بالذهب. فقال: يا مخرمة هذا خبأناه لك". شوف الرسول عليه السلام تذكر أنه في واحد اسمه مخرمة ممن يعني تأخر إسلامه، والرسول عليه السلام احتفظ له بهذا القباء. قال: "يا مخرمة هذا خبأناه لك". فأعطاه إليه. فنظر مخرمة وقال: "رضي مخرمة". أنا مبسوط عليك. حتى هذا الرجل من الشواهد الكثيرة جداً.

أيضاً روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس. ثابت بن قيس كان من الصحابة الأطهار الأبرار الأخيار، ولكن كان رفيع الصوت، صوته جهوري هكذا خلقة يعني. فسأل طبعاً هذا في البخاري، في رواية مسلم إضافة قال: "فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ فقال: يا أبا عمرو ما شأنه ثابت؟ أشتكى من هالمرض؟" فقال سعد: "إنه لجاري وما علمته له بشكوى". يتفقد أنه مش موجود، وين ثابت يا جماعة؟ وين ثابت؟ فقال: "وما علمته له بشكوى". يعني على علمي يا رسول الله ما مرض. نعود لرواية البخاري. قال رجل: "يا رسول الله أنا أعلم لك علمه، أنا أجيب لك خبر". فأتاه فوجده جالساً في بيته منكساً رأسه. قال: "عليك حزين، حزين حزن شديد". فقال: "ما شأنك؟" فقال ثابت: "شر، شر". يعني أنا في شر. كان يرفع صوته فوق صوته. طيب هي الصحابة يستخدموا هذا اللفظ ورواتي الحديث كان يرفعه لم يكن في شيء لا تحب أن تقوله عن نفسك. فحتى في الرواية ما بتكلم بصيغة المتكلم، هي فعلين. ماذا قال ثابت؟ قال: "كنت أرفعه، كنت أرفعه صوتي فوق صوت النبي فقد حبط عملي وأنا من أهل النار". سورة الحجرات نعم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}. فهو ثابت مسكين يعني كان صوته عالي خلقة، فهو حس إن هذه الآية نزلت فيه. قال: "فقد حبط عملي وأنا من أهل النار". فأتى الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه ثابت يا رسول الله بيقول كذا وكذا. قال: "اذهب إليه فقل له إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة، ولكن من أهل الجنة". تصور ثابت بعد ما يخبر بهذا الخبر العظيم أنه الآن هو رجل من أهل الجنة يمشي على الأرض، بعد حزن عظيم خيم عليه انقلب هذا الحزن إلى فرح وسرور.

نعم، ومحل الشاهد وين؟ ثابت يا جماعة وين ثابت؟ وهذا دكتور يحتاج وقفة. عدد الصحابة الذين كانوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحن مش قاعدين نحكي عن عشر وعشرين، نحن نحكي عن مئات بل ربما في فترات معينة كانوا بالآلاف حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة. مع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد واحداً من ضمن آلاف، ثابت بن قيس يتفقده النبي صلى الله عليه وسلم. هذه ملحظ من هذا أولاً. ثانياً وقفة مع ثابت، ثابت مع هذا ما تسخط على أمر الله ولا تسخط على الآية ولا اعترض عليها ولا قال مهو أنا خلاص حبط عملي، حبط عملي ما أسوي المنكرات، أسوي المعاصي.

حديث عن قرة بن إياس المزني رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس يجلس إليه نفر من الصحابة وفيهم رجل له ابن صغير". لا نتصور مع إخوان المشهد ما أجمله. "له ابن صغير يأتيه من خلف ظهره فيقعده بين يديه". تصور مثلاً الولد بيعانق أباه من الخلف، بيصير مرجحة ليه كما يفعله الصغار، فالأب بيمسك الولد ويجلسه في حجره، يجلسه بين يديه، بيلعب مع ولده أمام النبي عليه السلام. فقال له النبي: "أتحبه؟" إيش؟ شوف جواب الرجل. قال: "يا رسول الله أحبك الله كما أحبه". يعني هذا أعلى درجات المحبة، أنا بتمنى لك أنه والله يحبك زي ما أنا أحب ابني هذا. "أحبك الله كما أحبه". قال الراوي: "فهلك". ترى كلمة هلك نحن نستخدمها عادة للتعبير عن الإنسان الكافر أو الفاجر، لا هم عندهم هلكة عادياً حتى إذا هلكة قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً قالها مؤمن آل فرعون. فهم ما كانوا يستخدمونها على سبيلهم. فامتنع الرجل أن يحضر الحلقة لذكر ابنه، يعني ابنه اللي مات. وفي هذا الطفل الصغير والده صار يربط الجلوس في حلقات النبي عليه الصلاة والسلام بالذكريات ابنه، فصار مش حابب يحضر الحلقات لأجل ذلك، لأن هذا المجلس يذكره بذكريات جميلة لكن سيتألم عليها الآن. فحزن عليه. "ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما لي لا أرى فلاناً؟ ما لي لا أرى فلاناً؟" فقالوا: "يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك". فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك. فعزاه عليه. أنا قال لهم: "فأعظم الله أجرك وأحسن عزائك". ثم قال له: "يا فلان". شوف الآن مش بس تفقد واهتمام بل وجبر الخاطر. "يا فلان، أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لا تأتي غداً إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟" يعني بتحب أنه أنت لو أن ابنك هذا عاش ثلاثين أربعين خمسين سنة لحد ما تموت أنت قبل ما يموت هو، ولا بتفضل أنه هو الآن بانتظرك في الجنة؟ الآن أنت في لك أقارب في الجنة بانتظرك عشان يفتح لك أبواب الجنة؟ طبعاً الرجل فرح. فقال: "يا نبي الله بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لي لهو أحب إلي". قال صلى الله عليه وسلم: "فذلك لك". فقال الرجل من الأنصار: "يا رسول الله جعلني الله فداك أله خاصة أم لكلنا؟" فقال: "بل لكلكم". إيش محل الشاهد؟ أين فلان؟

شاهد آخر. طبعاً إحنا دكتور تعرفنا على أسماء صحابة كثر في هذه الحلقة الماضية وفي هذه الحلقة، وسبحان الله هذا دائماً يحتاج إلى نظر كم نعرف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني سبحان الله نتعرف على أسماء جديدة.

تفقد الصحابيات

نعم، وليس الرجال فقط بل والصحابيات والنساء، كان يتفقد الصحابيات كذلك. نعم، لذلك في الحديث الصحيح أو الحسن عن بريدة بن الحصيب الأسلمي: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعهد الأنصار ويعودهم". يعني يزورهم إذا مرضوا ويسأل عنهم. "فبلغه عن امرأة من الأنصار مات ابنها وليس لها غيره". طبعاً مصيبة. "وأنها جزعت عليه جزعاً شديداً". أصابها ألم وغم وحزن شديد. "فأتاها النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه". شرح لحاله كمان أخذ الهجاه، وإن أخذ الهجاه مجموعة من الصحابة. "فلما بلغ باب المرأة قيل للمرأة إن نبي الله يريد أن يدخل يعزيها. فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما إنه بلغني أنك جزعت على ابنك فأمرها بتقوى الله وبالصبر، فأمرها بتقوى الله وبالصبر".

الآن الحديث القادم إخواننا هذا اللي بده هيك وقفة وتأمل وسأذكر فيه نصاً عظيماً في ذات القصة بعد ما أذكر الحديث، يعني وقعت على كلام جميل جداً وحقيقة أن يحتاج مننا وقفة طويلة هيك تأملية بعد الحلقة عشان ما نطيل على إخواننا. عن أبي هريرة، طيب الحديث معروف، الحديث رواه البخاري ومسلم. مرة أخرى يا جماعة والله لسنا بحاجة لحديث الضعيفة والموضوعة التي لا أصل لها، عندنا في البخاري ومسلم أحاديث عظيمة وجميلة جداً لكن نقف عندها، كنوز. هذا رواها البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد". امرأة سوداء غير معروفة، يعني ليست من أشراف قريش ولا من أشراف الأنصار، مش معروف من هي أصلاً. "تقم المسجد". يعني تنظف المسجد، تنظف المسجد، واقع حاجة هيك تروح تكنسها تطلعها برا المسجد حتى تحافظ على نظافة بيت الله. "ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأل عنها فقالوا: ماتت. قال: أفلا كنتم آذنتموني؟" مش حكيتوا لي؟ مش لازم تحكوا لي يا جماعة إنها ماتت؟ "قال فكأنهم صغروا أمرها". يعني حكوا أنا معقول إحنا عشان امرأة يعني مش معروفة بسيطة بتقوم المسجد يعني نناديك يا رسول الله؟ "قال فكأنهم صغروا أمرها". على فكرة في رواية النساء خارج البخاري ومسلم قالوا: "كرهنا أن نوقظك ليلاً". عندما يدفنوها ليلاً والنبي نائم عليه الصلاة والسلام فما حبوش يصحوه. "فقال: دلوني على قبرها. فدلوه فصلى عليها، فصلى عليها".

الآن هذا الموقف يا جماعة يحتاج وقفة طويلة، وقفة طويلة. أنا رأيت كلاماً كنت عم بطلع هذه الأحاديث المتعلقة بتفقد رسول الله فوقعت على مقال جميل وحاولت أعرف من قائله جزاه الله خيراً لم أعرف، طلبت من إخوة يساعدوني، أظن بحث حد أظن اثنين من الإخوة أن يبحثوا ما حصلوش من هذا القائل. فالمهم يعني جزاه الله خيراً. الآن صاحب هذا المقال يعبر عن هذا المشهد اللي إحنا بنحكيه كحديث عادي خلص فسأل عنها رسول الله فصلى عليها والسلام عليكم الحديث التالي. سنقف شوي. وقف. ماذا يقول؟ قال: "العالم من الناس يعرفه الجميع، يتابعون أخباره ويحفظون كلماته ويستشهدون بمواقفه، في حين أن ذلك المشهور لا يعرفه إلا القلة القليلة ممن يحيطون به ويتعاملون معه مباشرة. فكيف الأمر إذا تعلق بأعظم الرجال وأشرف الأنام وقائد الدولة ورسول الثقلين بكل ما تحمله هذه الأوصاف من مسؤوليات وتبعات وتكاليف ومشاق، ثم هو يتابع شأن أدنى الناس منزلة وأقلهم حظاً ويسأل عنه ويلحظ غيابه ويعاتب لأجله أصحابه؟" مش كان لازم تصحوا يا جماعة؟ مش كان لازم تنادوني؟ "ألا يزيده ذلك رفعة وعلواً وعظمة وبهاء؟" بيعني على عرش الكمال الذي لم يبلغه أحد. "بلى، وذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم معلم الإنسانية وقدوتها، يضرب لنا المثل الحي من خلال مواقفه وتصرفاته وأقواله وأفعاله كيف تكون الرحمة المهداة للعالمين. فلننظر إليه وهو في المدينة يسوس الناس ويسير الجيوش ويربي الأفراد ويعقد المجالس ويلتقي بالوفود ويدعو القبائل، ثم هو يلحظ أثناء ذلك امرأة من عامة الناس تلتقط الأذى من المسجد النبوي ثم ترميه بالخارج وتتعاهد المكان وتزيل الأقذار حتى يبقى بيت الله نظيفاً، ثم تغيب المرأة عن ناظري النبي صلى الله عليه وسلم قدراً يسيراً من الزمن فيفتقدها ويتوجه بالسؤال إلى من حوله عسى أن يقف منهم على خبر". إلى آخر ما قال.

حقيقة يحتاج وقفة. مدينة عجب الحياة وناس رايحين ناس جايين وجيوش ووفود ومنافقون وكفار ومؤامرات، والرسول عليه الصلاة والسلام يرى هذه المرأة من بين هذا المشهد ويفتقدها. ترى قد يقول قائل يعني هذا هذا شيء خارق، يعني الرسول عليه الصلاة والسلام يحفظ ناس بأفرادهم ويتفقدهم، هذا ليس قلب بشر عادي، ليست ذاكرة إنسان عادية. قد يكون جزء من ذلك أنه يعني هذا شيء وهبه النبي عليه الصلاة والسلام، لكن جزء آخر مكتسب. إذا نحن نعامل الناس باهتمام وننظر إليهم باهتمام واحترام، فحينئذ سنتفقد أحوالهم.

دكتور هذا يصير أحياناً مع الناس بحياتها الطبيعية، يعني إذا كنت تعمل في مؤسسة في شركة بأي كان قد تفتقد يوم حارس العمارة، قد تفتقد الآذن، قد تفتقد موظف يأتي مرة في الأسبوع. هذا التفقد له أثر كبير جداً في نفوسهم جداً. فسبحان الله لا هذا أننا نعيش بحياتنا بشكل طبيعي وتشعر بفقد فلان. طبعاً أنت لا تدقق النظر يعني لا تنتظر أن يأتي لا تنتظر أن تراه، لكن لما كان الروتين يومي وهذا الروتين ما حدث تتوقف النفس تسأل شو صار؟ شو المختلف الجديد؟ سبحان الله.

وتعليق على الكلام الذي ذكرته والأخ جزاه الله خيراً. النبي صلى الله عليه وسلم قائد دولة بكل هذه المهام بكل هذه التبعات ويسأل عن فرد من عوام الناس. هذا يقودنا لملحظ مهم: ليس دائماً الاعتناء بالأمور الكبيرة فقط لتجعل حياته متزنة ما بين الروح والجسد. نحن بحاجة أن نسأل عن هذا الفرد، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان ينظر إلى الغايات النهائية، غايات المجتمع المسلم، الفرد المسلم. وهذا تفكير نبي ليس تفكير قائد عادي، لأن كما تفضلت القادة قد يهتمون بالصفوة من الناس، النخب من الناس، يفكر هذا الغني كيف يمكن أن ينفعني في دولتي، حتى لو كان إنسان لا يريد أن ينفعني في دولتي، كيف يمكن أن ينفع بالأغنياء، بالفصحاء، برؤساء القبائل كما تفضلت. النبي عليه السلام يعامل كلاً كإنسان مسلم له احترامه وله قدره.

من الشواهد عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف على تفقد النبي عليه السلام قال: "مرضت امرأة". برضه امرأة، مرضت امرأة من أهل العوالي، امرأة غير معروفة. "وكان النبي أحسن شيء عيادة للمريض". فقال: "إذا ماتت فآذنوني". واضح أنه كان مرضها ثقيل. "فماتت ليلاً فدفنوها ولم يعلموا النبي صلى الله عليه وسلم. فلما أصبح سأل عنها فقالوا: كرهنا أن نوقظك يا رسول الله. فأتى قبرها وصلى عليها وكبر أربعاً". طبعاً أيضاً في رواية عن نفس الحادثة: "وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المساكين". يعود المساكين، الناس للمساكين، يزورهم إذا مرضوا.

في غزوة تبوك كم كان عدد الذين خرجوا من المسلمين لغزوة تبوك يا دكتور مهند؟

فيما أعلم عشرة آلاف، ثلاثون ألفاً فيما أعلم والعلم عند الله.

تبوك كانت أكثر حشد، حشد من المؤمنين. تصور النبي عليه السلام طالع مع هذه الحشود الآلاف المؤلفة فيفتقد صحابياً فيقول: "ما فعل كعب بن مالك؟" جمع وين كعب بن مالك؟ هذا الحديث طبعاً رواه البخاري أيضاً.

الرسول عليه الصلاة والسلام من عنايته بالناس كان يعطي كل جليس حقه حتى يحس الجليس أنه واضح الرسول بيحبني أكثر واحد، يقبل عليه، يتألفه، يخاطبه، فبحس أنه له مكانة عالية في قلب النبي عليه الصلاة والسلام. القصة التالية أقدم فيها بما يبين حلم النبي وعفوه وحكمته بعدين نربطها بهذه القضية، مسألة أن يعطي لكل جليس حقه. الحديث رواه مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "فلما جعل الله الإسلام في قلبي". طبعاً عمرو بن العاص كان شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وكان ممن أرسلت قريش إلى الحبشة ليؤلب على الصحابة الذين أووا من شر قريش إلى هناك، ومع ذلك أوقع الله الإسلام في قلبه، يهدي من يشاء سبحانه وتعالى. قال: "فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فالأبايعك، ابسط يمينك فالأبايعك". يعني مد إيدك يا رسول الله علشان أبايعك على الإسلام، كانت المبايعة بالسلام، بالسلام. "فبسط يمينه". تصوروا معي المشهد. "فبسط يمينه". مد النبي يده. "فقلت: ما لك يا عمرو؟" ماذا قال النبي؟ قال: "ما لك يا عمرو؟" قال: "أريد أن أشترط". تشترط؟ تصور هذا. تشترط على رسول الله عليه الصلاة والسلام. هو أصلاً الآن وحيد بين أصحاب النبي عليه وسلم وبإمكان النبي أن يفتك به. ومع ذلك بقول بدي أشترط. فقال عليه الصلاة والسلام: "ما تشترط؟" قال: "أو تشترط بماذا؟" قال: "أن يغفر لي". أنا بدي أدخل بالإسلام بدي أنكت عني سيئاتي، بدي صفحة بيضاء. سبحان الله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما علمت يا عمرو أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله؟" يعني أبشر. إسلامك سيمحو ماضيك كله. يا. فطبعاً مد يده فصافح النبي عليه السلام وبايعه على الإسلام.

لنلاحظ هذا التعامل ماذا كان له من أثر في قلب عمرو بن العاص رضي الله عنه. الحديث رواه مسلم. يقول بعد أن حدث بقصته هذه قال: "وما كان". ما علاقة هذه القصة بما سبق؟ إلا أننا حكينا النبي عليه السلام كعب بن مالك، حكينا كعب بن مالك، لكن القضية الآن لماذا ذكرت قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه؟ جبناها بمقدمة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعطي لكل جليس حقه حتى يحس الجليس أنه أنا أكيد لي حظوة ومكانة عند النبي عليه الصلاة والسلام. فعمرو بن العاص كان من هؤلاء. فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ظناً أنه يعني أحب الناس. في الحديث قال: "كان رسول الله". عمرو بن العاص قال: "كان رسول الله يقبل بوجهه وحديثه على شر الناس يتألفهم بذلك". يعني حتى لو كان إنسان شريراً كان الرسول يبتسم في وجهه ويتكلم معه عشان يكسر هذا الشر في نفسه، عشان يتألفه، عشان يحيي قلبه. قال: "فكان يقبل بوجهه وحديثه عليّ حتى ظننت أني خير القوم، حتى ظننت أني خير القوم". قلت: واضح الرسول بيحترمني شكل أنا أحسن واحد في الجالسين. فقلت: "يا رسول الله أنا خير أو أبو بكر؟" هو إيش متوقع الجواب؟ هو هو على الأغلب هو أنا. فقال: "أبو بكر". النبي عليه الصلاة والسلام رحيم وطيب المحيا لكن ما بكذب، صادق عليه الصلاة والسلام، صادق تماماً. فقلت: "يا رسول الله أنا خير أو عمر؟" قال: "عمر". قلت: "يا رسول الله أنا خير أو عثمان؟" قال: "عثمان". قال: "فلما سألت رسول الله فصدقني فلوددت أني لم أكن سألت". يا ريتني ما سألت. لكن محل الشاهد أي تعامل هذا الذي جعل عمر حديث الإسلام يحس أنه صاحب الحظوة الأولى والمكانة الرفيعة عند النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. ترجمة الرسول بهذا التعامل يوصل لكل شخص ذكراً وأنثى، صغيراً وكبيراً أنه أنت مهم، أنت لك مكانة، أنت لك حظوة، أنت محبوب للرسول عليه الصلاة والسلام. وهذا يعني أنا لي درس بعنوان "أنت مهم" أعطيته في الجامعات أو في بعض الملتقيات، أظن أنه يعني مهم درس "أنت مهم" وإن شاء الله ننشره قريباً. هذه رسالة مهم جداً تصل للفرد المسلم حتى يعني يشعر بقيمته عند الله عز وجل وهذا يعينه على التزام أمره سبحانه وتعالى.

تفقد الأطفال

تصور مش بس مع الذكور والإناث بل مع الأطفال كمان. مع الأطفال. وهذا حديث رواه البخاري، حديث عظيم جداً ومؤثر. نعم، رواه البخاري عن أمة اسمها أمة، أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص، بنت أحد الصحابة. قالت: "أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء". قال: "من ترون نكسوها هذه الخميصة؟ من ترون نكسوها الخميصة؟" يعني يا جماعة هذه الخميصة مناسبة لمن؟ هذه لمن؟ "فأسكت القوم". ما عرفوا يردوا عليه الصلاة والسلام. قال: "ائتوني بأم خالد، ائتوني بأم خالد". هذه كانت طفلة صغيرة، يحمل طفلة صغيرة، يكنيها. نعم. "فأتي بي النبي فألبسنيها بيده". تصور النبي عليه الصلاة والسلام جابها لبسها الكم، لبسها الكم، زررها الأزرار ولبسها اللبس بيده عليه الصلاة والسلام. وقال: "أبلي وأخلقي، أبلي وأخلقي". يعني هذا دعاء، الله يجعلك تلبسي وتهري وتلبسي وتهري، يعني يدعو لها بالبركة في العمر، تهري بالعافية، تلبس وتهري، تعيشي طويلاً. قال: "فجعل ينظر إلى علم الخميصة". يعني إلى ألوان وزركشات في الخميصة. "ويشير بيده إليّ ويقول: يا أم خالد هذا سنة، يا أم خالد هذا سنة". سنة بلغة الحبشة. أم خالد وين نشأت؟ في الحبشة، هي كانت هاجر بها والدها إلى الحبشة فنشأت في الحبشة فتعلمت لغة القوم. فسنة في لغة الحبشة جميلة. زي ما يحكي لأولادنا شوف ما أحلى. فالرسول بيلبسها الملابس بيده يقول: "يا أم خالد هذا سنة". بيلعبها، بيلاطفها. فأم خالد هذه قال إسحاق: "حدثتني امرأة من أهلي أنها رأته على أم خالد تلبسها الخميصة وتلبسها بتكرار حتى عمر متقدم عشان بركة ذلك الموقف مع النبي عليه الصلاة والسلام". فتصور أنه مش بس الذكور والإناث الكبار حتى الأطفال يحفظهم، يكنيهم، يناديهم، يلبسهم، ويدعو. يقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير؟" يتفقد عصفوره الطفل. سبحان الله.

وهذا كما تفضلت في البداية دكتور مهند أنه بخلاف ما يفعله عامة المشاهير، الناس بتابعوا أخبارهم وحياتهم ومواقفهم وهم لا يكادون يعرفون إلا عن قلة من المتابعين أو من الدائرة المقربة. طبعاً هنا قد يقول البعض في نفسه: أي واي دكتور إياد وقعت في أعمالك، نحن رسلناك رسالة قبل شهر ورسلت لك على الواتس وبعدت لك تعليق على ليش بتردش؟ ترى إخواننا يعني أشهد الله سبحانه وتعالى أنه ليس كبراً إن شاء الله. أهم شيء أي داعية أو متصدر من من يتابعه كثير من الناس ألا يكون ذلك كبراً. لكن في الوقت ذاته لابد لأي داعية أن يوازن. يعني قد تجد من الدعاة من يهتم برسالة جاءته من هناك وبشكوى جاءته من طرف آخر وثالث يريد أن يتصل به ويهمل ماذا؟ يهمل بيته، يهمل بيته. فالإنسان بيحاول يوازن والله المستعان. الضغوطات كثيرة لكن يعني فليعلم إخواني أنني والله أعتقد أن فيه من هو خير مني عند الله سبحانه وتعالى وأقرب مني إلى الله سبحانه وتعالى، فليست المسألة ترفعاً كبراً على أحد، لكن من قبيل محاولة إدارة الله يرضى. يعني هي الواحد عنده مشاغل كثيرة والضغوط كثيرة على الإنسان.

الإخوة كذلك يراعوا إن شاء الله يعني انشغالك في عدم الرد أحياناً على الرسائل خاصة حين الرسائل الطويلة اللي بدها يعني كلام طويل جداً. نعم نعم. سبحان الله هذا يعني النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه تفقداً عظيماً، رجالاً ونساءً وصبياناً عليه الصلاة والسلام. ومع ذلك ويدير المسألة كلها بجميع تفاصيلها. سبحان الله.

طيب هل كانت إدارة النبي صلى الله عليه وسلم هي فقط إدارة عامة ولا كان يعمل معهم كذلك؟ لكن هل كان يخالطهم خلطة عمل؟ ولا كان فقط مجرد كلام ولقاء ودرس ونصيحة؟

كان يخالطهم في أعمالهم. لذلك من الشواهد لما بنوا المسجد النبوي. طبعاً هناك رواية لا تصح لأن قعدنا والنبي يعملوا لذاك من العمل المضلل وهذه لما تثبت، ولكن ثبت أنه عليه الصلاة والسلام مر بهم وهم يعملون في بناء المسجد. قالوا: "نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً". فقال عليه السلام: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة". فكرة هذا بيت موزون ولا مش موزون؟ هل هذا بيت شعري ولا ما بيصح؟ بعضهم قال هذا ليس بيتاً شعرياً حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الشعر أصلاً. نعم، يعني سبحان الله النبي عليه السلام ما حاول يقول شعر وقال الله فيه: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ}. فهو ما حاجته إلى الشعر إن كان يتحدث الوحي سواء الوحي للقرآن أو بما علمنا إياه عليه الصلاة والسلام من سنته. فرد عليهم: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة".

أيضاً عليه الصلاة والسلام مر بعمار بن ياسر، كان الناس يحملون لبنة لبنة، طوبة طوبة، هم يبنوا المسجد النبوي. كان عمار يحمل لبنتين لبنتين. فمر النبي به ومسح عن رأسه التراب. شوف يعني حتى مخالطة ومساعدة ومسح عن رأسه التراب عليه الصلاة والسلام. طبعاً نعرف أيضاً أنه لما حفروا الخندق استعانوا به عليه الصلاة والسلام: يا رسول الله في صخرة مش قادرين، أعيتنا. فنزل وضربها بيده عليه الصلاة والسلام. فمخالطة المخالطة كانت موجودة. يأكل معهم عليه الصلاة والسلام. وبالتالي نعم موجود معهم في أعمالهم، موجود معهم في حياتهم اليومية.

طيب سؤال استطرادي شوي بمعرفتك دكتور إياد لهذه النصوص، نعم وأظن أنك حريص على تطبيق جزء منها في حياتك بالذات مثلاً أنت كأكاديمي مدرس في جامعة، هل شعرت بأثر هذا على الطلاب عندما تتعامل مع طالب بهذا التعامل، عندما تأخذ بيد طالب يأتيك فيسألك سؤال تعطيه اهتمام، ما أثر هذا على الطالب نفسه؟

ذكرتني بموقف في أحد السنوات، يعني أنا كأكاديمي أحسب أنني أبذل جهداً كبيراً وأحرص على نفع طلابي، فأحياناً أصاب بما أسميه قرحة عاطفية بعد تصليح امتحانات الأولى وامتحاناتي صعبة أنا معروفة يعني على مستوى الشرق هكذا أحسب يعني هل يأخذوا عندك ولا يأخذوا يعني يأخذوا بيستفيدوا بس امتحانات الله المستعانة بيستفيدوا إن شاء الله. فكنت يعني أحياناً أعبر عن استيائي وأنه يا جماعة الكلام بخسارة التعب لتعبناه معاكم. في سنة من السنوات ما عبرت عن قرحة العاطفية وإنما ذكرت لهم قصة هيروشيما وناجازاكي هذه كنت تكلمت عنها في أحد المقالات وقلت لهم يعني معقول هؤلاء لا يؤمنون بالله عز وجل ولا بالنبي عليه الصلاة والسلام ومع ذلك ينهضون ببلادهم وأنتم اللي تسمعوا وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون تسمعون احرص على ما ينفعك أنتم تخفقون هذا الإخفاق. فأحسست أن الكلام أثر فيهم حقيقة. ثم أتيت بالذين رسبوا معي في الفصل الماضي، ما شاء الله بنتقل معكم في فصل الفصل. نعم في ناس ملازمين. فأعلنت إعلان عام قلت لهم اللي رسب معي في الفصل الماضي في هذه المادة و يعني رح أصلح له رح أصلح له الامتحان مباشرة بعد الفراغي منه وإذا جاب علامة نجاح رح أهديه هدية. ورحت لمخبز قبلان في بيادر وادي السير وآتيت بعلب بيتفور بسيطة يعني كل علبة يمكن من حبة وخذتهم معي على امتحان الفاينال. والله لمست الأثر وبالفعل طبعاً أنه كنت يعني مهيئهم من أول أنه ترشدوا همتكم إن شاء الله أنه ما بتخفقوا ما إلى ذلك. وعدد منهم من الذين كانوا قد رسبوا أدوا أداء أفضل حتى بتذكروا واحد منهم لما حكيت له خلاص ناجح توكل على الله قال دكتور ممكن أطلب منك طلب؟ قلت له تفضل. قال بدي أبوسك. تعال يا سيدي. فإشعار الشخص بالاهتمام أنه مهتم بك تنجح، مهتم بك تتفوق، مهتم بك أنه تجبر كسرك هذا بلا شك له أثر عظيم في النفس. مرة أذكر كنت أنا وياك صلينا في مسجد بعد الصلاة لا نف