السلام عليكم ورحمة الله.
لماذا نتكلم عن إعلان الخلافة؟
لا بد أن يفهم الاندفاعيون العاطفيون لماذا نتكلم عن إعلان الخلافة. لو كان الإعلان سيتبعه مواجهة تنقض أركان النظام الدولي وأذنابه من أنظمة العمالة في المنطقة، لما كلفنا أنفسنا ببيان أن ما قام ليس خلافة، ولانشغلنا عن الموضوع بأخريات أولى منه.
فبلاد المسلمين تعيش في حالة من الذل والهوان والتعاسة والانحطاط، والتعرض لعربدة الكفار واحتقار كرامة المسلم، قد نزلت في ذلك إلى درك ليس دونه قعر. فإن جاء من يشغل النظام العالمي وأذنابه عن التمتع بإذلال الشعوب المسلمة، فلن نعيق طريقه وإن كان ظالماً. ولتقطع حناجرنا قبل أن نستخدم يوماً لتثبيت عروش الطغاة بدعوى أنهم أهون من غيرهم، بل نسأل الله لهم الفناء يوم لا تبكي عليهم أرض ولا سماء.
لكننا نتكلم عن هذا الإعلان عندما يُبنى عليه نتائج باطلة لا تزيدنا عن النصر المنشود إلا بعداً. فلزم بيان بطلان الأصل الذي بنيت عليه هذه الفروع والنتائج الباطلة.
النتائج الباطلة المترتبة على الإعلان
وسنذكر هنا اثنتين من هذه النتائج التي أعلنت صراحة أو أطلقت إطلاقات تفتح المجال لها:
1. شق الصف في الساحات الجهادية
هذا يعني شق الصف في الساحات الجهادية وإضعافها بدعوى باطلة، وليس جمع الكلمة كما يتوهم المفتونون بالشعارات.
2. التنزيل الخطير للنصوص النبوية
ثانياً: التنزيل الخطير لنصوص نبوية في غير محلها، مثل: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه". والحديث رواه مسلم. والجماعة هنا هي الأمة، ففي الحديث الصحيح أيضاً: "من خرج على أمتي وهم جميع فاقتلوه كائناً من كان".
فكأن بعض ضعاف العقول يدعون أن أمر الأمة قد اجتمع على من ادعى الخلافة له، وأنها آلت إليه بشكل شرعي، ثم رتب عليها مشروعية قتل من شق الصف. وما تعريف شق الصف في هذه الحالة متروك لاجتهاد كل أحد، والضوء الأخضر معطى بفقء هامته بالرصاص واستخراج ما فيه ولا كرامة. إطلاقات حماسية عاطفية تصير بيئة خصبة لتطبيقات شائنة. ففي اجتهاد بعض الجهال سيكون من رأى هذه الجماعة على غير... بدأ البعض يلوح لي بحديث: "فاقتلوه كائناً من كان" لأني بمقالي أشق الصف حسب فهمه المريض.
إشكاليات مركبة
إشكاليات مركبة: إشكالية في ترك تعريف شق الصف مفتوحاً وترتيب القتل عليه، بنيت على إشكالية في ادعاء استحقاقات الخلافة التي لا يستحقها إلا من آلت إليه خلافة حقيقية بشكل شرعي كما سنبين بإذن الله تعالى. فكيف إذا انضم إلى ذلك التركيز في الإعلان على الصحوات والمرتدين بمفهومهم الفضفاض جداً أيضاً؟ وإلا لو انحصر الحديث في مواجهة النظام الدولي وعملائه لما تكلمنا، ولقلنا فلتأخذ الخلافة المدعاة فرصتها، بل وجب إعانتها.
الإعلام الغربي وتشويه مفهوم الخلافة
الآلة الإعلامية الغربية تتناقل كلمة الخلافة مقرونة بمن أعلنها، وتسعى لإلصاق الممارسات الخاطئة بمفهوم الخلافة ذاته تشويهاً له. والذين يصدقون اليوم أن خلافة قامت سينتكس كثير منهم غداً إن لم ينجح هذا النموذج. لذا إخوتي فالأمر دين وليس عواطف، الأمر دين وليس عواطف ندغدغها.
نصيحة للجماعة المعلنة
وقد أعلنت دولة من قبل فسكت الفضلاء على اعتبار أن هذا إعلان يرفع المعنويات ويرهب العدو، فإذا به يبنى عليه ظلم للقريب وشماتة من العدو. فما يسوء الجماعة المعلنة لهذا الإعلان لو حكمت بشرع الله وتحرت العدل فيما سيطرت عليه من البلاد، وردت المظالم، وجاهدت من يليها من الكفار الكفار حقاً؟ ما يسوءها لو تركت غيرها يجاهدون ويقومون على الثغور ولم تلزمهم بما ليس لها أن تلزمهم به؟ ما يسوءها لو أنها تضرب رأس الأفعى ولا تنشغل عنه بمن تسميهم صحوات أو شاقي الصف؟ فإن فعلت لأعانت بذلك على أن تصير للمسلمين خلافة حقاً.
خاتمة
هذا سبب الحديث في الموضوع، وإلا فلسنا معنيين أبداً بإحباط أي سعي نحو عزة الأمة وتمكينها وجهاد عدوها، وإنما ننصح فيما نراه يحرف عن هذا الهدف إلى ضده. اللهم ألف بين قلوب المسلمين واستعملنا في إحياء خلافة على منهاج نبوة. والسلام عليكم ورحمة الله.