→ عودة إلى مرئيات

ما هذه القصة التي تتكرر في الأقصى ؟!

١٧ أبريل ٢٠٢٢
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

مشهد يتكرر في الأقصى

مشهد يتكرر، محاولة الاحتلال والمستوطنين اقتحام المسجد الأقصى، وأهلنا المسلمون في فلسطين يتصدون لهذا الاقتحام. هنا يتساءل الكثيرون: لماذا هذا كله؟ لماذا يتصدى أهلنا في فلسطين ويعرضون أنفسهم للضرب والاعتقال والطلقات المطاطية، بل والقتل أحياناً؟

ثم ألا يستطيع الاحتلال أن يحسم الأمر فيمنع دخول كل المصلين من المسلمين إلى المسجد الأقصى، ويطرد الموجودين فيه ويعتقلهم، ويفعل ما شاء بالمسجد الأقصى؟

أهداف الاحتلال من المسجد الأقصى

شوفوا يا إخواننا، الاحتلال له هدف نهائي وأهداف مرحلية. الهدف النهائي هو إحداث الهدم في المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم. تصرف كبير كهذا يحتاج خطوات تدريجية:

  1. أول شيء، يدخل المستوطنون وجماعة الهيكل إلى باحات المسجد.
  2. ثم يدخلون إلى المسجد ليؤدوا طقوسهم الدينية وصلواتهم التلمودية وسط حراسة مشددة.
  3. ومن ثم يسمح لهم بالصلوات الصامتة كما هو قرار المحكمة قبل أشهر.
  4. ثم يسمح بالصلوات العلنية.
  5. ثم المأمول بالنسبة للاحتلال أن يألف المسلمون هذا المنظر، يألفوه وتقل المقاومة له، فتقل الحاجة للحراسة المشددة للمستوطنين.
  6. ثم يقومون بتقسيم الأقصى مكانياً وزمانياً كما فعلوا بالمسجد الإبراهيمي، يعني: أنتم يا مسلمون لكم هذا الجزء ونحن لنا هذا الجزء، أنتم لكم هذه الأوقات ونحن لنا هذه الأوقات.
  7. ثم يتوسع المكان المخصص لليهود على حساب المخصص للمسلمين، وكذلك تزداد أوقاتهم على حساب أوقات المسلمين.
  8. ثم هدم المسجد وبناء الهيكل.

فهم أهل فلسطين للمخطط

أهلنا في فلسطين يفهمون ذلك جيداً، ويعلمون أن التهاون مع أول الأمر يؤدي إلى استكمال خطوات مشروع الاحتلال وفقدان المسجد الأقصى. عندما تعلن جماعة الهيكل أنها ستدخل ساحات الأقصى لأداء الصلوات التلمودية، وهذه السنة أضافوا أمراً جديداً وهو تقديم القرابين. إخواننا يعلمون جيداً أن هذه الخطوة إذا مرت بهدوء فستشجع الاحتلال على استكمال خطوات المشروع. ولذلك ترى إخواننا يستبسلون ويعرضون أنفسهم للحبس والضرب وأحياناً للقتل للدفاع عن مسرى نبينا صلى الله عليه وسلم.

لماذا لا يحسم الاحتلال الأمر بالقوة؟

طيب، ألا يستطيع الاحتلال الحسم؟ كيف؟ بأن يمنع دخول أي أعداد جديدة ويجبر المرابطين في الأقصى على الخروج بالقوة مهما كلف ذلك من أذية ودموية.

في الواقع إخواني، الأمر ليس بهذه السهولة. فالاحتلال له مشاريع أخرى غير الأقصى، فهو يسعى إلى أن تنفتح عليه المنطقة وتتقبله الشعوب. يسعى إلى تدمير اقتصاديات الدول المحيطة به وعقد الصفقات مع حكوماتها، والتي بموجبها تدفع له الأموال الطائلة من أموال الشعوب، وتفقر شعوب المسلمين وتذل، ويقضى على المشاريع الزراعية والحيوانية والصناعية، حتى يتحول أبناء المنطقة إلى عبيد عند الاحتلال ووكلائه، ويسرح هو ويمرح دون كبير مقاومة.

الاحتلال حريص على أن يكتسب شرعية موهومة، لأنه إذا فرض أجندته بالقوة دائماً فسيؤجج حالة الغليان ضده، ويهدد المحيط الآمن الذي ينعم به، ويزيد عملاءه وأولياءه سقوطاً من عيون الشعوب المسلمة عندما يرون أن هؤلاء العملاء لا عمل لهم إلا حماية الاحتلال وتمكينه من ثروات ورقاب المسلمين، بحيث إذا فتح أبناء البائع فمهم في يوم من الأيام، قيل لهم: أبوكم اشترى، وقبض الثمن، وتنعمتم بالمال، فاخرسوا.

كذلك في حال الأقصى، الاحتلال يطمع في أن يتعوّذ المسلمون ويملّوا ويستسلموا وينهكوا من كثرة الجراح والحبس والإفقار، بل والقتل الممنهج.

صمود الشعب الفلسطيني

والحقيقة إخواني أنه لو أصاب شعباً آخر من شعوب المسلمين ما أصاب إخواننا في فلسطين، لربما استسلم من زمان، وباع الأراضي من زمان، وهدم الأقصى من زمان. لكن سبحان الله، ترى في هذه الأرض المباركة شعباً أبياً شجاعاً يعظم شعائر الله، شعباً أعزل محاصراً من الاحتلال ومع ذلك يقف وحيداً في الدفاع عن الأقصى وسط شعوب تحتفل كل عام بعيد الاستقلال. شعب فلسطين شعب كريم نبيل، على الرغم من كثرة الحثالات التي تطعنه في ظهره من أولياء الاحتلال وأذنابه في الداخل والخارج.

دور الدعم العالمي

لا يريد الاحتلال أن يستخدم القوة دائماً في تنفيذ أجنداته لكي لا يخسر الدعم العالمي له، فهو حريص على أن يعطي للمتآمرين في النظام الدولي ذريعة أمام شعوبهم في استمرار الدعم للاحتلال وإمداده بالغطاء القانوني والسلاح.

الاحتلال يا كرام أجبن مما يتصور كثيرون وأضعف مما يتصور كثيرون، وقد ظهر ذلك قبل عام من الآن في رمضان الماضي، حين تزعزع كيان الاحتلال وتزلزل من صواريخ بسيطة.

المطلوب منا كمسلمين

طيب، أمام هذا كله ما المطلوب منا نحن كمسلمين؟ فإذا تقدم خطوة ورأى موهات في الأمة وكل واحد منشغل بنفسه وهمومه، فهذا سيشجعه على الاستفراد بأهلنا في فلسطين وقمعهم والسير قدماً في مشروع تدمير الأقصى. إشعال القضية والحديث عنها يجعل الاحتلال ينكمش ويؤخر، عسى الله أن يأتي بأمر من عنده قبل أن يتم لهؤلاء ما أرادوا.

وتذكروا مرة أخرى أن القضية ليست الأقصى فحسب، بل استعباد المسلمين وإذلالهم من مقاصد الاحتلال كما ذكرنا.

المطلوب يا كرام أن نفضح الخونة الذين يوالون الاحتلال ونشير لهم بأصابع الاتهام. لا تدعوا مواقف من يسارعون للتطبيع مع الاحتلال ويفتحون له الآفاق ويتراكضون لنيل رضاه، لا تدعوا ذلك كله يمر دون تعليق والاستنكار، فإنه يعني لأعدائكم أنكم متم ومستعدون لمزيد من الإذلال.

الرد على المتخاذلين

ولمن يقول: طيب يا أخي خليهم يصلوا في الأقصى ويبنوا الهيكل ونخلص من هذه القصة، ماذا يعني لو حصل هذا؟ أقول له: ابكِ على نفسك فقد مات قلبك، وأعداؤك انتزعوا منك الكرامة وروضوك. إن كان يأتيك هذا الشعور فاسكت واستر على قلبك الذي عدم تعظيم شعائر الله وما عظمه الله.

ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. وتذكر قول ابن القيم في أمثال من يقول هذه المقالة: "وأي دين وأي خير في من يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يرغب عنها وهو مع ذلك بارد القلب ساكت اللسان شيطان أخرس، كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق".

نسأل الله أن يحفظ المسجد الأقصى ويؤيد إخواننا المرابطين فيه ويجعل لهم ولنا ولأمة الإسلام فرجاً قريباً ومخرجاً.

والسلام عليكم ورحمة الله.