محاربة المشروع الإسلامي بسوريا
السلام عليكم ورحمة الله.
ما هو الموقف من الائتلاف الوطني السوري؟
تحليل الموقف الدولي تجاه الأزمة السورية
إخواني، المتابع للأحداث يرى بوضوح أن العالم الغربي ومعه الكيان الصهيوني كان راضياً بل داعماً في الحقيقة للمجازر ضد الشعب السوري المسلم. أكثر من سنة ونصف والنظام النصيري المجرم يقتل ويغتصب ويعذب ويشرد، والمجتمع الدولي لا يحرك ساكناً إلا بتصريحات خبيثة تتركز حول:
- الاستياء من ظهور فصائل مجاهدة نقية تسعى بعد التخلص من الأسد إلى إقامة حكم إسلامي.
- تصريحات تخشى من وقوع الأسلحة الكيمياوية في أيدي المجاهدين ومن تهديدهم للكيان الصهيوني.
- تصريحات تخشى من أن يتسبب طول أمد الصراع في سوريا إلى اكتساب هذه الفصائل المجاهدة شعبية وتأييداً كبيراً لدى الشعب السوري.
لذا فقد عمل المجتمع الدولي خلال هذه الفترة على تشكيل كيان سياسي عسكري، لا ليسقط به نظام الأسد فهذا النظام ساقط لا محالة، بل ليمنع به قيام كيان إسلامي نقي بعد الأسد. وتدخل المجتمع الدولي في بعض الأحيان للإبقاء على الأسد إلى حين ضمان تبعية هذا الكيان وإنهاك الشعب السوري والفصائل المقاتلة لترضى بتقديم التنازلات.
وعندما أصبح الوقت مناسباً وتنامت الظاهرة الجهادية في سوريا وكادت تقطف الثمرة، إذا بالمجتمع الدولي يطل علينا بما يسمى الائتلاف الوطني السوري.
أهداف الائتلاف الوطني السوري
ما الهدف من تشكيل هذا الائتلاف؟
1. أن يصبح دمية جديدة
يراد لهذا الائتلاف أن يصبح دمية جديدة مكان النظام النصيري، تضمن به القوى الغربية مصالحها في المنطقة، ويضمن به الكيان الصهيوني استمرار دور تأمين حدوده الذي مارسه النظام النصيري لأكثر من أربعين عاماً.
هذا إخواني ليس توقعات ولا تحليلات، بل هو منطوق تصريحاتهم. فها هو رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يقول أول أمس الأربعاء أن بلاده تواجه تحدياً جديداً في سوريا لوجود قوى تابعة للجهاد العالمي أكثر عداءً لإسرائيل في هذا البلد، يعني من العداء الذي تظاهر به نظام الأسد من قبل. ولهذا قامت المدفعية الصهيونية بقصف قوات مقاتلة سورية يوم الأحد الماضي كانت تحاصر قوات للأسد وتتفاوض معها على الاستسلام، فتدخلت المدفعية الصهيونية لفك الحصار عن قوات الأسد.
2. إنشاء دولة ديمقراطية غربية التبعية
يراد لهذا الائتلاف أن ينشئ دولة ديمقراطية بالاسم، غربية التبعية في الواقع، لتفويت الفرصة على المجاهدين الذين يسعون إلى تكليل جهاد الشعب السوري بإقامة دولة إسلامية. لذا فقد أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الثلاثاء الماضي أن فرنسا تعترف بالائتلاف السوري الوطني وأن الغرب لا يحسب حساباً لهذا هو في غاية الغفلة عن الواقع، وقد أصابته لوثة العجز وعقدة النقص والضعف واليأس التي يراد تكريسها في نفوس المسلمين.
3. محاربة المجاهدين وتصفيتهم
وهو الأهم، الدور الأهم لهذا المجلس. يراد لهذا الائتلاف أن ينوب عن القوى الغربية في مقاتلة المجاهدين وتصفيتهم.
الصورة المراد رسمها
فالصورة التي يراد رسمها الآن على النحو التالي:
تشكل ائتلاف من قوى معارضة لنظام الأسد. هذا الائتلاف يتمتع بالشرعية الدينية والاجتماعية، إذ على رأسه شيخ وابن شيخ صاحب خطاب ديني ومن عائلة عريقة لها مواقفها. المهمة المعلنة لهذا الائتلاف هي الإطاحة بنظام الأسد ووقف المعاناة الطويلة للشعب السوري. مهمة عظيمة صعبة لا تستغني عن الدعم الدولي. يزعم المجتمع الدولي على استعداد لتقديم هذا الدعم، لكنه قلق من وجود عناصر متطرفة قد تسيء استخدام هذا الدعم.
إذن سيدعو هذا الائتلاف الفصائل المجاهدة إلى الانضواء تحت رايته والتخلي عن بعض طروحاته المقلقة للمجتمع الدولي. طبعاً لن تقبل هذه الفصائل بهذه الشروط. عدم قبولها تمزيق للصف وتفويت للفرصات التاريخية من تحصيل الدعم بزعمهم. إذن ففي عيون الشعب سيصبح وجود هذه الفصائل هو العقبة الكأداء أمام النضال في سبيل الحرية. وجود هذه الفصائل هو السبب في استمرار معاناتهم. بل إن النظام النصيري مستفيد من وجود هذه الفصائل لأنها تطيل بقاءه وتنفر المجتمع الدولي عن المساعدة في محاربته.
إذن ما الحل؟ الحل هو في التخلص من هذه الفصائل المجاهدة. لكن لها حضوراً وشعبية لدى الشعب المسلم. إذن لا بد من حملة لتشويه صورة هذه الفصائل الجهادية والقيام بعمليات دموية إرهابية ونسبتها إلى الفصائل الجهادية، وافتعال المناوشات بينها وبين أتباع هذا الائتلاف الجديد، وإظهارها على أنها تركت الحرب ضد الأسد وتوجهت لتكفيري وتفجيري أتباعي ومؤيدي هذا الائتلاف. هذه الصورة التي يراد رسمها وإقناع الناس بها.
تصريحات القيادات الغربية
هل ما أقوله إخواني هو استنتاجات وتشاؤم وسوء ظن؟ بل هو عين ما تصرح به القيادات الغربية بكل وقاحة.
فهذا هو أوباما، ها هو أوباما يصرح بأنه يمتنع عن دعم الائتلاف لوجود عناصر متطرفة على الأرض في سوريا. إذن ما المطلوب حتى يسمح بالتسليح؟ التخلص من هذه العناصر. وهو أول أمس الأربعاء 14-11-2012 يقول هو: "أننا لا نضع بشكل غير مباشر الأسلحة في أيدي مجموعة ستضر الأمريكيين أو الإسرائيليين أو ستشترك في أعمال تضر بأمننا القومي".
طبعاً هؤلاء يسمون المجاهدين عناصر مندسة، وإلا فهم يعلمون أنهم نبض الشارع السوري ويحظون بتأييد شعبي متنامٍ، وإلا لما خافوا من وجودهم. وقد عبر رئيس الائتلاف الجديد الشيخ الخطيب عن ذلك إذ قال في أول تصريح له السبت الماضي: "اليوم اعترفت الولايات المتحدة بالائتلاف ممثلاً وحيداً للشعب السوري، ولكنها علقت ذلك على تأكدها من أن الائتلاف يمثل الشعب السوري حقيقة. هذه لحظة تاريخية أرجو الله أن لا نخذلكم فلا تخذلونا أرجوكم". يخاطب الشعب. "أريد أن يكون شعار الجمعات القادمة: يا أوباما لا تخاف كلنا مع الائتلاف، يا أوباما لا تخاف كلنا مع الائتلاف". ثم يبدو أن بعض من حوله أطلعوه على أن هذا شعار مبالغ في الانبطاحية وإظهار التبعية، فغير الشعار إلى: "يا أوباما اسمع اسمع كلنا مع الائتلاف".
وقال في هذا الخطاب أيضاً: "نريد أول شيء أن نتوحد ولا يأتي شخص بتصريح على فضائية يخرب كل شيء ويعطي انطباعاً أننا متمزقون". إذن أصبح هو وجماعته الممثل الشرعي الوحيد، ومن يصرح بأي شيء خارج عن السياسات الغربية فهو مخرب خرب كل شيء ومزق شمل الشعب السوري. سبحان الله!
وظهرت التبعية وتنفيذ المخططات واضحة في قول هذا الرئيس للائتلاف في أول خطاب له: "أريد لافتات فيها شكر للرئيس الفرنسي، ولافتات الشعب السوري واحد، ولافتات عليها لا تطرف لا إرهاب. افهم افهم يا حباب. أريد أن تظهر تبعية الشعب السوري وأن لا تكون هناك تطرفات في أفكاره". إذن شكر لفرنسا وتطمين لأوباما وتبرؤ من التطرف والإرهاب. من الذي يعرف التطرف ويحكم على فصيل بأنه إرهابي؟ طبعاً أوباما الذي نطمئنه وفرانسوا هولاند الذي سيمدنا بالسلاح.
الدور المطلوب من الائتلاف
إذن فالدور المطلوب من الائتلاف هو ذاته الدور المطلوب من الصحوات في العراق وكرزاي في أفغانستان وشيخ شريف الصومال: محاربة المجاهدين ومنع قيام دولة إسلامية. ولا بد أن يكون ذلك على يد شخص له شرعية دينية من قبل، مثل رباني وسياف أفغانستان وشيخ شريف الصومال. لذا فتسمية هذه الصنيعة الغربية بالائتلاف تسمية مسمومة.
الخلاصة والمطلوب
في الخلاصة، ما المطلوب من الشعب السوري ومن المجاهدين ومن الشعوب الإسلامية؟
نقول باختصار أيها الشعب المسلم: تذكر قول الله تعالى في سورة الأعراف بعد أن ذكر ما كان من قول فرعون: {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}. قال موسى لقومه: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. قالوا: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا}. قال: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}.
استعينوا بالله واصبروا، العاقبة للمتقين. قالوا: {أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا} كأنهم يلمحون بأن أذيتنا كان لها ارتباط بك يا موسى، ففرعون قتل أبناءنا لخوفه من ظهورك نبياً يكون هلاكه على يديك، ثم فرعون الآن يقتلنا ويستحيي نساءنا لأننا آمنا بك. وقد طال البلاء ولا نرى لهذه المعاناة من نهاية. مل قوم موسى وأنهكوا وزلزلوا، لكنه قال بلغة واثقة مطمئنة: {عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ}.
فقف أيها الشعب مع المجاهدين المخلصين الذين فدوك بأرواحهم وتركوا البلاد والأولاد ليدافعوا عن عرضك ولا ينفذون أجندة أحد، إنما لتكون كلمة الله هي العليا. اعتقاد أنه لا نصر للشعب السوري إلا بتدخل المجتمع الدولي اعتقاد فاسد وسوء ظن بالله نجلكم عنه أيها الشعب السوري. بل إن الله عز وجل أراكم بشائر النصر على يد ثلة من المجاهدين لا تدعمهم أي دولة، وما تكالب المجتمع الدولي إلا بعد ما رأى ما لم يتوقعه من انتصارات لهذه الفئة المؤمنة.
فتولوا إخوانكم والتفوا حولهم: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
ثم يا ساداتنا المجاهدين في سوريا على اختلاف فصائلكم، يا من تقاتلون نجدة لإخوانكم ولإقامة حكم إسلامي خالص، إن حصلتم معية الله فمكر أولئك هو يبور، فلستم أنتم من تقفون أمامهم حينئذ، بل {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}.
ويا أيتها الشعوب الإسلامية، الشام الآن هي الأمل، لا يليق بها إلا أن تكون شام العزة والإيمان لا شام الذلة والتبعية والنفاق. فالمدافعون عن أعراض المسلمات الذين يريدون أن تكون كلمة الله هي العليا، أولئك لهم عليكم حق الإعانة بكل الأشكال الممكنة، فانصروهم ولا تخذلوهم. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
والسلام عليكم ورحمة الله.