السلام عليكم ورحمة الله. إخوتي الكرام، لازلنا مستمرين مع قصة الرجال الثلاثة. في الواقع، أعلم أن الكثيرين قد يقولون ما الفائدة من الاستمرار في القصة، بل وفي السلسلة كلها، وقد تحول الربيع العربي إلى خريف ومات الأمل في تطبيق الشريعة في المدى المنظور فيما يبدو.
أقول إخواني وبالله التوفيق، بل نحن الآن أحوج ما نكون إلى الحديث عن هذا الموضوع. قال الله تعالى: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}. وها نحن نرى كيد المتآمرين على الإسلام يضر الحركات الإسلامية في دينها ودنياها.
الخلل في الصبر والتقوى
إذاً فيبدو أن هناك مشكلة لدينا نحن العاملين للإسلام في الصبر وفي التقوى. لم يصبر الكثيرون على سلوك طريق النبي صلى الله عليه وسلم وتحمل عواقبها، ولم يحصلوا التقوى المطلوبة في التعامل مع الواقع وامتثال أمر الله في منهج النهوض بالأمة. ولهذا ضرنا كيد الكائدين جداً.
ضعف كيد الأعداء
إخواني، تعلمنا من كتاب ربنا سبحانه وتعالى ومن الأمثلة المتكررة في التاريخ الماضي والواقع المعاصر أن كيد الكافرين والمنافقين لا يخيف. كيد الكافرين والمنافقين لا يخيف، {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.
أنا لست خائفاً من مكر أمريكا والصهاينة وعملائهم في بلاد المسلمين والمجالس العسكرية وغيرها، فالله قد حقّر أمر هؤلاء في القرآن كثيراً في آيات كثيرة: {وَمَكْرُ أُولَٰئِكَ هُوَ يَبُورُ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ إِنَّا دَمَّرْنَاهُمْ}، {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}، {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}. هذا مع أن لديهم مئات مراكز التخطيط الاستراتيجي والآلاف من العلماء من العلوم المتنوعة في علوم النفس والاجتماع والسياسة والإعلام والحرب، ولا هم لهم إلا المكر بنا. آلاف المحطات والإذاعات والمجلات والبرامج التي تهدف إلى هدم الإسلام.
ومع ذلك كله، فلا والله لا يهمني كيدهم، لأن الله تعالى وهّن من شأنهم وحقّر من جهودهم وأمرنا بألا نخاف منهم: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}.
فقدان معية الله
إذاً من ماذا الخوف؟ الخوف من أننا فقدنا معية الله عز وجل. نعم، عموم الحركات الإسلامية فقدت معية الله، فأقل مكر حينئذ سيؤذي. قال تعالى: {وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}.
ولا والله ما اتقى كثير منا الله في هذه الفترة الحرجة من حياة الأمة، ولا أحسن اتباع منهج النبي صلى الله عليه وسلم، فخسر معية الله. دعونا أن نواجه الحقيقة، خسر كثير منا معية الله عز وجل.
قال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}. وقد رأينا للكافرين علينا ألف سبيل، ولا يخلف الله وعده. فأين الخلل إذاً؟ في إيماننا، في إيمان كثير من العاملين للإسلام.
إنما الوعد في هذه الآية: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}، إنما الوعد هنا للمؤمنين. وكثير منا ضعف إيمانه بوعد الله، وتعلق بالأسباب الأرضية، وقدم التنازلات الذريعة، واستطال طريق النبي، وحرق المراحل، واستعجل قطف الثمار، وركن إلى الذين ظلموا. ولهذا كان للكافرين عليه ألف سبيل، فكان ما كان من ترد وفشل.
وعد وعد الله، لا يخلف الله وعده، {وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. تعلقنا بالأسباب الأرضية الدنيوية الظاهرة، وتركنا ما نضمن أن ينجز الله به وعده لنا. وكأننا وكلنا الله إلى أعدائنا، فلم يقف مكرنا أمام مكرهم، فنحن دون معية الله أضعف منهم بكثير.
ليس لدينا مركز تخطيط استراتيجي واحد، هم عندهم مئات. ليس هناك ولا دولة واحدة إسلامية الحكم، وهم عندهم دول. ليس لدينا جيش إسلامي واحد، وهم عندهم جيوش. ولو أننا ضمنا معية الله لكاد لنا ومكر لنا وكفانا شرهم.
قال تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا}. ولم يقل: "إنهم يكيدون وتكيدون"، فنحن أضعف. وقال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. ولم يقل: "ويمكرون وتمكرون". يعلم تعالى أننا أضعف من أن نقف أمام كيدهم ومكرهم. {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا}. {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}.
فليس لنا إلا أن نكون من الذين آمنوا ومن عباد الله بحق حتى يكيد لنا ويمكر لنا ويدافع عنا. الخلل فينا ومنا نحن العاملين للإسلام، فالله لا يخلف الوعد، وكيد الكفار لا يضر المؤمنين. فليس لنا إذاً إلا أن نراجع أنفسنا.
مراجعة الذات وترك اللوم
كثيرون الآن يمضون أوقاتهم في لطميات وتحسرات، والفنانون في لعن وشتم العساكر والمتآمرين، ويجعل المشكلة في تآمرهم وكيدهم. لا يا أخي، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}. ادعوا عليهم نعم، لكن لا تظن أن المشكلة فيهم. لو أننا تعلقنا بمعية الله عز وجل حق التعلق لكفانا شرهم. لو كنا على هدى، فإن هؤلاء الضلال لن يضرونا. {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}. فلا تشغل نفسك بضلالهم، بل اشغل نفسك باتباع الهدى لئلا يضرك ضلالهم.
كثيرون ينتقصون الشعب وتخاذله عن نصرة الإسلاميين وانخداعه بالإعلام الموتور. لا يا أخي، الخلل فينا. لو أننا انتهجنا منهج النبي في التغيير لأحبنا الله، ولو أحبنا الله لوضع لنا القبول في الأرض كما في حديث مسلم: "ثم يوضع له القبول في الأرض". قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا}. سيجعل لهم الرحمن وداً.
وقد رأينا هذا القبول للدعاة والعاملين للإسلام إلى أن تعلقوا بالأسباب الدنيوية وقدموا التنازلات، فخسر كثير منهم معية الله ومحبة الشعب له. أيها العامل للإسلام، لا تضع وقتك ولا تبحث عن شماعة تعلق عليها أخطائك، وادعك من عبارات اليأس والقنوط والإحباط، لن تنفعك بشيء. واجه نفسك، الخلل منك وفيك. {قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ}. فقدنا معية الله، ولهذا ضرنا كيد أعدائنا في الدين والدنيا.
أهمية فهم الشريعة ومنهج التغيير
ولهذا كله أقول: نحن الآن أحوج ما نكون إلى الاستمرار في هذه السلسلة، وإلى فهم الشريعة فهماً صحيحاً، وإلى معرفة منهجية التغيير التي يرتضيها الله تعالى، وإلى معرفة الأسباب التي نحصل بها معية الله تعالى لنا في معركتنا مع أعدائنا. فإن قيام الشريعة في قلوب العاملين للإسلام ضروري ليقيم الله تعالى في واقعهم.
قيام الشريعة في قلوب العاملين للإسلام قياماً صحيحاً ضروري ليقيم الله تعالى في واقعهم، كيف؟ بالطريقة التي يدبرها الله لنا. نأخذ الأسباب الشرعية ثم الله سبحانه وتعالى يبارك فيها. رأينا في الربيع العربي كيف أن الله يقلب الموازين ويعطينا فرصة من حيث لا نحتسب لو أننا استغللناها.
أما عندما يكون فهمنا للشريعة مشوهاً، ونتصور أن لإنسان أن يتحكم فيما يطبقه أو لا يطبقه منها، عندما نتصور أنه يمكن الوصول إلى تطبيقها بوسائل غير شرعية، عندما ينفر من يرى نفسه عاملاً للإسلام من بعض أحكامها، عندما نتنازل عن ثوابتها مجاناً ومقدماً قبل الوصول إلى الحكم، فحينئذ لن يمنحنا الله شرف أن تقام الشريعة على أيدينا. فالدعاة للشريعة ينبغي أن يكونوا ورثة الرسل. {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}. لا يختار الله لرسالته إلا الأكفاء، وكذلك لا يختار الله تعالى لتطبيق شريعته إلا الأكفاء.
تعظيم الشريعة في النفوس
إخواني، تعظيم الشريعة في نفوسنا هو أهم أهداف هذه السلسلة، بغض النظر قامت دولة الإسلام في زماننا أو لم تقم. أهم أهداف السلسلة أن نلقى الله عز وجل بقلب سليم ليس فيه شائبة تجاه شريعته تعالى الذي تعبدنا بالإيمان بها وحبها وفهمها والقناعة بكل تفاصيلها.
كان هذا استطراداً لا بد منه قبل تفكيك رمز الرجل الثالث. خلاصة الحلقة: نحتاج فهم الشريعة عبادة لله تعالى ولنحتشد
بها معية الله عز وجل.
الحاجة إلى معية الله
نحتاج إلى معية الله عز وجل، ونحتاج إلى أن نكون من عباد الله الصالحين، الذين يدافع الله عنهم، ويكيد لهم، ويمكر لهم. نحتاج إلى أن نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، الذين يجعل الله لهم القبول في الأرض. نحتاج إلى أن نكون من الذين اتقوا وأحسنوا، الذين يكون الله معهم.
هذا هو الطريق الوحيد للنجاة، وهذا هو السبيل الوحيد لإقامة الشريعة في واقعنا. لا بالتحسرات واللطميات، ولا بلوم الآخرين، ولا باليأس والقنوط، بل بالعودة إلى الله، والتمسك بمنهجه، والعمل الصالح، والصبر والتقوى.
قصة الرجال الثلاثة: دروس وعبر
في قصة الرجال الثلاثة، سنرى كيف أن الله تعالى يقلب الموازين، وكيف أنه ينصر من يشاء، وكيف أن العاقبة للمتقين. سنرى كيف أن الرجال الثلاثة، على الرغم من ضعفهم وقلة حيلتهم، إلا أنهم تمسكوا بمنهج الله، وصبروا على الابتلاء، واتقوا الله حق تقاته، فكانت لهم العاقبة الحسنة.
وسنرى أيضاً كيف أن من حاد عن منهج الله، وتعلق بالأسباب الدنيوية، وقدم التنازلات، كانت عاقبته وخيمة، وخسر الدنيا والآخرة.
الهدف من السلسلة
الهدف من هذه السلسلة ليس مجرد سرد قصص تاريخية، بل هو استخلاص الدروس والعبر، وتطبيقها على واقعنا المعاصر. الهدف هو أن نراجع أنفسنا، وأن نصلح ما فسد من قلوبنا، وأن نعود إلى الله بصدق وإخلاص.
الهدف هو أن نكون من الذين يدافع الله عنهم، ويكيد لهم، ويمكر لهم. الهدف هو أن نكون من الذين يقيمون الشريعة في قلوبهم، ثم في واقعهم، بإذن الله تعالى.
دعوة إلى العمل
فيا إخواني، ويا أخواتي، يا أيها العاملون للإسلام، لا تيأسوا من روح الله، ولا تقنطوا من رحمته. إن الله لا يخلف الميعاد، وهو على كل شيء قدير. ولكن علينا أن نأخذ بالأسباب، وأن نتمسك بمنهجه، وأن نكون من عباده الصالحين.
علينا أن نصبر ونحتسب، وأن نتقي الله حق تقاته، وأن نراجع أنفسنا باستمرار، وأن نصلح ما فسد من قلوبنا. فإذا فعلنا ذلك، فإن الله تعالى لن يتخلى عنا، وسينصرنا على أعدائنا، وسيقيم الشريعة على أيدينا، بإذنه تعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خلاصة وتأكيد
خلاصة القول، إن ما نمر به اليوم من تحديات وانتكاسات ليس سببه قوة أعدائنا، بل هو نتيجة ضعفنا نحن، وبعدنا عن منهج الله، وتفريطنا في معية الله عز وجل. إن الله تعالى قد وعد المؤمنين بالنصر والتمكين، ولكن هذا الوعد مشروط بالإيمان الصادق، والعمل الصالح، والصبر والتقوى.
إننا بحاجة ماسة إلى إعادة بناء علاقتنا بالله تعالى، وإلى فهم الشريعة فهماً صحيحاً، لا فهماً مشوهاً أو منقوصاً. نحتاج إلى أن نطبق الشريعة في حياتنا الخاصة والعامة، وأن نكون قدوة حسنة للناس. نحتاج إلى أن نكون دعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لا باليأس والقنوط.
دعوة للتأمل والتغيير
هذه السلسلة، وقصة الرجال الثلاثة، هي دعوة للتأمل والتغيير. دعوة لكل عامل للإسلام، ولكل مسلم غيور على دينه، أن يراجع نفسه، وأن يعيد حساباته، وأن يتوب إلى الله توبة نصوحاً.
إن الطريق إلى النصر والتمكين ليس سهلاً، ولكنه ليس مستحيلاً. إنه يتطلب جهداً عظيماً، وتضحيات جسيمة، وصبرًا لا ينفد. ولكنه طريق مضمون العاقبة، لأن الله تعالى وعد به، والله لا يخلف الميعاد.
فلنكن من الذين يستحقون معية الله، ومن الذين ينصرهم الله، ومن الذين يقيمون شريعته في الأرض. ولنتذكر دائماً أن "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
الختام
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يهدينا سواء السبيل، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يرزقنا الثبات على الحق حتى نلقاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهمية السلسلة في الوقت الراهن
إن استمرارنا في هذه السلسلة، وفي الحديث عن هذه القضايا الجوهرية، ليس ترفاً فكرياً أو مجرد سرد تاريخي، بل هو ضرورة ملحة في هذا الوقت بالذات. ففي خضم التحديات التي تواجه الأمة، وفي ظل حالة الإحباط واليأس التي قد تتسرب إلى النفوس، يصبح لزاماً علينا أن نعود إلى الأصول، وأن نستلهم من سيرة الأنبياء والصالحين، ومن آيات الله البينات، ما يعيد إلينا الأمل، ويصحح مسارنا.
إن فهمنا الصحيح للشريعة، وتطبيقنا المخلص لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم في التغيير، هو صمام الأمان الوحيد للأمة. وهو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة.
مسؤولية العاملين للإسلام
إن المسؤولية تقع على عاتق العاملين للإسلام بشكل خاص. فهم القدوة، وهم من يحملون لواء الدعوة. فإذا ضعف إيمانهم، أو تشوه فهمهم، أو تهاونوا في تطبيق المنهج، فإن الأمة كلها ستتأثر بذلك.
لذلك، فإن هذه السلسلة تهدف إلى تذكير هؤلاء العاملين، وإلى شحذ هممهم، وإلى تصحيح مسارهم، حتى يكونوا أهلاً لحمل هذه الأمانة العظيمة. وحتى يكونوا سبباً في نصر الله لدينه، وإقامة شريعته في الأرض.
دعوة للتفكير العميق
إننا ندعو الجميع إلى التفكير العميق في هذه القضايا، وإلى عدم الاكتفاء بالتحليلات السطحية أو ردود الأفعال العاطفية. فالأمر جلل، والمرحلة دقيقة، وتتطلب منا جميعاً وعياً وبصيرة، وحكمة وصبرًا.
فلنتدبر آيات الله، ولنتأمل في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولنتعلم من تجارب التاريخ، حتى نتمكن من بناء مستقبل أفضل لأمتنا، مستقبل يقوم على العدل والرحمة، وعلى الحق والهدى.
الختام والتضرع
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الفهم الصحيح لدينه، وأن يلهمنا الرشد والصواب، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى. وأن يجعلنا من عباده الصالحين، الذين بهم ينصر دينه، ويعلي كلمته.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه. اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأعز دينك، واجعلنا من جندك المخلصين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أهمية القصة في ترسيخ المفاهيم
إن قصة الرجال الثلاثة، التي هي محور هذه السلسلة، ليست مجرد حكاية للتسلية، بل هي أداة قوية لترسيخ المفاهيم التي نتحدث عنها. فالقصص تبقى في الذاكرة، وتؤثر في الوجدان، وتجعل المعاني المجردة أكثر قرباً وواقعية. من خلال تتبع مسار هؤلاء الرجال، وتفاصيل حياتهم، وصراعاتهم، ونجاحاتهم وإخفاقاتهم، يمكننا أن نرى تجسيداً حياً لمبادئ الصبر والتقوى، ومعية الله، وأهمية المنهج الصحيح.
إنها ترينا كيف أن التمسك بالحق، وإن قل الناصر، هو الطريق الوحيد للعزة والكرامة. وكيف أن الانحراف عن المنهج، وإن بدا في ظاهره مكسباً، يؤدي حتماً إلى الخسران والذل.
دعوة للتدبر والتطبيق
لذلك، أدعوكم جميعاً، أيها الإخوة والأخوات، إلى متابعة هذه القصة بتدبر وعمق. لا تقرأوها أو تستمعوا إليها كأي قصة عابرة، بل حاولوا أن تستخرجوا منها الدروس والعبر، وأن تسقطوها على واقعكم، وعلى واقع الأمة.
اسألوا أنفسكم: أين نحن من هؤلاء الرجال؟ هل نتحلى بصفاتهم؟ هل نتبع منهجهم؟ هل نثق في وعد الله كما وثقوا؟ هل نراجع أنفسنا باستمرار كما ينبغي؟
إن الغاية ليست مجرد المعرفة، بل هي التطبيق والعمل. فالعلم بلا عمل لا يثمر، والمعرفة بلا تطبيق لا تغير واقعاً.
بناء جيل جديد من العاملين
إننا نأمل من خلال هذه السلسلة أن نساهم في بناء جيل جديد من العاملين للإسلام. جيل واعٍ، مستنير، متمسك بمنهج الله، واثق بوعده، لا يخشى في الله لومة لائم. جيل لا ييأس من رحمة الله، ولا يقنط من نصره، بل يعمل بجد واجتهاد، ويصبر على البلاء، ويتقي الله في السر والعلن.
جيل يدرك أن النصر من عند الله، وأن معية الله هي أغلى ما يملك، وأن الخلل فينا وليس في ديننا. جيل يدرك أن إصلاح الأمة يبدأ بإصلاح الفرد، وأن التغيير يبدأ من الداخل.
كلمة أخيرة
هذه هي رسالتنا، وهذا هو هدفنا. نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم. وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين. اللهم وفقنا لما تحب وترضى، واجعلنا من عبادك الصالحين. اللهم آمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهمية الوضوح في الرؤية والمنهج
من أهم ما نسعى إليه من خلال هذه السلسلة هو ترسيخ الوضوح في الرؤية والمنهج لدى العاملين للإسلام. فكثير من الانتكاسات التي حدثت، وكثير من الأخطاء التي وقعت، كان سببها غياب الوضوح في فهم الشريعة، أو في تحديد الأولويات، أو في اختيار الوسائل.
عندما تتشوش الرؤية، يصبح السير في الطريق صعباً، وتكثر العثرات، وقد يضل السالك طريقه. لذا، فإن العودة إلى الأصول، وتجديد الفهم، وتصحيح المسار، هي خطوات أساسية لا غنى عنها.
تصحيح المفاهيم الخاطئة
هناك العديد من المفاهيم الخاطئة التي تسربت إلى أذهان بعض العاملين للإسلام، والتي أدت إلى نتائج عكسية. منها على سبيل المثال:
- التعجل في قطف الثمار: الرغبة في تحقيق النتائج السريعة دون استكمال المراحل الضرورية، مما يؤدي إلى حرق المراحل وتقديم تنازلات غير مقبولة.
- الاعتماد المفرط على الأسباب المادية: إهمال الجانب الروحي والإيماني، والظن بأن النصر يأتي بالعدة والعتاد فقط، دون معية الله وتوفيقه.
- الخلط بين الوسائل والغايات: تحويل بعض الوسائل إلى غايات في حد ذاتها، مما يفقدها مرونتها ويجعلها عائقاً أمام تحقيق الأهداف الكبرى.
- الاستسلام لليأس والإحباط: عندما لا تتحقق النتائج المرجوة بسرعة، يتسرب اليأس إلى النفوس، وينسى البعض أن طريق الدعوة طويل وشاق، وأن النصر يأتي من عند الله في وقته الذي يحدده.
هذه المفاهيم وغيرها، تحتاج إلى تصحيح جذري، وهذا ما نسعى إليه من خلال هذه السلسلة، بالاستناد إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلى سيرة السلف الصالح.
بناء الثقة في وعد الله
إن بناء الثقة المطلقة في وعد الله تعالى هو حجر الزاوية في أي عمل إسلامي ناجح. فالله تعالى لا يخلف الميعاد، ووعده حق. ولكن هذا الوعد له شروط، وقد بيّنها الله تعالى في كتابه. فعندما نلتزم بهذه الشروط، فإن النصر آت لا محالة.
إن قصة الرجال الثلاثة، وما سبقها وما سيليها من حلقات، تهدف إلى تعزيز هذه الثقة، وإلى إظهار كيف أن الله تعالى ينصر عباده الصادقين، حتى وإن بدت الظروف كلها ضدهم.
دعوة للوحدة والتعاون
وأخيراً، فإن هذه المرحلة تتطلب منا جميعاً الوحدة والتعاون، ونبذ الفرقة والخلاف. فالأمة تمر بمرحلة حرجة، ولا تحتمل المزيد من التشرذم. علينا أن نتوحد على كلمة الحق، وأن نتعاون فيما اتفقنا عليه، وأن يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، ما دام الخلاف في إطار الشريعة.
إن قوة الأمة في وحدتها، وضعفها في فرقتها. فلنكن يداً واحدة، وقلباً واحداً، في سبيل إعلاء كلمة الله، وتحقيق مراده في الأرض.
نسأل الله أن يجمع قلوبنا على طاعته، وأن يوحد صفوفنا، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. والحمد لله رب العالمين.
أهمية التخطيط الاستراتيجي الشرعي
في ظل ما نراه من مكر الأعداء وتخطيطهم المحكم، يصبح لزاماً على العاملين للإسلام أن يتبنوا منهجاً في التخطيط الاستراتيجي لا يقل دقة وإحكاماً، بل يتفوق عليه لأنه مستمد من وحي السماء. هذا التخطيط يجب أن يكون مبنياً على فهم عميق للشريعة، واستيعاب لسنن الله الكونية والشرعية، مع الأخذ بالأسباب المادية المتاحة.
لا يكفي أن تكون النوايا حسنة، بل يجب أن يقترن ذلك بخطط عمل واضحة، وأهداف محددة، ومراحل مدروسة، وتقييم مستمر للأداء. وهذا ما يمكن أن نستلهمه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة الإسلامية، ومن غزواته التي كانت تخطط بدقة متناهية، مع التوكل الكامل على الله.
الموازنة بين الثوابت والمتغيرات
إن من التحديات الكبرى التي تواجه العاملين للإسلام هي كيفية الموازنة بين الثوابت الشرعية التي لا يجوز التنازل عنها، وبين المتغيرات الواقعية التي تقتضي مرونة في التعامل واجتهاداً في الفروع. فالتشدد غير المبرر قد يؤدي إلى تنفير الناس، والتساهل المفرط قد يؤدي إلى التنازل عن الأصول.
هذه السلسلة تهدف إلى إبراز هذا التوازن الدقيق، وكيف أن منهج النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الثبات على المبادئ والمرونة في الوسائل. فكان صلى الله عليه وسلم لا يساوم على العقيدة أو الأحكام القطعية، ولكنه كان حكيماً في التعامل مع الواقع، ويختار الأنسب من الوسائل لتحقيق الغايات الشرعية.
دور التربية الإيمانية والأخلاقية
لا يمكن لأي تخطيط أو منهج أن ينجح دون قاعدة صلبة من التربية الإيمانية والأخلاقية للأفراد. فالإيمان القوي هو الوقود الذي يدفع العاملين للاستمرار في طريق الدعوة رغم الصعاب، والأخلاق الفاضلة هي التي تجعلهم قدوة حسنة للناس، وتكسبهم ثقتهم ومحبتهم.
إن ما حدث من انتكاسات قد يكون جزء منه نتيجة ضعف هذه التربية، مما أدى إلى ظهور بعض السلوكيات غير اللائقة، أو التنازلات غير المبررة. لذا، فإن العودة إلى بناء الفرد المسلم بناءً إيمانياً وأخلاقياً متيناً، هو أساس أي نهضة حقيقية للأمة.
الاستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة
إن من علامات النضج والحكمة، القدرة على الاستفادة من الأخطاء والتجارب السابقة، سواء كانت تجاربنا الخاصة أو تجارب الآخرين. فما حدث في الربيع العربي، وما تبعه من أحداث، يجب أن يكون مادة خصبة للدراسة والتحليل، لاستخلاص الدروس والعبر، وتجنب تكرار الأخطاء.
هذه السلسلة تحاول أن تسلط الضوء على بعض هذه الأخطاء، ليس من باب جلد الذات أو اليأس، بل من باب التعلم والتصحيح، حتى لا نقع في نفس الحفرة مرتين.
التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب
الخلاصة الجامعة لكل ما سبق، هي ضرورة الجمع بين التوكل الكامل على الله تعالى، وبين الأخذ بجميع الأسباب المادية والمعنوية المتاحة. فالتوكل دون عمل هو تواكل، والعمل دون توكل هو غرور.
إن الله تعالى أمرنا بالأخذ بالأسباب، ووعدنا بالنصر إذا أخذنا بها وتوكلنا عليه حق التوكل. وهذا هو المنهج الذي يجب أن نسير عليه، وهذا ما تحاول هذه السلسلة أن ترسخه في أذهان وقلوب العاملين للإسلام.
نسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه حق التوكل، ومن الآخذين بالأسباب على الوجه الذي يرضيه. والحمد لله رب العالمين.
الإصلاح الداخلي للجماعات الإسلامية
إن الحديث عن الخلل فينا ومنّا، يستدعي بالضرورة التركيز على أهمية الإصلاح الداخلي للجماعات الإسلامية. فقبل أن نطالب الآخرين بالتغيير، وقبل أن نسعى لإصلاح المجتمع، يجب أن نبدأ بإصلاح بيوتنا الداخلية. هذا الإصلاح يشمل عدة جوانب:
- مراجعة الأهداف والغايات: التأكد من أن الأهداف لا تزال متوافقة مع المقاصد الشرعية الكبرى، وأنها لم تنحرف نحو أهداف دنيوية أو حزبية ضيقة.
- تقييم المناهج والوسائل: فحص المناهج الدعوية والتربوية والسياسية المتبعة، للتأكد من فعاليتها وشرعيتها، ومدى ملاءمتها للواقع المتغير.
- تطهير الصفوف: العمل على تنقية الصفوف من كل ما يشوبها من أمراض القلوب كالعجب والرياء وحب الدنيا، ومن السلوكيات المخالفة للشريعة.
- تعزيز الشورى والعدل: تطبيق مبادئ الشورى والعدل داخل الجماعات، والابتعاد عن الاستبداد بالرأي أو الظلم الداخلي، ليكونوا قدوة حسنة للمجتمع.
- تنمية الكفاءات: الاستثمار في بناء الكفاءات العلمية والمهنية والقيادية، وتأهيل الأفراد للتعامل مع تحديات العصر.
إن الجماعة الصالحة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع الصالح، ولا يمكن أن تكون الجماعة صالحة إلا إذا كانت قائمة على أسس متينة من الإيمان والتقوى والمنهج السليم.
دور القيادة في الأزمات
في أوقات الأزمات والانتكاسات، يبرز دور القيادة بشكل حاسم. فالقيادة الحكيمة هي التي تستطيع أن تقود السفينة في بحر الأمواج المتلاطمة، وأن توجه الأفراد نحو بر الأمان. القيادة الفاعلة تتميز بـ:
- البصيرة النافذة: القدرة على قراءة الواقع قراءة صحيحة، وفهم أبعاد المؤامرات، واستشراف المستقبل.
- الحكمة والصبر: اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات العصيبة، والتحلي بالصبر على البلاء، وعدم الاستعجال في النتائج.
- الشجاعة والثبات: عدم التردد أو الخوف في مواجهة التحديات، والثبات على المبادئ مهما كانت الضغوط.
- القدرة على التعبئة والتوجيه: إلهام الأفراد، ورفع معنوياتهم، وتوجيه جهودهم نحو الأهداف المشتركة.
- القدوة الحسنة: أن تكون القيادة نموذجاً يحتذى به في الإيمان والتقوى والعمل الصالح والتضحية.
إن ضعف القيادة أو انحرافها، يمكن أن يؤدي إلى ضياع جهود أجيال كاملة، ولهذا فإن اختيار القيادات وتأهيلها ومحاسبتها، هو أمر في غاية الأهمية.
ضرورة الرؤية بعيدة المدى
إن العمل للإسلام ليس مشروعاً آنياً أو مرحلياً، بل هو مشروع حضاري طويل الأمد. ولذلك، يجب أن تكون لدى العاملين للإسلام رؤية بعيدة المدى، تتجاوز حدود الزمان والمكان الضيقة. هذه الرؤية يجب أن تستند إلى:
- فهم سنن الله في الكون: إدراك أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، وأن النصر يأتي بعد مراحل من الابتلاء والتمحيص.
- الاستعداد للأجيال القادمة: التخطيط ليس فقط لجيلنا، بل للأجيال القادمة، من خلال بناء المؤسسات، وتأهيل الكوادر، وغرس القيم.
- التعامل مع التحديات العالمية: إدراك أن الصراع ليس محلياً فقط، بل هو صراع حضاري عالمي، يتطلب فهماً عميقاً للواقع الدولي.
إن الرؤية بعيدة المدى تمنح العاملين الصبر والثبات، وتجعلهم لا ييأسون من أول انتكاسة، بل يستمرون في العمل والبناء، وهم على ثقة بأن وعد الله حق، وأن المستقبل للإسلام.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا البصيرة في ديننا، وأن يلهمنا الرشد في أقوالنا وأفعالنا، وأن يجعلنا من الذين يقيمون دينه في الأرض. والحمد لله رب العالمين.
أهمية التجديد والاجتهاد في الفكر الإسلامي المعاصر
إن التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية اليوم، تتطلب ليس فقط الثبات على الأصول، بل أيضاً تجديداً في الفكر واجتهاداً في فهم النصوص وتنزيلها على الواقع المعاصر. فالعالم يتغير بسرعة، وتظهر قضايا جديدة لم تكن موجودة في السابق، مما يستدعي من العلماء والمفكرين المسلمين بذل الجهد لاستنباط الأحكام والحلول الشرعية لهذه القضايا.
هذا التجديد والاجتهاد يجب أن يكون منضبطاً بضوابط الشريعة، وأن ينبع من فهم عميق لمقاصدها الكلية، وأن يراعي فقه الواقع والمآلات. ومن أهم جوانب هذا التجديد:
- تجديد الخطاب الديني: جعله أكثر ملاءمة للعصر، وأكثر قدرة على مخاطبة العقول والقلوب بلغة واضحة ومقنعة، بعيداً عن الجمود والتقليد الأعمى.
- تطوير الفقه الإسلامي: معالجة القضايا المعاصرة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعلوم، وتقديم حلول شرعية مبتكرة وواقعية.
- إعادة قراءة التاريخ الإسلامي: استخلاص الدروس والعبر من التجارب السابقة، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتقديم رؤية متوازنة للتاريخ.
- الاستفادة من العلوم الإنسانية: توظيف المناهج العلمية الحديثة في فهم الظواهر الاجتماعية والنفسية والسياسية، بما لا يتعارض مع أصول الشريعة.
إن الجمود الفكري والتقليد الأعمى، قد يكون سبباً في تخلف الأمة وعجزها عن مواكبة التطورات، بينما الاجتهاد المنضبط هو سبيل النهضة والتقدم.
بناء المؤسسات الدعوية والتربوية الفاعلة
لا يمكن للعمل الإسلامي أن يستمر وينمو دون وجود مؤسسات قوية وفاعلة تحمل على عاتقها أعباء الدعوة والتربية والتعليم. هذه المؤسسات يجب أن تكون:
- ذات رؤية واضحة ورسالة محددة: تعرف ماذا تريد، وكيف تصل إليه، وما هي القيم التي تسعى لغرسها.
- منظمة وذات هيكل إداري فعال: تضمن سير العمل بكفاءة وفاعلية، وتوزيع الأدوار والمسؤوليات بشكل واضح.
- مستقلة مالياً وإدارياً: قدر الإمكان، لضمان حريتها في اتخاذ القرارات والابتعاد عن التبعية التي قد تؤثر على استقلاليتها.
- قادرة على التكيف والتطور: تستطيع أن تتجاوب مع المتغيرات، وتطور من برامجها وأساليبها لتناسب احتياجات العصر.
- متعاونة ومتكاملة: تعمل بروح الفريق الواحد مع المؤسسات الأخرى، وتتجنب التنافس السلبي أو الازدواجية في الجهود.
إن ضعف المؤسسات أو غيابها، يجعل العمل الإسلامي فردياً ومشتتاً، وغير قادر على إحداث الأثر المطلوب في المجتمع.
أهمية الإعلام الإسلامي الهادف
في عصرنا الحالي، أصبح الإعلام قوة لا يستهان بها، فهو يشكل الرأي العام، ويؤثر في الوعي الجمعي، ويوجه السلوكيات. لذا، فإن بناء إعلام إسلامي هادف ومحترف، أصبح ضرورة ملحة. هذا الإعلام يجب أن يكون:
- مبنياً على الصدق والموضوعية: يقدم الحقائق كما هي، بعيداً عن التضليل أو التشويه.
- احترافياً وجذاباً: يستخدم أحدث التقنيات والأساليب الإعلامية، ويقدم محتوى عالي الجودة يجذب الجمهور.
- متنوعاً وشاملاً: يغطي مختلف الجوانب الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ويخاطب شرائح المجتمع المختلفة.
- مؤثراً وإيجابياً: يسعى إلى بناء الوعي، وتصحيح المفاهيم، وغرس القيم الإيجابية، وتقديم الحلول للمشكلات.
- مواكباً للتطورات: يستفيد من جميع المنصات الإعلامية المتاحة، من تلفزيون وراديو وصحافة ومواقع إلكترونية ووسائل تواصل اجتماعي.
إن غياب الإعلام الإسلامي القوي، يترك الساحة فارغة للإعلام المعادي أو المضلل، مما يؤثر سلباً على صورة الإسلام والمسلمين، ويشوه الحقائق.
نسأل الله أن يوفقنا لخدمة دينه، وأن يجعلنا من جنود الحق، وأن يتقبل منا جهودنا المتواضعة. والحمد لله رب العالمين.
دور الشباب في نهضة الأمة
إن الشباب هم عماد الأمة ومستقبلها، وهم الطاقة المحركة لأي نهضة أو تغيير. فإذا صلح الشباب، صلحت الأمة، وإذا فسدوا، فسدت الأمة. لذا، فإن الاهتمام بالشباب وتوجيه طاقاتهم نحو البناء والإصلاح، هو أمر حيوي وضروري.
يجب أن نركز على:
- التربية الإيمانية المتكاملة: غرس العقيدة الصحيحة، وتعميق الإيمان، وتزكية النفوس، ليكون الشباب على صلة قوية بالله تعالى.
- التأهيل العلمي والمهني: تشجيع الشباب على طلب العلم النافع، والتفوق في مجالات تخصصهم، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل، ليكونوا عناصر فاعلة ومنتجة في المجتمع.
- تنمية الوعي والفكر: توعية الشباب بقضايا أمتهم، وتحديات عصرهم، وتنمية قدراتهم على التفكير النقدي والتحليل، ليتمكنوا من اتخاذ القرارات الصائبة.
- إشراكهم في العمل الإسلامي: فتح المجال أمام الشباب للمشاركة الفاعلة في الأنشطة الدعوية والخيرية والاجتماعية، وتولي المسؤوليات، ليكونوا قادة المستقبل.
- توفير البيئة الحاضنة: إنشاء بيئات آمنة ومحفزة للشباب، بعيداً عن الانحرافات الفكرية والسلوكية، تشجعهم على الإبداع والابتكار.
إن إهمال الشباب أو تهميشهم، يعني إهدار طاقات هائلة، وتركهم فريسة للأفكار الهدامة والتيارات المنحرفة، مما يهدد مستقبل الأمة بأسرها.
أهمية المرأة في بناء المجتمع
المرأة هي نصف المجتمع، وهي مربية النصف الآخر. ودورها في بناء الأمة لا يقل أهمية عن دور الرجل، بل قد يفوقه في بعض الجوانب، خاصة في تربية الأجيال. لذا، يجب أن نولي اهتماماً خاصاً لدور المرأة في العمل الإسلامي والمجتمعي.
يتطلب ذلك:
- توعية المرأة بحقوقها وواجباتها الشرعية: لتقوم بدورها كاملاً في الأسرة والمجتمع، دون إفراط أو تفريط.
- تأهيلها العلمي والتربوي: لتكون قادرة على تربية أبنائها تربية إسلامية صحيحة، ولتكون شريكاً فاعلاً في بناء المجتمع.
- إشراكها في العمل الدعوي والخيري: بما يتناسب مع طبيعتها وقدراتها، والاستفادة من طاقاتها في خدمة الإسلام والمسلمين.
- حمايتها من الأفكار الهدامة: التي تسعى إلى إفسادها أو إخراجها عن فطرتها ودورها الأصيل.
- تقدير دورها وتثمين جهودها: الاعتراف بمكانتها وأهمية ما تقوم به، وتشجيعها على العطاء والبذل.
إن تهميش دور المرأة أو التقليل من شأنه، هو خسارة كبرى للأمة، ويؤدي إلى اختلال في التوازن المجتمعي، ويحرم الأمة من طاقات إبداعية هائلة.
التكامل بين العمل الفردي والجماعي
إن العمل الإسلامي الناجح هو الذي يجمع بين قوة العمل الفردي وإبداعه، وبين تنظيم العمل الجماعي وتكامله. فلا يمكن للفرد أن يحقق كل شيء بمفرده، ولا يمكن للجماعة أن تنجح دون أفراد أقوياء ومؤهلين.
لذا، يجب أن نؤكد على:
- تنمية الفرد المسلم: بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة، التي تجمع بين العلم والإيمان، والعبادة والعمل، والخلق الحسن.
- تعزيز روح الفريق: غرس قيم التعاون والتآزر والإيثار بين الأفراد، والعمل بروح الجماعة لتحقيق الأهداف المشتركة.
- توزيع الأدوار والمسؤوليات: تحديد مهام كل فرد وجماعة، وتنسيق الجهود، لتجنب الازدواجية أو التقصير.
- الاستفادة من التنوع: احتضان المواهب والقدرات المختلفة، وتوظيفها في خدمة العمل الإسلامي، فالأمة تحتاج إلى جميع أبنائها.
إن الفصل بين العمل الفردي والجماعي، أو تفضيل أحدهما على الآخر بشكل مطلق، يؤدي إلى ضعف في الأداء، ويقلل من فعالية العمل الإسلامي.
نسأل الله أن يبارك في جهودنا، وأن يجمع كلمتنا على الحق، وأن يجعلنا من الذين يسعون في الأرض بالصلاح والإصلاح. والحمد لله رب العالمين.