لا تغضوا من قيمة الشريعة!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي الكرام، لازلنا في سلسلة "نصرة للشريعة"، ولازلنا نناقش الطرح القائل بأنه لابد من علاج مشاكل المجتمع أولاً ثم تطبيق الشريعة في الواقع.
غض من قيمة الدين
هذا الطرح فيه غض من قيمة دين الله تعالى، فيه انتقاص من قيمة الدين. فإن كانت القوانين الوضعية والحلول البشرية المناقضة للشريعة إن كانت تصلح حياة الناس وتقضي على مشاكلهم، فما فائدة الشريعة إذن؟
هل يقصد بهذا الطرح أن علينا أن نصلح دنيانا بالقوانين الوضعية ثم نصلح آخرتنا بتطبيق الشريعة؟ وهل جاءت الشريعة إلا لصلاح الدنيا والآخرة؟ أليس منزل الشريعة سبحانه وتعالى هو الأعلم بما يحتاجه عباده في دنياهم؟ ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير؟
ألم ينزل الله تعالى الشريعة رفقًا بالناس ومراعاة لضعفهم، ولعلمه تعالى بأنهم لا يستطيعون أن يسوسوا حياتهم دون هداه؟
حكمة الله في تشريع الأحكام
قال تعالى بعدما فصل أحكامًا من الشريعة في سورة النساء: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا}.
أي أنه تعالى أنزل الشريعة لعلمه بأن الإنسان ضعيف، فأراد تعالى أن ينقذه من عناء ومشقة القوانين الوضعية والأحكام والأهواء البشرية.
الشريعة تخفف عن الإنسان
كما قال سبحانه وتعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}. هذا الخطاب موجه إلى الصحابة، أنقى الناس قلوبًا وأرجحهم عقلًا وأقلهم هوى. ومع ذلك يقول الله لهم أنه لو ترك نبيه يطيعهم في اختياراتهم لعنتوا، أي لأصابتهم المشقة في الدنيا.
فما بالك بقوانين وضعية صاغها ناس لا نقاء قلب ولا تقوى، لا يصوغون إلا عن هوى ومصالح شخصية؟ أنريد إصلاح أوضاع المجتمع بقوانين هؤلاء؟
ثم قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ}. ما الإيمان؟ دين الله، شريعة الله.
خلاصة
الخلاصة من هذه الحلقة: القول بعلاج مشاكل المجتمع قبل تطبيق الشريعة فيه غض من قيمة الشريعة. فالشريعة ما أنزلت إلا لتحل مشاكل المجتمع ولتصلح دنيا وآخرة الناس.
وإلى لقاء آخر في الحلقة القادمة بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.