→ عودة إلى نصرة للشريعة

الحلقة 3 - المعنى الخطير للتدرج في تطبيق الشريعة

٢١ مارس ٢٠١٢
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

المعنى الخطير للتدرج في تطبيق الشريعة

إخوتي الكرام، لازلنا في سلسلة نصرة للشريعة. نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن، هل هذه العبارة يقولها مسلم؟ الواقع هذه العبارة لا تختلف أبداً عن عبارة "نريد أن نتدرج في تطبيق الشريعة".

التدرج في تطبيق الشريعة كالحكم بغير ما أنزل الله

لأن هذا التدرج يعني أننا نريد أن لا نحكم بما أنزل الله في عدد من المسائل لفترة من الزمن. وهي لا تختلف أبداً عن عبارة "نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة". لماذا؟

لأن الذي يصل إلى سدة الحكم لا يصل إلى فراغ. لو كان يصل إلى فراغ ليس فيه أنظمة ولا قوانين ولا أحكام، لتصورنا أنه سيطبق بداية عشرة في المئة شريعة، ثم عشرين في المئة شريعة وهكذا إلى أن يصل إلى مئة في المئة شريعة، ودون أن يطبق قوانين وضعية خلال هذه الفترة. ولكن يمكن أن يقال هو يتدرج في تحكيم الشريعة ولا يحكم بغيرها.

الواقع العملي للحاكم ومخالفة القوانين الوضعية

لكن الذي يصل إلى سدة الحكم سيصل إلى منظومة كاملة من القوانين الوضعية المحكمة في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجنائي. وهذه القوانين الوضعية مخالفة لشريعة الله تعالى.

فالذي يقول أريد أن أتدرج في تطبيق الشريعة، كلامه يعني أنه سيحكم بداية بقوانين موافقة للشريعة بنسبة 50% مثلاً، بينما سيحكم بالقوانين الوضعية بنسبة خمسين في المئة. هل لكلامه معنى آخر؟

موقف الإسلام من الحكم بغير ما أنزل الله

أين يذهب حينئذٍ من قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، {فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}؟ مقابل تبديل الشرائع، بغض النظر عن ذلك كله، ألسنا نتفق على أن الحكم بغير ما أنزل الله حرام على الأقل وبكل أشكاله؟

هل يقبل الإسلاميون أن يقولوا هذه العبارة: "نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن"؟ هل هناك آية تثني عليهم حينئذٍ؟ هل هناك آية تقول: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُحْسِنُونَ} أو {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أو {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمَعْذُورُونَ}؟

هل النوايا الحسنة تبرر الحكم بغير ما أنزل الله؟

هل الحكم بغير ما أنزل الله كان حراماً على الأنظمة البائدة ثم أصبح حلالاً للإسلاميين لأن قصدهم شريف ولأن نواياهم طيبة ولأنهم في المقابل يحكمون بشيء مما أنزل الله؟ أليس منهم من كان ينادي بأن من حكم بغير ما أنزل الله فهو طاغوت، جعل نفسه مشرعاً ليتخذه الناس أرباباً من دون الله؟

إن حكم الإسلاميون بغير ما أنزل الله مرحلياً بنسبة مئوية معينة، فما الذي يعفيهم من هذه الأوصاف؟ هل النية الطيبة وبعض الشريعة الذي يحكمون به والتوجه العام تجاه الشريعة، هل هذا كله في أصول الشريعة؟ هل هذا كله كافٍ في أن يعفيهم؟

الخلاصة

إذن إخواني، عندما نسمع هذه العبارة "نريد أن نتدرج في تطبيق الشريعة"، دعونا نفهم معناها ولوازمها. لا تختلف أبداً عن عبارة "نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن نقدرها نحن بناء على المعطيات". الخلاصة من هذه الحلقة: القول بالتدرج في تطبيق الشريعة معناه الحكم بغير ما أنزل الله.

والسلام عليكم ورحمة الله.