السلام عليكم. راح أتعمد أحكي بالعامية عشان الكلمة توصل للناس اللي لازم توصل لهم.
هل كان الحكم الصيني منحازًا للمنتخب القطري؟
خلي الجواب للآخر، لكن قبلها خلينا نجاوب عن سؤال: هل الرياضة حرام؟ هل مطلوب منا نعيش في نكد ونظل محبطين ومكتئبين عشان غزة؟ الجواب: لا. لا الرياضة بحد ذاتها حرام، ولا مطلوب منا نظل محبطين ومكتئبين عشان غزة ونحزن لأجل الحزن. لكن مطلوب منا يكون عندنا مروءة وكرامة تمنعنا نتصرف بغفلة. مطلوب يكون عندنا نخوة تمنعنا نوصل رسائل مدمرة.
من المروءات المعروفة في مجتمعاتنا أنه إذا عندك عرس وتوفي جارك، فمن الأدب أنك ما تطلع صوت العرس والزغاريد وتجرح جيرانك المكلومين. هذا لو جارك مات بجلطة أو حادث سير، وفاة عادية يعني. فما بالك لما يكون بينطحن طحن من كلاب الأرض، وعدوك وعدوه المشترك بيصور حاله وهو بيفجر المساجد وبيعذب المسلمين.
فكر في الرسائل اللي بتوصلها لما تزمر في الشوارع وتظهر الفرحة العارمة بهدف، وتطنط وتنط نطي في القهاوي، وصوركم تبث لأنحاء العالم.
الرسائل المدمرة للاحتفال
لأهل غزة
أول رسالة بتوصلها هي لإخوانك في غزة: "إحنا نسيناكم، ملينا منكم ومن حمل همكم، ما عدنا نتطلع لكم فضلًا عن أن نظهر التعاطف معكم".
للصهاينة المجرمين
ثاني رسالة بتوصلها هي للصهاينة المجرمين اللي في نفس وقت المباراة كانوا ولا زالوا يخططون لاجتياح رفح، وبناقص أنه لازم موضوع غزة يخلص قبل رمضان، بلاش رمضان بنفحاته الإيمانية يخرج الشعوب المحيطة عن السيطرة. أنت وصلت لهم رسالة: "لا تخافوا، خليكم داعسين، معكم الضو الأخضر، إحنا شعوب بتنسى وما عندها نفس طويل، فلا تتحسبوا لردود أفعال انتقامية".
للغربيين من غير المسلمين
بتوصل رسالة للغربيين من غير المسلمين، من اللي عملوا مظاهرات عشان غزة وعرضوا نفسهم للاعتقال والضرب. بتوصل لهم رسالة أنه: "على إيش شادين حالكم؟ على إيش مهتمين؟ إحنا يا المسلمين نفسنا ملهي بالكرة عن أهل غزة، ارجعوا لبيوتكم ولا تضغطوا على حكامكم".
للمسؤولين في بلاد المسلمين
بتوصل رسالة للمسؤولين في بلاد المسلمين أنه: "بإمكانكم تحقيق المزيد من الاستحمار لشعوب، مزيد من الإذلال وحرب الدين وسرقة الثروات والقمع. هينا شايفين إخواننا يذبحوا ومع ذلك بنرقص وبنصيح عشان كرة، فما تحسبوا لنا ولا لغضب أي حساب".
للناس الذين نفد صبرهم داخل غزة
بتوصل رسالة للناس اللي نفد صبرهم داخل غزة، اللي كانوا دائمًا يلوموا المجاهدين وحملوهم المسؤولية. كان هناك من يرد عليهم سابقًا: "اصبروا، كلنا مشاريع شهداء، إحنا قدوة للعالم الإسلامي، إحنا أحيينا كل المسلمين وراح تشوفوا بكرة كيف صمودكم راح يغير وجه العالم". الآن هؤلاء اللي نفد صبرهم، وكذلك الطابور الخامس في فلسطين عمومًا وفي الخارج اللي بده يوجه الحقد على المجاهدين بدل ما يتوجه للخونة والمتآمرين، راح يطلع في هؤلاء الصابرين المصبرين ويقول لهم: "أها، شفنا كيف صبرنا غير وجه العالم". فأنت بتوصل رسالة الفتنة وشق الصف وعدم القدرة على المتابعة والتحمل.
لنفسك
بتوصل رسالة لنفسك أنه الأمر النبوي: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"، أنه هذا الأمر لا يعنيني. إما مش شايف أهل غزة مؤمنين عشان أمنع حالي من الغفلة كرمالهم، أو مش شايف حالي مؤمن حتى ينطبق علي الحديث.
أف أف أف، كل هذا عشان شوية زمامير وتصفيق ورقص في الشوارع؟ نعم، لأنه الأصل أنك أنت إنسان مهم وتصرفاتك مهمة ومحسوبة ومؤثرة، ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].
يا أخي لا تزاود علينا، ترى إحنا اللي احتفلنا وغضبنا وحزنا عشان الكرة، إحنا لو فتح باب للجهاد صدق لأكون أنا أول المجاهدين. باب الجهاد مش راح يفتح بمخلوقات فضائية يا صديقي، لا تنتظر تجيك الفرصة على طبق من ذهب، ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً﴾ [التوبة: 46].
طيب، بتعرف أنه بعض اللاعبين هم من حفظة القرآن وبعضهم أظهر دعم غزة في المباريات؟ أنا مش معني أحكم على هؤلاء اللاعبين الآن، لكن معني أحكي لك أنه الطريقة اللي احتفلت بها هذه اسمها غفلة وخذلان، وبتوصل الرسائل المدمرة اللي حكينا عنها.
الفرق بين الهمة والغفلة
فرق كبير بين حالتين يا شباب: بين أنه الأحداث تكون أثرت فيك تأثير عميق، خلت عندك هدف عظيم أنك بدك تنصر إخوانك وتعز دينك وتوقف هذا الظلم والباطل في العالم، وإذا ما جاهدت في هذه الجولة جهاد النصر، فلازم تعرف إيش العوائق حتى تعمل على تجاوزها، وبتحول همك لطاقة وقوة دافعة. بتمارس دراستك، مهنتك، أدوارك الاجتماعية بجدية وبتسخرها للمجاهدين. وفي أثناء ذلك ممكن تمارس الرياضة وتروح عن نفسك عشان تشحن همتك لمتابعة الطريق.
فرق بين هذه الحالة والحالة اللي بتحتفل فيها بالرياضة بطريقة بتدل أنك بلا هدف عظيم، وأنه الأحداث اللي تعاطفت معها سابقًا ما عملت فيك تغيير جذري، وأنك مش مستعد تعمل بنفس طويل لأجل دينك وأمتك وإخوانك.
نداء من غزة
الأخ جهاد حلس كتب أمس من غزة: "يلعبون كرة القدم ونحن نباد ونقص. يشجعون كرة القدم ونحن نجوع ونقهر. يبكون ويضحكون على جلدة منفوخة وأطفالنا يبكون من شدة البرد. هذا همهم وهذا همنا".
تصور لما تخيب ظن إخوانك فيك، وأنت اللي كنت بالأمس تقول لهم: "يا إخوانا همكم همنا، دمكم دمنا، إحنا وأموالنا في ذمتكم، بس لو تزول الحدود اللي بينا". حط حالك محل واحد من إخوانك في غزة بيشوف شباب المسلمين المتحلقين يرقبون إذا الكرة بتيجي في الشبكة في جو احتفالي عارم، بينما هو بيترقب يجي الصاروخ في بيته وفي أهله وأطفاله يفتت ويقطع أوصالهم. ترضاها لو كنت محله؟
دعاء المظلوم والتحذير من الخذلان
ويا ترى إذا دعا عليك دعوة مظلوم بتنجو من دعوته؟ بل مش خايف أنه الدعاء اللي ياما دعيته: "اللهم انصر من نصر أهل غزة واخذل من خذلهم"، مش خايف أنك بهذا عمالك بتدعو على حالك وأنت بتخذلهم وبتفرح بهذا الشكل؟ ومرة أخرى لا تضحك على حالك بأنه الرياضة ما فيها شيء، المشكلة هي في إظهار الفرحة بهذا الشكل المخالف للمروءة.
﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: 38]. يبدو أن كثيرًا منا ما بينفع معه إلا البلاء حتى يصحى. صحيح مش الكل هيك، لكن مع ذلك لا بد للرافضين أن ينكروا هذا المنكر لعل الله عز وجل ينجينا إذا حلت بمجتمعاتنا عاقبة الخذلان لإخواننا.
الإنكار على المنكر
وأقول لإخواني المنكرين لما يحصل: استمروا في إنكار تآمر المتآمرين وخيانة الخائنين وغفلة الغافلين. استمروا في دعائكم ونصرتكم لإخوانكم قدر استطاعتكم. هذا الصمود من إخواننا حتى الآن أحسب أن لكم فيه نصيبًا وأجرًا بإذن الله. وهذا زمن تمحيص فادخروا عند الله أعمالًا تحبون أن تلقوه بها.
العودة إلى السؤال الأصلي
عودة إلى السؤال الأول: هل كان الحكم الصيني منحازًا للمنتخب القطري؟ لا أعلم ولا يعنيني ولم أحضر المباراة وما بتشغلني هذه البطولات عن الاهتمام بالبطولات الحقيقية. لكني أعلم يقينًا أننا جميعًا عائدون لله الحكم العدل الذي قال في الحديث القدسي: "يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
رسالة للشباب
وختامًا كلمة لإخواني وأبنائي الشباب اللي دبت فيهم الروح في بداية الأحداث، اللي تعاطفوا مع إخوانهم، نزلوا مظاهرات وبكوا وتحركوا ألمًا وقاطعوا وتفجرت فيهم ينابيع الخير. الشباب اللي تناقلوا مقاطع المسافة صفر والمجاهد اللي حرص يتوفى وهو ساجد وغيرهم. معقول يا شباب كل هذا كان فزعة وانتهت؟ معقول أهل غزة صبروا فوق الـ 120 يوم على كل هذه الأهوال وإحنا مش قادرين نصبر ولا حتى على مراعاة مشاعرهم وإظهار الجدية والتعاطف والنصرة لهم وترك الغفلة احترامًا لأخوتنا لهم في الله؟
وللتدقيق ترى الغفلة اللي أظهرها بعضنا هي اللي كانت هفوة، وإن شاء الله بنرجع وتدب فينا روح العزة والكرامة. هذه الأحداث يا شباب اختبار لنا جميعًا فارجوكم لا تفشلوا في الاختبار. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: 105].
والسلام عليكم.