السلام عليكم.
لماذا التركيز على فرنسا؟
يمكن كثير من الناس كانوا يقولون في أنفسهم: يا أخي فرنسا فرنسا، زودتوها خلاص! ما فيش غير فرنسا؟ إيش فرقت فرنسا عن بريطانيا والأمريكا؟ ولا إيش فرقت برسومها المستهزئة عن الدنمارك؟ يعني مش لاقيين حاجة تعملوها غير قاطع فرنسا انصر نبيك؟ شوفوا لكم موضوع ثاني وخلاص.
هو فعلاً لماذا هذا الاهتمام بموضوع فرنسا؟ مش إحنا المسلمين تعودنا نفور في الموضوع لبضعة أيام وننسى ونتحول لمشكلة أخرى؟
شوفوا يا إخوانا، يقال: "العالم يرى الفتنة وهي مقبلة، وغيره يراها وهي مدبرة". موضوع فرنسا إذا تصرف فيه المسلمون بشكل صحيح فهو فرصة لعزة إسلامية جديدة، وإذا ضعفنا فيه فهو مصيبة كبيرة مستمرة، ليست كالحوادث السابقة.
خطة فرنسية ممنهجة لقمع الإسلام
المتابع للتفاصيل يعلم أن تبني الدولة الفرنسية للرسوم المستهزئة بالنبي صلى الله عليه وسلم، كانت استمرارًا لخطةٍ متكاملة بدأت قبل حادثة المدرس، هدفها قمع الإسلام في فرنسا.
وقبل خمسة أيام من الآن، في التاسع من ديسمبر، عُقد مؤتمر تكلم فيه مجموعة من الوزراء الفرنسيين عن حزمة من القوانين التي ستُعرض على البرلمان تحت عنوان "تعزيز مبادئ الجمهورية". القوانين مفصلة لتحارب إظهار المسلمين لشعائر دينهم ولتذويبهم في المجتمع الفرنسي ومنع تمايزهم عقدياً وأخلاقياً. هذا بالإضافة لما تكلمنا عنه كثيراً من إغلاق المساجد والمراكز الإسلامية. تريد التفاصيل؟ تابع فيديوهات قناة "شؤون إسلامية".
حرب دينية مقننة
هذا الحدث يا إخواني بهذه الكثافة غير مسبوق في النظام الدولي الجديد الذي كان يتستر بدعاوى المساواة وحرية الإنسان. نعم تُشن حروب عسكرية ضد المسلمين، لكن هذه المرة نحن نتكلم عن تقنين الحرب الدينية وترسيخها في مبادئ الدولة. فهذا سيكون مغرياً لأعداء الإسلام في دول أخرى أن يفعلوا مثلها.
فالإسلام يا كرام دين يرفض الظلم والاستعباد للنظام الدولي، وليس من مصلحة مستعبدي البشرية من الساسة وحيتان الرأسمالية أن يتركوه ينمو وينتشر في عقر دارهم. لذلك فالحكومة الفرنسية ترى في حجاب المرأة والشعائر الإسلامية تهديداً لمبادئ الجمهورية كالحرية المزعومة، بينما لا ترى في متحف الجماجم بباريس الذي يحتفظ بذكرى قطعها لرؤوس الناس في مستعمراتها تعارضاً مع الحرية! ويا للعجب!
عواقب وخيمة على المسلمين عالمياً
أعداء الإسلام في دول كثيرة يترقبون ماذا ستكون نتيجة الصراع الدائر بين الحكومة الفرنسية من جهة، وما تبقى من حياة لدى المسلمين من جهة. إذا فتر المسلمون وضعفوا وطُبقت القوانين ونجحت في سلخ المسلمين عن دينهم، ما الذي سيمنع هؤلاء المتربصين من استنساخ التجربة نفسها في بلادهم؟
على أقل تقدير رح يمسكوها مذلة على المسلمين في بلادهم، زي ما حكومات عربية بتقول لشعوبها: "اسكتوا محدش يفتح فمه ولو أذلناكم وسرقنا أقواتكم بلاش يصير فيكم زي سوريا". فرنسا ستصبح مذلة للمسلمين في الغرب: "اسكتوا بلاش يصير فيكم زي المسلمين في فرنسا ولو ضيقنا عليكم وأغلقنا مراكزكم ومساجدكم وحببنا إلى أبنائكم الكفر وفرضنا عليكم ما يخالف دينكم".
ما يحدث الآن هو مقياس لحياة المسلمين في العالم، لحبهم لدينهم وتمسكهم به.
قوة المقاطعة وتأثيرها
أحداث المقاطعة لفرنسا كانت مرتجلة وعفوية، لا يقودها حزب ولا جماعة، وظهر فيها روح الأمة الواحدة. ولهذا يتعمد إعلام بعض الدول العربية نسبتها للإخوان.
المساجد تُغلق ويفاخر المسؤولون الفرنسيون بذلك. وزير الداخلية بيقول لك: "إذا أنت يا أب يا مسلم بتقول للمدرس لو سمحت لا تعرض أمام ابن المسلم رسومات تستهزئ بنبيي في الفصل الدراسي سيتم تجريمك وممكن نطردك بره فرنسا". وقوانين ممنهجة لسلخ المسلمين عن دينهم وتكفير الأجيال القادمة منهم.
إذا لم يتحرك المسلمون في قضية كهذه فمتى يتحركون؟ أنت لما لا تحرك ساكناً ولا يعنيك الأمر، فأنت توصل رسالة لفرنسا ومن ورائها أعداء الإسلام في كل بلد غربي وشرقي وعربي أن المسلمين لا يعز عليهم دينهم، ومهما عملت فينا مش رح نتحرك، "خذوا راحتكم وامضوا قدماً في خطتكم".
فأحداث فرنسا ثيرموميتر، ميزان لحرارة الإيمان في قلوب الشعوب المسلمة. لا تظنوا يا إخواني أن المسألة هذه المرة مثل المرات السابقة، رسوم مستهزئة، شوي ثوران ثم تعود الأمور لما كانت عليه. لا، هذه المرة وصل المسلمون مع خصومهم مرحلة لا عودة. إما أن يضعفوا فيتلقوا الضربات ويتجرأ أعداؤهم على إهانتهم أكثر غرباً وشرقاً وفي بلاد المسلمين، وإما أن يصبروا ويظهروا غيرتهم على دينهم علشان اللي عنده بضاعة حقيرة فاسدة يداريها وما يظهرش حقده كله.
ردود الفعل على المقاطعة
ردة الفعل القوية العفوية الطيبة من المسلمين كانت نعمة من رب العالمين حتى فرنسا نفسها لم تتوقعها. ولذلك فبعض الحكومات العربية سايرت الموجة في البداية، ثم لما خفت بدأت تقمع من يتكلم في الموضوع وإعلامها بدأ يلمع ماكرون. حتى يقول قائلهم: "خطاب ماكرون عن الإسلام ومبادئ الجمهورية".
بل وزير خارجيتها الذي كان وزير الدفاع لما هاجموا دولة مالي المسلمة عسكرياً، يلف على بلاد المسلمين ليقول: "نكن احتراماً عميقاً للإسلام والمسلمين". وبعض التصريحات حُرِّفت للإساءة إلى فرنسا. يعني لا يا جماعة! إحنا صحيح قلنا أن الاستهزاء بالإسلام ونبي الإسلام حرية تعبير وسنبقى ندافع عن هذا الاستهزاء. لكن إحنا برضه بنحترم دينكم الذي نستهزئ به. ما تفهموناش غلط!
يعني خطاب عاطفي لتنفيس غضب المسلمين وإقناعهم بترك المقاطعة، وفي الوقت ذاته استمرار وتصعيد في الإجراءات ضد الإسلام. منتهى الاحتقار والاستخفاف بعقول المسلمين ودينهم. يعني حنستمر في إجراءاتنا وعليكم التعايش مع هذا الوضع ولازم تشتروا منا وتدعموا اقتصادنا ونحن نحارب دينكم.
سياسة فرض الأمر الواقع، والشبكات الإعلامية العربية تنقل تصريحات وزير الخارجية الناعمة وتقابل ماكرون ليفهمنا وجهة نظره. وفي المقابل تهمش أخبار المقاطعة ولا تلتفت لبيان يوقع عليه مئات الشخصيات يحث المسلمين على المقاطعة وعلى اتخاذ الموقف الشرعي الصحيح. كل هذا يشعر بأن المقاطعة تقلقهم وتؤثر على فرنسا، وأن الموضوع هذه المرة ليس كالمرات السابقة.
دعوة للاستمرار والثبات
لذلك يا كرام لا تستغربوا من التركيز على الموضوع، وصل المسلمون مرحلة لا عودة. فاستعينوا بالله على الاستمرار في المقاطعة ونشر الوعي بالقضية ونصرة إخوانكم في الغرب والدعوة إلى الله والعمل على إعزاز المسلمين بأن تكون شريعة الله مقامة في حياتهم. وندعوكم إلى متابعة موقع وتسجيل توقعاتكم فيه لتضموا صوتكم إلى صوت إخوانكم الموقعين.
والسلام عليكم ورحمة الله.