→ عودة إلى مرئيات

يذنبون ولكن... يحبون الرسول

٢٦ أكتوبر ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

يذنبون ولكن... يحبون الرسول

إخواني الكرام، كثيرًا ما نسمع عبارة: "ماذا تنفع محبة الرسول إذا لم تكن ممن يطيع أمره ويترك ما نهى عنه؟" فأقول: بل تنفع وتنفع جدًا. العبارة المذكورة ليست صحيحة، لكن لا نقف عندها عندما تقال للمسلم حتى يزداد طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

المعركة الحالية: على الإسلام نفسه

أما المعركة الآن فهي معركة على الإسلام نفسه: "تكون مسلمًا أو لا تكون". كلامي ليس عن المقاطعة، فالمقاطعة وسيلة من وسائل نصر النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يقصر فيها بعض المسلمين، وإن كنا نؤكد عليها ونحث عليها ونمارسها وندعو إليها.

لكن أعداء الله ورسوله يريدونك أن تستخف بالنبي وتقبل بالاستهزاء به وتصطف معهم في اعتبار ذلك حرية شخصية. ومن يفعل ذلك فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

الأولوية الأولى: الحد الأدنى من الإيمان

نحن الآن يا كرام ننادي كل من ينتسب إلى الإسلام: الأولوية الأولى هي أن تحقق الحد الأدنى من الإيمان الذي ينجيك من الخلود في النار. وذلك بأن تعظم الله ورسوله، وتحب الله ورسوله، وتتبرأ من أعداء الله ورسوله، وتتمايز عنهم، ولا تصطف في صفهم، ولا تواليهم.

حتى إن كنت عاصيًا، حتى إن كنت شارب خمر، حتى إن كنت آكل ربا، حتى إن كنت متبرجة، حتى إن كنت عاقًا لوالدين، أي من هذه المعاصي، إياك أن تقول: "ما هو أنا عاصي ماذا ينفعني ذلك؟" بل ينفعك بأن يجعلك في زمرة من في قلبه إيمان، وينجيك من الكفر، ويدخلك في قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

قصة النعيمان رضي الله عنه

روى البخاري أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اسمه النعيمان كان يجلد لشربه الخمر. فأتي به مرة ليجلد. الرجل كان مبتلى بالخمر، يشرب مرة ويجلد، ثم يشرب ويجلد، ثم يشرب ويجلد. فقال رجل من المسلمين: "ما أكثر ما يؤتى به!" يعني ليجلد على الخمر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه، فإنه يحب الله ورسوله".

قصة الشاعر أختر الشيراني

الشيخ أبو الحسن كان هنديًا، والشاعر أختر الشيراني كان هنديًا. أختر هذا يا جماعة كان مدمن خمر، يجلس مع رفاق السوء، ومنهم شباب شيوعيون عرب يبدو أنهم تعلموا لغة أصحابهم الهنود. وكان أختر أثناء شربه الخمر وسكره يقول له أصحابه: "يا أختر ما تقول في الوزير الفلاني؟" فيقول شعرًا بذيئًا فاحشًا ويضحك الجميع. "ما تقول في رجل الأعمال الفلاني؟" يصير يخبص أختر ويحكي كلامًا لا يقال. "ماذا تقول في الشخص الفلاني من المشاهير؟" ويؤلف أختر شعر الماجن.

مرة من المرات تجرأ أحد جلسائه من الشيوعيين العرب فقال لأختر: "ماذا تقول في محمد؟" أختر سكران "طافي" بالتعبير المحلي. محمد هذا الاسم رن في أعماق أختر، رن في أعماقه اسم له مكانة حتى لو كان سكران، لكن في تعظيم للرسول عليه الصلاة والسلام. مسك كأس الخمر ورماها في وجه هذا الشيوعي العربي وقال له كلامًا.

قال الشيخ أبو الحسن نقلاً عن أختر لما رمى كأس الخمر في وجه الشيوعي: "يا قليل الأدب، أنت توجه هذا السؤال الوقح إلى رجل مذنب معترفًا بشقائه! ماذا تريد أن تسمع من فاسق؟" كان جسمه يرتعد وانفجر باكيًا وأجهش في البكاء وأقبل على هذا الشاب الوقح يقول في عنف وغضب: "كيف سولت لك نفسك يا خبيث أن تذكر هذا الاسم النزيه المقدس؟ كيف تجرأت على ذلك يا قليل الأدب يا قليل الحياء؟ لقد كان لكلامك مجال واسع، نحن كنا نحكي في الوزراء والأمراء والشعراء والتجار، تيجي على محمد ليش؟ كيف تجيب سيرة محمد صلى الله عليه وسلم؟"

كما يقول أبو الحسن: "وبات طول الليل باكيًا يقول: لقد بلغ هؤلاء الشباب الملحدون هذا الحد من الوقاحة والجرأة، إنهم يريدون أن ينتزعوا منا آخر ما نعتز به ونعيش عليه من حب وولاء وإخلاص ووفاء. إنني رجل مذنب لا شك في ذلك، أعترف بذنبي، ولكن هؤلاء يحاولون أن نخلع ربقة الإسلام من أعناقنا وقلوبنا ونخرج من حظيرة الإيمان. لا والله لا نرضى بذلك، لا والله لا نرضى بذلك."

شوف يا كرام، هذا الإنسان كان في قلبه محبة صادقة للنبي عليه الصلاة والسلام. أنا لا أدري أختر بعدها تاب ولا ما تاب، الله أعلم. بقي يشرب ما يشرب، الله أعلم. لكن والله هذا الموقف يرجى له به الخير عند رب العالمين سبحانه وتعالى.

الأولوية الثانية: تحويل المحبة إلى طاعة

إذن هذه الأولوية الأولى. الخطوة الثانية يا كرام: حول هذه المحبة إلى دافع لك لتطيع ربك الذي تحبه وتعظمه، وتطيع رسولك الذي تحبه وتعظمه، وتتخلص من ذنوبك مستعينًا بالله تعالى، بعد أن بنيت على الخطوة الأولى وتعززت نظرتك لنفسك.

إخواننا في مصر، والله أقولها صادقًا من قلبي، الصالحون منهم طبعًا، يعني من فيه خير، من فيه إيمان، حتى لو كان عنده معاصي، من أكثر ما يحببني فيهم هذه العاطفة الجياشة تجاه الله ورسوله.

قصة موقع "توبة ميلودي"

أذكر من سنواتي إحدى المرات التي تطاول فيها مستهزئون على النبي صلى الله عليه وسلم، أني كنت أحضر لخطبة فوقعت عيني على خبر توبة "توب ميلودي"، موقع عالمي لمقاطع الغناء والرقص والكلام الفاحش. حصلت على رقم أحد الشابين المؤسسين للموقع واتصلت به وتحققت من القصة. كانوا قد وضعوا X على شعار الموقع السابق وأفرغوا الموقع من كل محتواه السابق وكتبوا بدلاً منه الرسالة التالية سأقرأها لكم باختصار.

قالوا: "نور الهداية". يعني بذلك طبعًا يمكن لقائل أن يقول: "يا شيخ بدل الناس على مواقع غناء؟" أقول لك: الموقع أفرغ من محتواه. والحمد لله في الآونة الأخيرة، نظرًا لما توجه من إساءة إلى رسول الأمة، فقد قررت إدارة الموقع بغلقه للأبد بسبب حرمانية سماع الأغاني.

"ماذا ننتظر؟ رسولنا رمز الأمة الإسلامية قد أسيء إليه". طبعًا هم قالوا كلمة ثانية بس أنا ما أقولها. وهنا حاشاه صلى الله عليه وسلم أن يهان، ما يهان إلا الكلاب النابحة التي تحاول أن تتطاول على غبار قدمه عليه الصلاة والسلام. "رسولنا رمز الأمة الإسلامية قد أسيء إليه ونحن نسمع أغاني ونشاهد الفيديو كليب! حان وقت أن نسمع قلوبنا ونشاهد أنفسنا ماذا فاعلين للدفاع عن الإسلام وعن رسول الأمة صلى الله عليه وسلم؟"

لماذا تم غلق الموقع وهو في أقوى حالاته؟ بقول يعني الترتيب العالمي 5075، عدد الأعضاء 180 ألف، الدخل الشهري للموقع 700 دولار. يعني بقول لك أنا مش سكرت الموقع عشان الموقع فاشل بمقاييس الناس، لا، الموقع في ذروته. وعلمًا نحن بحاجة لهذا النجاح لإثبات أنفسنا، لكن مهما كانت النتائج والإحصائيات من نجاح لا تساوي نقطة في بحر رضى الله سبحانه وتعالى وإنصاف رسوله صلى الله عليه وسلم. ونحن في ذاك: "يا حبيبي يا رسول الله".

الله يكرمهم ويجزيهم الخير على هذه الحمية وهذا الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

الخاتمة

لذلك تذكر أخي وأختي: تنفعك محبة رسول الله وإن كنت مذنبًا. محمد صلى الله عليه وسلم ليس للمتدينين فقط، ليس للطائعين فقط، هو نبينا كلنا وإمامنا كلنا وحبيبنا كلنا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجمعني وإياكم أجمعين به يوم القيامة تحت لوائه وفي جنته وفي دار كرامته. والسلام عليكم ورحمة الله. شكرًا.