→ جميع المقالات
الإسلاموقراطيون
٢٦‏/١١‏/٢٠١٦

من المؤلم أن نرى ضياع تعظيم الدليل الشرعي بهذا الشكل. في سبيل الدفاع المستميت عن مشاركة "الإسلاميين" في مجالس تحتكم إلى تشريعات وضعية، وعن الدخول من قبل في السباق الرئاسي المصري، والتصويت للدستور الوضعي الذي يجعل التشريع للبشر من دون الله، ثم عن النموذج التركي...أصبح كل فعل قابلاً للتبرير والشرعنة... نشرتُ من قبل سلسلة بعنوان (نصرة للشريعة) وحلقات ومقالات كثيرة متفرقة أبين فيها حرمة كثير من الممارسات التي نتجت عن القبول بالدخول في هيكليات الأنظمة الوضعية والحرصِ على استرضاء النظام الدولي. كنت أستدل فيها بالكثير من الآيات والأحاديث...لكن المؤلم والغريب أن الرد لدى الكثيرين على هذا كله جاهز بكلمات قالبية: (المصلحة تقتضي)، (لا بد من المسايسة)، (كن واقعيا)...إلخ. المأساة الكبرى التي تتعمق شيئا فشيئا في أمتنا هي الاستخفاف بالدليل الشرعي... موت تأثيره، انعدام وزنه في نفوس الناس...هذه المأساة لم تقتصر على العمل السياسي، بل امتدت إلى جوانب حياة الناس المختلفة. فـــ"الإسلاموقراطيون" والمدافعون عنهم عودوا الناس على أن أي آية أو حديث نذكرها فإنه يمكن الرد عليها بعبارات "المصلحة والمفسدة"...إذن، فالأصل في أوامر الله ورسوله أنها غير واجبة أن نلتزم بها! فكلها يمكن حملها على غير ظاهرها...ولم يبق من الدين إلا عمومات الأخلاق الحسنة وحب الخير...أما الأحكام التفصيلية، فهناك ألف وسيلة ووسيلة للتخلص منها! حتى الأفعال التي كانت تعتبر من قبل خيانة وخطوطا حمراء... أرى الآن تبريرا لها ممن كنا نحسبهم على خير. ولا عجب، فعندما تنعدم مرجعية الكتاب والسنة، ويفقد الدليل الشرعي هيبته، ويصبح المرد إلى الهوى المنقطع عن الوحي، فإن كل أمر يصبح قابلا للتبرير، وما كان خيانة بالأمس يصبح "مصلحة" اليوم، وما كان جريمة يصبح "سياسة"! بل ويتجرأ البعض أثناء هذا التبرير على مقام النبي صلى الله عليه وسلم بادعاء أنه مارس شيئا شبيهاً، وهو عليه الصلاة والسلام أبرأ الخلق من نفاق قوم اليوم ولفهم ودورانهم (راجع كلمة صلح الحديبية دليل لعدم التنازل). إلى أولئك الذين سينبرون مدافعين...لن تفهمونا... لأنكم قدستم بشرا ثم حملتم على عاتقكم تبرير أفعالهم أياً كانت، أما أنا ومن يوافقني فلا نبني مواقفنا على تقديس فلان ولا الحقد الشخصي على علان! بل تعظيم الكتاب والسنة ولزوم طاعة الله تعالى ورسوله أعز علينا من كل من تقدسون...(فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله).