تعليقا على لقائي في برنامج (في العمق) كتب أحد "الإخوة" مقالا يقول فيه: (وقبل الدخول في تحليل حلقة الجزيرة أحب أن أشير إلا نقطة في غاية الأهمية لم ينتبه لها الكثير من المتابعين وظنوها فرعا رغم أنها مدار الأمر كله. فقد كانت أسرع لحظات سقوط القنيبي الحر إذ قال أنه يجب على العلماء البحث عن فتوى معاصرة بشأن تطبيق الشريعة للمرحلة الحالية الانتقالية). هنا أحب أن أقارن الكلام الذي نسبه "الأخ" إلى العبد الفقير مع كلامي الفعلي لنرى كيف يصنع إخواننا أوهامهم ثم يصدقونها ويتناقلونها. ووالله ما أحب الخوض في هذا الكلام، لكنه نموذج للظلم والتزوير الذي يمارسه "إخواننا" هداهم الله، ثم ينتشر حتى يصبح حقائق مسلمة!! ما قلته في البرنامج موجود نصيا على هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=CNHWKKMEXOQ "تطبيق الحدود مسألة فقهية، إذ هناك سيطرة جزئية منقوصة غير مستقرة على أرض من أراضي المسلمين". لاحظ: "تطبيق الحدود" وليس "تطبيق الشريعة". والذي لا يفهم الفرق بينهما ليس أهلا لأن يتكلم في هذا الشأن ثم يحاكم غيره إلى قلة فهمه! كنت بينت بالتفصيل أن هناك حالات تحرم فيها الشريعة إقامة بعض الحدود، وذلك في حلقة (شبهة تعطيل حد السرقة عام المجاعة)، وهي بإذن الله نافعة أنصح بسماعها كاملة: (http://bit.ly/1gc4ton) وكان مما قلت فيها: (إذن إخواني المسألة ببساطة أن الشريعة هي التي منعت عمر رضي الله عنه من إقامة الحد على السارق المضطر، فليس له إلا أن يذعن للشريعة فلا يقطع في هذه الحالة. هذا حكم من داخل الشريعة، لا أن عمر عطل الشريعة وعمل برأيه. فالحد لم يجب أصلا ليسقطه عمر أو يعطله). وقلت في خلاصة الحلقة: (لم يقم عمر حد السرقة عام المجاعة عملا بالشريعة، لأن شروط الحد الشرعية لم تتوفر. ولم يعطل عمر شيئا من الشريعة أو يعمل رأيه بدلا منها). فما طرحته في برنامج في العمق هو أن تطبيق الحدود كقطع يد السارق في أرض ليس المسلمون ممكنين فيها تمكينا حقيقيا هي مسألة فقهية تحتاج اجتهاد الفقهاء ليعرفوا: هل الشريعة تأمرهم بتطبيق الحدود في مثل هذه الحالة فيطبقوها؟ أم أن الشريعة تأمرهم بألا يطبقوا الحدود...فالسؤال عن: (ما الذي تأمر به الشريعة في هذه الحالة حتى نلتزمه ونكون بذلك مقيمين لها)؟ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تُقطع الأيدي في الغزو))، وقال ابن تيمية في (الفتاوى): (وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة). فمسألتنا: هل هذه الإمارة الممكنة القوية موجودة أم أن الأرض أرض غزو؟ صاحبنا لم يفهم كلامي، فظن أنه اكتشف " نقطة في غاية الأهمية لم ينتبه لها الكثير من المتابعين" حسبما قال، وجعلها: " مدار الأمر كله" الذي بنى عليه مقاله، وفهم أنني أحيل مسألة "تطبيق الشريعة" على العلماء، علما بأني كنت نشرت قبلها بيومين مقالا بعنوان (لا تقولوا تطبيق الشريعة بل إقامة الشريعة، لماذا؟) بينت فيه أن المسلم مطالب بإقامة الشريعة على كل حال، في التمكين والاستضعاف. ثم اعتبر "أخونا" أن هذه كانت أسرع لحظات السقوط الحر للعبد الفقير. فبنى عليها استنتاجاته أن العبد الفقير: (اعتبر الشريعة عاجزة)، ومن ثم: (انتقاصا من حيث لا يدري لمن يحكم ولا معقب لحكمه، تعالى عما يتخرصون) كما قال. وهكذا بدأت المسألة بعدم فهم وقلة استيعاب لكلام العبد الفقير، وانتهت باتهامه بالانتقاص من الله العلي الحكيم!!!!!!! بل اعتبر "الأخ" "اكتشافه" دليلا جديدا على "الفرق بين المشاريع المطروحة على الساحة الشامية" ليثبت أن مشروع جماعته هو المشروع الصحيح، بينما مشاريع غيرهم ساقطة مثل أصحابها !! وكأنني بمثل أخينا هذا يجلس يسمع لمخالِفه وقد حجب التعصب عن قلبه الفهم، فلما سمع عبارة وأساء فهمها طار بها فرحا حتى جلس على جهازه، فكلما خط جملة في إسقاط إخوانه أُعجب بها وظنها إلهاما من الله! وما هي إلا نفخ الشيطان ونفثه، فلا يزال يصعد لهجته حتى وصل إلى ما يبني عليه آخرون تكفير مَن أسقطه لأنه (ينتقص ممن يحكم لا معقب لحكمه)!!!! هذا مع التذكير بأن العبد الفقير جعل لواءه الذي يرفعه الدفاع عن الشريعة ونشر في ذلك سلسلة (نصرة للشريعة) وعشرات المقالات والكلمات المتفرقة التي تبين كلها وجوب إقامة الشريعة وجريمة التنازل عنها لآراء الرجال و بذريعة المصلحة والمفسدة. ومع ذلك فهذا كله لا اعتبار له عند الأخ، ولم تجعله دعوتي هذه يسمع الكلام مرة أخرى ليصحح فهمه! علما بأن الأخ استفتح مقاله بقوله: (عادة ما يتهم خصوم الدولة أنصارها أنهم يسقطون خصومها، فالداعم للدولة عندهم معتبر محترم والناقد لها في ميزانهم قد سقط فأين الحقيقة ؟؟ وسأتناول في هذه التغريدات هذا الزعم عن طريق دراسة حالة محددة وهي لقاء برنامج (في العمق) البارحة مع الثنائي حجازي والقنيبي .. فاقرأ واعتبر) نعم، اعتبر! اعتبر كيف تصبح الأوهام حقيقة! اعتبر كيف يكون الفجور في الخصومة! اعتبر كيف يتم إسقاط إخوة العقيدة نتيجة لقلة الفهم والاستيعاب! اعتبر كيف تُستباح كرامة المخالفين والخوض في سمعتهم! اعتبر كيف تكون المزايدة على الناس في قضايا يفنون أعمارهم ويتحملون البلاء من أجلها. اعتبر كيف تكون مناصرة مشروع ما بإسقاط كل المشاريع الأخرى واتهامها بأنها مدخولة ملوثة منحرفة. اعتبر كيف يصبح الذي ناصر الجهاد وحبس على دعمه (عدو المجاهدين)! اعتبر كيف جعلت قلة الفهم هذه من قبلُ العبدَ الفقير الذي صاح مرارا: (لا تطلقوا الطلقة الأولى)، كيف أصبح عند هؤلاء هو مطلقها وهو الشريك في الدماء التي أسيلت!!! اعتبر عندما تسمع بعد شهر عبارة تتردد على ألسنة بعض "الإخوة": "قنيبي يقول إقامة الشريعة تحتاج فتوى علماء" أو "قنيبي ضد الشريعة"...ولعلهم يتورعون عن الصلاة خلف العبد الفقير لوجود "شبهة كفر"!...ثم إن سألتهم من أين هذا قالوا لك: "الكلام موثق وموجود في مقابلة له كما نقل عنه الثقات"...اعتبر حينها ما مصدر هذه الأكاذيب والافتراءات التي تنافس كذب قناة العربية! اعتبر بالفعل! ووالله ما كنت أريد أن أنشر هذا المقال، فإني لا أحب أسلوب الرد، والرد على الرد. لكني راسلت "الأخ" الفاضل ووضحت له وطلبت منه أن يعدل عن ظلمه ويسحب مقاله فنشر توضيحي لكن أصر ألا يتراجع عما قال حتى أسحب مقالاتي في "الدولة"!! فقلت له: (أخي في موقعي (الفرقان) ستجد كل مقالاتي وكلماتي.فأرجو أن تحدد لي موضعا قوَّلت فيه جماعة الدولة ما لم تقل. ثم لو تعلمني الدليل على أن "الظالم" يجوز ظلمه، بحيث لا نتراجع عما نسبناه بغير حق إلى أحد ما لاعتقادنا انه هو أيضا ظالم!) فأصر بعد ذلك كله واستمر في نشر افترائه. فلو كانت المسألة قلة استيعاب فحسب لهان الخطب، لكنها مع ذلك المكابرة والتمادي في الباطل واستجازة ظلم من يتوهم أحدهم أنه ظالم! ظلمات بعضها فوق بعض، فإن ظهرت الحقيقة لم يكد أحدهم يراها. وإلى الله المشتكى. أسأل الله أن يشرح صدري وصدورنا جميعا لما يحب ويرضى.وإن رد "الأخ" أو غيره فلن أدخل معه في دوامة الرد والرد على الرد. هذه موادي منشورة على العلن، فمن كان صاحب عقل فليراجعها، ومن أجَّر عقله لغيره فشكرا له مقدما على حسنات يهديني إياها يوم لا درهم ولا دينار، إنما هو القصاص بالحسنات والسيئات. والسلام عليكم ورحمة الله.