→ جميع المقالات
كلمة بمناسبة مليونَي مشترك على الفيسبوك ونصف مليون على يوتيوب
٢٥‏/٣‏/٢٠٢٠

أيها الكرام هذه كلمة بمناسبة وصول عدد المتابعين للصفحة الرسمية على الفيسبوك إلى مليوني متابع. وكذلك وصول متابعي قناة اليوتيوب إلى نصف مليون متابع. بداية أحمد الله تعالى الذي وفق وأعان ونشر هذه الكلمات. أحببنا الله وكلامه ودينه ونبيه، فدعونا إليه، فواجهتنا عراقيل، فقلبها الله لصالح هذه الدعوة..(ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها). فيا رب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. ثانياً: أرحب بكم جميعا يا من تتابعون العبد الفقير، واعلموا أني أراكم بحق عائلتي الكبيرة التي أتشرف بها، أنتم إخواني وأخواتي وعزوتي..(إنما المؤمنون إخوة)...وأنتم أوليائي (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض). ثالثاً: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) كما علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم. فإني أشكر إخواني الذين ساعدوني دون أن يحبوا أن تظهر أسماؤهم لأنهم أخفياء مخلصون فيما أحسبهم. وإني والله أرى لطف الله إذ هيَّأ لي هؤلاء الإخوة الذين يساعدونني علمياً وتقنياً ولا أستغني عن مشورتهم ودعمهم المتواصل. لذلك يا كرام، لا تظنوا أن هذا الجهد هو جهد (إياد)، فوالله لولا أن رزقني الله بهؤلاء الإخوة لما رأيتم المحاضرات والمقالات بهذا المستوى. والمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه...(وتعاونوا على البر والتقوى). وليس هذا من التواضع في شيء، بل حتى يحفظ الله بركة العلم الذي ننشره ويزيدنا من فضله. فمن انتفع بشيء مما ننشره وأراد أن يدعو للعبد الفقير فليقل: إياد ومن معه. وأشكر أهلي والدي وإخواني الذين دعموني باستمرار، وزوجتي الكريمة التي تحملت انشغالاتي الكثيرة، وكل أخ وأخت وقف معي في ظروف صعبة مررت بها. بل وأنتم يا كرام لكم فضل علي واللهِ، بدعمكم المعنوي المتواصل وبنشركم لهذه المواد وبدعائكم لي بظهر الغيب، فإني واللهِ أرى بركة وحفظاً وأحسب أن دعواتكم لها في ذلك نصيب كبير. رابعاً: من المهم جداً أن نتذكر يا كرام أن الأرقام ليست هي المقياس لفضل الشخص. مليونا مشترك لا تعني أن قيمة فلان مليونا نقطة، وأن الذي عنده ألف مشترك قيمته ألف نقطة ! من الخطر يا كرام أن نقيم أنفسنا من خلال منصات لست في أيدينا نحن كمسلمين. ممكن واحد عنده متابعون يتكلم بكلمة حق مخالفة لمعايير مالكي منصات الفيس واليوتيوب وغيرها، وتكون معاييرهم باطلة فلا يعجبهم الحق الذي قاله فيشطبون حسابه. شوف المصيبة إذا كانت نظرتنا لبعضنا نحن المسلمين مرهونة بأعداد ليست بأيدينا، وكأننا نقيم أنفسنا بنظارات غيرنا ! مشكلة مركبة: أولاً: أن تصبح الأعداد هي المقياس، وثانياً: أن تكون المعايير التي تهدد بنقص هذه الأعداد معايير باطلة أصلاً. ترى يا إخواني الشهرة بلاء...بلاء! لأنك تسير بين الناس فيشار إليك بالبنان أن هذا عنده كذا ألف، أو كذا مليون متابع. ويعاملونك بإعجاب على هذا الأساس. فإذا لم يراقب العبد نفسه ويجعل رضا الله بوصلته الوحيدة فإن المسألة تتحول إلى عبودية لهذه الأعداد، ويصبح المتصدر عبداً للمتابعين يقول ما يرضي متابعيه لئلا ينفروا عنه، يقول مايزيد عدد المتابعين، ويتجنب كثيرا من الحق خوفاً من إغلاق حسابه. نعم، قد يحسن أحياناً أن تقول كل ما تعلم من حق حفاظا على منبر دعوي، لكن المصيبة عندما يصبح العدد هو الموجه وهو البوصلة. الشهرة وكثرة المتابعين لا تعني أني أفضل من غيري ممن أتباعهم أقل. وإنما هي مسؤولية. ونبينا صلى الله عليه وسلم قال: (إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة)..قالها في المال لأنه مسؤولية، وكذلك الشهرة وكثرة المتابعين مسؤولية، من لم يقم بحقها فإنه يكون الأقل يوم القيامة، الأقل نصيبا من رحمة الله والأقل فرصة في النجاة. ليس شرطاً تكون الكثرة دالة على محبة الله للعبد المؤدي إلى وضع القبول له في الأرض، وإنما تكون كذلك إذا اقترنت بالعمل الصالح واتباع السنة وحسن النية. والحي لا تؤمن عليه الفتنة. فنسأل الله أن يختم لنا ولكم بخير. فيا كرام، والله إني لأرى أن في أصحاب الحسابات المغمورة أو ممن ليس لهم اهتمام بمواقع التواصل من هم خير من العبد الفقير المتكلم. ولا نريد أن نقيم بعضنا البعض بأرقام ليست في أيدينا أصلاً كما أؤكد وأعيد. من الخطير أن تتحول الأعمال الصالحة في نظرنا إلى "مرقمنة": ينشر أحدنا منشوراً ثم أنظر في عدد التفاعلات، مشاركة، إعجاب، تعليق...وتصعد المعنويات وتهبط مع هذه الأعداد، ووالله إنها حينئذ لعبودية وذل للناس بدل رب الناس الذي أظهر المحاسن وستر العيب. كم من حديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم يدل على أن هناك أعمالاً عظيمة لا يلقي لها العبد بالاً، وتمر دون مشاركة ولا إعجاب ولا تعليق، ومع ذلك يُحِلُّ الله على فاعلها رضوانه إلى يوم يلقاه ويرفعه بها درجات ما كان يتصورها. يمكن في الوقت الذي تكتب فيه منشورا ويصبح ترند، حديث الآلاف والملايين، يمكن واحد جالس عند رجلي أمه يغمسهما في الماء أو يسليها أو يذهب ليقضي حاجاتها، وما أخذ على هذا الفعل ولا مشاركة ولا إعجاب ولا تعليق، ومع ذلك يكون عمله عند الله أعظم بكثير من صاحب المنشور ولَّا الفيديو الترند. لذلك يا كرام، قيمتنا ليست بهذه الأرقام، وعزة العبودية والإخلاص لله تحميك من ذل العبودية للجماهير ومنصات التواصل. خامساً: أرجو أن تعذروني على عدم القدرة على الرد على كل التعليقات فوالله الانشغالات كثيرة. وكما تلاحظون فقد تأخرت في السلاسل التي بدأنا بها. وعلى سيرة السلاسل فأبشركم.... ومرة أخرى أقول: حياكم الله، وجزاكم عني خيراً، وجزى إخواني الذين يعينونني عني خيراً، وأسأل الله أن يجمعنا في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، والسلام عليكم ورحمة الله.