→ جميع المقالات
( بأي ذنب قُتِلت) ؟ حتى لا تتكرر مأساة بتول
٤‏/٥‏/٢٠١٤

بتول حداد: طالبة هندسة نصرانية أردنية في الثانية والعشرين من عمرها أسلمت فعلم أبوها بإسلامها، فاقتادها إلى خارج بيتها وعذبها بشكل وحشي تكسيرا ليديها ورجليها وطعنا بسيخ في بطنها ثم قتلها بصخرة على رأسها كما في شهادة ابن عمها الذي أسلم قبلها. طعنة في كرامة وعزة المسلمين وخصوصا في الأردن.

إرهاب سيجعل المسلمين والمسلمات المتخفين بإسلامهم يحسبون ألف حساب قبل أن يظهروا دينهم. بل وقد يظهرون شعائر شركية خوفا على حياتهم. أيُعقل هذا في بلد من بلاد المسلمين؟! أيُعقل أن تعُج المساجد في صلوات الجمعة بملايين المصلين وعلى قرب منهم فتاة لا تستطيع أن تصلي أمام أهلها ولا تظهر محبتها لدينها؟! أيُعقل أن يتسمى عشرات الآلاف في هذا البلد باسم محمد ولا تستطيع هذه الفتاة أن تظهر حبها لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ سدا للطريق على من يريد أن "يلفلف" الموضوع ويضيعه في غمرة الجدل: لسنا هنا ندعو إلى "ردود فعل انتقامية" ولا إلى ما يسمونه "أعمال شغب"!! بل أخشى أن البعض قد يفتعل مثل هذه الأعمال حتى ينصب التركيز الإعلامي عليها وعلى استنكار ما يسمونه بـــ "العنف الطائفي" ...فيُنسى دم أختنا بتول تماما ويُلقى الخوف في قلوب النصارى المقتنعين بالإسلام فينصدوا عنه بعدما كادوا يقبلون عليه !! لسنا دعاة فتنة. بل الفتنة هي في هذا الإرهاب الشركي المستخف بكرامة المسلمين! الفتنة هي ما عرَّفها الله تعالى بقوله: ((والفتنة أكبر من القتل)). أي: فتنة الناس عن دينهم. ليس الخياران المتاحان هما: الفوضى أو السكوت عن الأمر وإهماله. لا. بل الحديث الآن عما يجب فعله لمنع تكرار مأساة بتول. علينا أن نضغط لـــ: - ينال هذا الأب المجرم عقوبته الشرعية، هو وكل من أعانه على الجريمة. وإلا فسيستهين غيرهم ويجرمون كجريمتهم.

  • ولتُوفر للمسلمات والمسلمين الجدد حماية علنية واضحة تمنع تكرار مثل هذه الجريمة.

بتول أختنا جميعا، ومن يسلمن بعدها أخواتنا في الدين. وعشائر الأردن تغضب إن اعتدي على أحد أبنائها. إن كنا مسلمين فرابطة الإيمان أولى عندنا من رابطة الدم فلا بد من توفير الحماية لبناتنا وأخواتنا هؤلاء. رسالة إلى شيوخ العشائر والوجهاء: أين أنتم أيها الوجهاء؟ وبماذا نفعتم الأمة؟! ما فائدة وجاهتكم؟ ألم تسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند الله جناح بعوضة، وقال: اقرؤوا إن شئتم : ((فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا)) (الكهف) )) ليس المهم أن تكونوا وجهاء عند الناس، بل المهم الوجاهة عند الله تعالى. قال الله في وصف موسى عليه السلام: ((وكان عند الله وجيها)) (الأحزاب). ليست الوجاهة بالتصدر في المجالس والتكلم في الجاهات والبحث عن كرسي في مجلس النواب أو الأعيان. الوجيه حقا يقول: كيف يفعل هذا بمسلمة في بلدي وأنا حي؟! الوجيه حقا يعتبر نفسه أبا لكل مسلمة مظلومة في بلده على الأقل. كل حادثة كهذه في بلدك أيها الوجيه هي صفعة ولكمة ولطمة في وجهك وإثبات لزيف وجاهتك إن قصرت في محاولة رفع الظلم. المطلوب حصول تعاقد بين مجموعة من العشائر على حماية أخواتنا هؤلاء من أيادي الغدر. رسالة إلى الدعاة في الأردن: لا عذر لكم أن تسكتوا عن هذه الجريمة محافظة على وضعكم ودعوتكم! عن أية دعوة نتكلم ونحن ندعو الناس إلى الإسلام ثم إن أسلموا قُتلوا وخاف من يريد الإقبال على الإسلام بعدها؟ ألم نكن ننكر على الدعاة في مصر ونقول: (أين هم من وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة؟ عار على علماء مصر؟) ها قد ابتلاكم الله بكاميليا أردنية لينظر أتنصرون دينه أم تسكتون. رسالة إلى الشعب الأردني: أمتنا واحدة والحدود تراب. وأخواتنا في سوريا والعراق وفلسطين اللواتي يتعرضن لمثل ما تعرضت له بتول لسنَ أهون علينا. لكن، إن لم تنصروا أخواتنا هؤلاء لأعذار مقبولة أو غير مقبولة، فهل أقل من أن تنصروا ابنة بلدكم؟ لن تحتاجوا لنصرتها أن تتركوا البلاد والأولاد ولا أن تجاهدوا بالسلاح والمال. هل أقل من أن تنكروا المنكر بألسنتكم وتقولوا للمسلمات المستخفيات بإسلامهن: (أعلني إسلامك يا أختي، ومارسي دينك ولا تخافي، فحولك ستة ملايين مسلم هم جميعا إخوتك وعزوتك. عار على رجولة رجالهم إن لم ينصروك، بئست الحياة إن لم يؤووك ويحموك ممن يريدون قتلك أو فتنتك عن دينك)؟! يا شعب الأردن، في مصر اعتقلت الكنيسة أيام مبارك عددا كبيرا من النصارى والنصرانيات اللواتي أسلمن. جاءت الثورة المصرية وانتهت الثورة المصرية، وجاء ما قيل عنه حكم الإسلاميين وذهب وبقي هؤلاء الإخوة والأخوات في سجون الكنيسة لا يجرؤ أحد على إخراجهن...دولة داخل الدولة...بل كان البعض يغازل كبار النصارى ويتملق لهم ووقفوا دقيقة حداد على الهالك المتعصب شنودة الذي سجن أخواتنا. انظروا إلى حال مصر الآن. والله إنا لنحسب أن أحد أسباب ما فيه مصر هو خذلان شعبها ودعاتها لأخواتهن المأسورات. قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((ما من امرئٍ يخذل مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله في موطنٍ يحب فيه نصرته)). قد يأتي الدور علينا ونحتاج نصرة الله فيخذلنا بخذلاننا أخواتنا. في مصر كانت وفاء فسطنطين الضحية الأولى. أسلمت فاعتقلتها الكنيسة. تحمس المسلمون واستنكروا ثم فتروا. فتجرأ بابا شنودة على غيرها وغيرها. ثم عندما طُلب منه إخلاء سبيل كاميليا شحاتة تجنبا لغضب المسلمين قال: (الناس حتنسى كاميليا زي ما نست وفاء قسطنطين ودي أحسن حاجة في الشعب المصري"!) معولا على قصر ذاكرة الشعوب وسرعة برود حماسهم. إن نسينا بتول حداد وفترت حماستنا فستزيد الجرأة على المسلمات الجدد ونصل لوضع لا نتصوره. يا شعب الأردن، نحن من أمة قال الله لها: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس)). ومع ذلك فلم ندعُ الناس خارج بلدنا إلى الإسلام، ولم ندعُ النصارى في بلدنا إلى الإسلام. أفبعد ذلك إن هدى الله أحدا إلى الإسلام دون جهد منا قصرنا في حمايته؟! رسالة إلى المسؤولين: بلغتكم أنتم...تتكلمون عن السلم المجتمعي وأبناء الوطن الواحد. المسلمون في هذا البلد عاش بينهم النصارى قرونا ولم يؤذوهم من أجل دينهم. بينما ها هو الحقد الأعمى عند هذا الأب وأمثاله يهدد السلم المجتمعي بين أبناء الوطن الواحد. وليست هذه أول حادثة. تقولون: دين الدولة الإسلام؟ ها هي فتاة تعيش في هذه الدولة اختارت الإسلام. فأين حمايتكم لها ولمن على دربها؟! رسالة إلى ما يعرف بمنظمات حقوق المرأة: سمعنا صوتكم كثيرا تطالبون بما اعتبرتموه حق المرأة في التحلل من ضوابط الشريعة. أليس لبتول حداد ومن على دربها ممن يردن إعلان إسلامهن حقوق عندكم؟ أم أن المرأة لها حق عندكم في معصية الله ولا حق لها في طاعته؟ سمعنا نحيبكم على جرائم الشرف، فما بالنا لا نراكم عندما يُعتدى على شرف المسلمين جميعا بمثل هذه الحادثة؟ إلى نصارى البلد: نطالبكم بموقف واضح مستنكر لهذه الفعلة ومتبرئ من فاعلها. الكلام العام عن الوحدة الوطنية ونبذ الفتنة لا يجدي. جريمة هذا الأب مسيئة لكم، فلا يتوقع منكم الصمت المطبق. لنا زملاء ومعارف نصارى نتعامل معهم بالعدل والإحسان الذي أمر الله به في حق من لم يحاربنا في ديننا. ونتوقع منكم وقفة في مثل هذا المقام. بتول أخت لنا جميعا. هي، نحسب أن الله اصطفاها وأنه تعالى سيكرمها وينسيها آلام لحظات من العذاب. لكن قصتها ابتلاء لنا جميعا (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) لينظر من يرضى لنفسه بحياة الأنعام وفي المقابل من يستجيب لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله). اللهم اغفر لبتول وارحمها، وعافها واعف عنها، وأكرم نزلها ووسع مدخلها واغسلها بالماء والثلج والبرد. والسلام عليكم ورحمة الله.