مقدمة عن أبي محمد
أبو محمد أخ حبيب أعرفه من زمن في الأردن، طيب الأخلاق، واسع الصدر، يحبه بر الناس وفاجرهم. وله أخ على خلاف أخلاقه وخصاله تماماً للأسف.
حادثة الإساءة للأخ المصري
أخوه هذا أساء يوماً إلى أخ مصري يعمل هنا في الأردن. فقال المصري بحرقة أمام الناس: "الواحد ما عندوش إلا كرامته، ما جيناش من مصر ومعانا إلا كرامتنا. إذا حتى هذه حنخسرها فمش عاوز الأردن، أرجع بكرامتي أحسن لي".
أتصور هذا الأخ المصري وهو جالس يتحسر على حاله، يتحسر على بلاده، بلاد الخيرات المنهوبة التي يضطر أهلها أن يتركوها طلباً للعيش. يحن إلى أن يعيش في بلده بين أهله وناسه، والديه وإخوانه، زوجته وأولاده كما يعيش الناس. يريد أن يرجع ولا يتعرض لمثل هذا الموقف.
لكنه يتذكر مرض والديه المحتاجين إلى العلاج، أولاده الصغار كالزغاليل المحتاجين إلى كسوة وطعام. تجول الأفكار في خاطره ولا يعرف ما يفعل.
موقف أبي محمد النبيل
بلغ الخبر إلى الأخ الصالح أبي محمد أن أخاه أساء إلى أخ مسلم، وبلغه ما قال المصري مكسور الخاطر. فانطلق إليه أبو محمد، وصل إلى المكان الذي يعمل فيه. قال: "السلام عليكم". رد الأخ المصري: "وعليكم السلام ورحمة الله".
ثم خلع أبو محمد حذاءه وأعطاه للمصري: "اضرب على رأسي لتقتص منه". صدم المصري: "لا يا شيخنا، أنت إيه دخلك في الموضوع؟"
قال أبو محمد: "أنا أخوه. سمعت أنك قلت: 'الواحد ما عندوش إلا كرامته، وإذا رح أخسر كرامتي فأنا لا أريد الأردن'. لا، أنت تبقى في الأردن بكرامتك، ونحن كلنا إخوانك، ولا أحد سيجرؤ أن يمس كرامتك بسوء".
ألقى المصري الحذاء وانكب على رأس أبي محمد يقبله، وانكشفت الغمة عن قلبه لما رأى معنى الأخوة الإيمانية، ورأى بالتطبيق العملي: "إنما المؤمنون إخوة".
خاتمة وتأملات
حفظك الله يا أبا محمد، ولا أتحاشى ذكر اسمه إلا لأسباب، وإلا فسيعرفه عدد من المتابعين في الأردن.
وأقول ختاماً إخواني: هذه عبادة نتقرب بها إلى الله أن نشعر إخواننا المسلمين غريبي الديار بالمحبة والتقدير، ونجبر خواطرهم إذا كسرت، ونشعرهم بأن الحدود المصطنعة لا تعني لنا شيئاً.
فإن كان عدونا قد مزق جسد أمتنا، فواجبنا أن نعمل على التئام جروح هذا الجسد بالكلمة الطيبة والتعامل الحسن، لا أن نعمل وفق مخططات أعدائنا. ومن أساء من أي بلد كان فلا تزر وازرة وزر أخرى.
نسأل الله أن يجمع شمل المسلمين ويصلح حالهم. والسلام عليكم.