الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المجاهدين وقرة أعين الموحدين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
المقدمة: الجدل حول الفاتيكان وجهاد الطلب
عندما قرأ باب الفاتيكان نصًا يصف الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنه لم يأتِ إلا بما هو شرير وغير إنساني، وأنه أمر بنشر دينه بحد السيف، ثار المسلمون وشتموا هذا البوم وهو أهل لذلك. لكن المشكلة أن عامة المسلمين في ردهم كانوا ينفون استخدام النبي صلى الله عليه وسلم للسيف في نشر الإسلام.
طبعًا يتفق الناس على صحة القتال للدفاع عن النفس، لكن الحديث الآن عن جهاد الطلب. فمعلوم أن المسلمين عندما تكون لهم دولة، فعليهم أن يعرضوا الإسلام على الشعوب لتدخل فيه. فإذا رفضت، طالبها المسلمون بالجزية التي ترمز لخضوع هذه الشعوب لهيمنة الإسلام. فإذا رفضت، حاربها المسلمون.
الرد على الشبهات حول جهاد الطلب
هذا هو الجهاد الذي ينتقده أعداء الإسلام، جهاد الطلب. بل هذا هو الجهاد الذي يجد كثير من المسلمين حرجًا في صدورهم منه. وقد يقول أحدهم في نفسه: بالفعل، لماذا التعدي على حريات الآخرين؟ لماذا لا يحض الإسلام المسلمين على أن يعيشوا في دولتهم بأمان ويتركوا الآخرين أيضًا يتمتعون بالسلام والأمان؟
قد يتناسى المسلم هذه الأسئلة، لكنها ستترك الأثر السلبية في ثقته بدينه. واسأل نفسك يا أخي: لو كنت بين زملائك في العمل، وانطلق صوت القارئ بآيات من مثل قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]، أو بآية: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: 89]، بماذا تشعر؟ هل تحب هذه الآيات كغيرها من كلام الله تعالى، أم ترى سيحمر وجهك أمام زملائك وتمتد يدك إلى جهازك لتخفض الصوت؟
أهمية القناعة بأحكام الدين
لا يكفي أن يغضب المسلمون من كلام بوم النصارى باب الفاتيكان، بل لا بد أن تعتز بكل جزئية من جزئيات دينك، وأن تكون لديك القناعة التامة والرضا والتسليم القلبي لكل حكم شرعي ولكل آية من كتاب الله عز وجل. قال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].
تعالَ معي يا من يريد الاعتزاز بدينه لنتعاون في هذه الدقائق على تحبيب هذا الأمر من أوامر الله تعالى إلى نفوسنا: الأمر بجهاد الطلب.
قد يقول قائل: فأين هي الدولة الإسلامية التي يمكنها القيام بجهاد الطلب اليوم؟ وما الفائدة في إثارة هذا الموضوع ما دام أن تطبيقه غير ممكن في الوقت الحالي؟
الجواب أنه بغض النظر عن الحالة الواقعة، فإن المسلم يجب أن يحرص كل الحرص على أن لا يكون في قلبه كراهية لحكم من أحكام دين الله تعالى، وأن لا يعتمل في قلبه الشك والنفور إذا قرأ آيات وأحاديث القتال. فإن كراهية ما أنزل الله محبطة للعمل. قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 9]. وقد بينت ذلك في سلسلة "كراهية ما أنزل الله تعالى".
كذب ودجل أعداء الإسلام
ثم أود أن أبين بهذا العرض كذب ودجل بوم النصارى وأمثاله الذين ينتقدون الشدة المحمودة في الإسلام، وعندهم في دينهم المحرف وفي تاريخهم أضعاف هذه الشدة، لكن بالباطل والظلم والعدوان.
لماذا يجب فرض هيمنة الإسلام على الشعوب؟ لا أقول إجبار الناس على اعتناق الإسلام، فإنه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]. لكن المقصود هو أن تخضع الشعوب للدولة الإسلامية، إن لم يكن بدخولها في الإسلام فبالجزية وبالسماح لدعاة الإسلام بالدعوة في البلاد الخاضعة.
للرد على هذا السؤال محاور كثيرة. محورنا في هذه الدقائق هو بيان الحالة التي تعيشها البشرية في غياب هيمنة الإسلام على الشعوب. فالبعض يتصور أن العالم كان يعيش قبل الإسلام بأمان وانسجام، فسيعود إلى السعادة والسلام والانسجام. وهي النظرية التي ينادي بها المنهزمون من أبناء المسلمين. فهي إذاً نظرية "العالم السعيد"، "العالم السعيد في ظل التعددية الدينية الفكرية، لا يعتدي أحد على أحد ولا يحاول أحد فرض هيمنة دينه على الآخر".
البشرية في غياب هيمنة الإسلام
تعالوا نرَ نماذج من العالم السعيد الذي زعزع الإسلام أمنه. هذه النماذج مأخوذة من موقع الويكيبيديا، الموسوعة الحرة العالمية، ترجمتها عن اللغة الإنجليزية. وأنا أنقل عن هذه الموسوعة لسببين: أولًا أنها تذكر مصادر معلوماتها، ثانيًا أن الذين أوردوا هذه المعلومات ليسوا مسلمين، وبالتالي فلا يستطيع أحد أن ينتقد الوقائع التي سأوردها بالادعاء أنها منحازة للمسلمين. بل هذه الوقائع التي سأذكرها مأخوذة من نتيجة البحث في الويكيبيديا عن عبارة "Death toll" أي "قائمة الوفيات". ستنقلك إلى صفحة بعنوان "List of wars and disasters by death toll" أي "قائمة بالحروب والكوارث حسب مجموع الوفيات". مؤلفوها غير مسلمين، وليس للصفحة أي علاقة بالدفاع عن المسلمين أو بإدانتهم، وإنما هي توثيق تاريخي لأكثر الحروب والمجازر والمجاعات دموية في تاريخ البشرية. وأنصح بالرجوع إليها كاملة لأني سأقتصر اختصارًا على أهم الأحداث فيها.
تعالوا نرَ نماذج من العالم الذي سيعيش بانسجام وتعددية دينية وفكرية لولا جهاد الطلب الذي يسبب به الإسلام العنف والرفض للآخر كما يقول هؤلاء.
نماذج من "العالم السعيد" الذي زعزع الإسلام أمنه
أمثلة من التعايش السلمي بين عموم البشر
- بين عامي 184 و 205 ميلادي: قُتل ما بين 3 إلى 7 ملايين صيني فيما يعرف بـ "Yellow Turban Rebellion" أي "ثورة الربطات الصفراء". تلاحظون بالمجمل أن الويكيبيديا تذكر أقل التقديرات وأعلى التقديرات لكل حرب، وستلاحظون أن هذه الحروب المذكورة جميعًا لم تكن لأي غاية نبيلة، وإنما استبداد وظلم وكبر.
- ما بين عامي 1616 و 1662 ميلادي: قُتل 25 مليون صيني في احتلال القائد مانشو لمقاطعة منغ.
- 3.5 مليون إلى 16 مليون قتيل: حروب نابليون في أوروبا وخارج العالم الإسلامي بدءًا من 1804.
- ما بين عامي 1851 و 1864 ميلادي: قُتل أكثر من 30 مليون إنسان فيما يعرف بـ "Taiping Rebellion" عندما تنصّر القائد الصيني هونغ زيوغان، ثم أراد فرض النصرانية على أهل مقاطعة جينغ الصينية وإحلالها مكان الكونفوشية والبوذية، فثار السكان وساعد الجيش الفرنسي والبريطاني القائد المتنصر في قمع الثورة.
- الحرب العالمية الأولى ما بين عامي 1914 و 1918: بحسب الويكيبيديا قُتل فيها 15 إلى 25 مليون إنسان.
- الحرب العالمية الثانية بين عامي 1939 و 1945: قُتل فيها 40 إلى 72 مليون قتيل في 6 سنوات فقط.
- مجاعة "Great Leap Forward" بدءًا من 1959: عندما فرض موتسي تونغ النظام الشيوعي في الصين الشعبية، راح ضحيتها 20 إلى 43 مليون إنسان.
- 5 إلى 9 ملايين قتيل: في الحرب الأهلية الروسية بين الجيش البلشفي والجيش الأبيض بين 1917 و 1921.
- مجاعة أوكرانيا بسبب ستالين: راح ضحيتها حوالي 2.5 مليون إلى 5 ملايين في عامي 1932 و 1933.
- بدءًا من 1975: الخمير الحمر المدعومون من أمريكا الشمالية تسببوا في كمبوديا بمجاعة متعمدة حصدت 1.7 إلى 3 ملايين إنسان (1975-1979).
طبعًا يا إخواني هذه الأرقام هي أعداد القتلى، أما المعاقون نتيجة لهذه الحروب، واللواتي اغتصبن، والمعذبون، والأسرى، والمشردون، فأضعاف هذه الأعداد.
وللذين يعتبرون الإسلام دين الدموية، نقول: على قولكم، فيفترض أنه وبعد غياب الخلافة الإسلامية الحاكمة بالإسلام والمطبقة لفريضة جهاد الطلب، فيفترض أن يكون القرن العشرون خاليًا من هكذا دموية، وأن يكون قرن الأمان والسلام لأنه قد خلا من هكذا خلافة أدت فريضة جهاد الطلب. ومع ذلك، فالقرن العشرون هو كما رأيتم.
أمثلة من الأمان والرخاء الذي عاشه المسلمون
(عندما تفهموا معنى التعايش السلمي مع أمم الأرض وتركوا فريضة جهاد الطلب)
- 8 إلى 12 مليون قُتلوا: عندما قمعت الصين ثورة المسلمين المطالبين بحقوقهم فيها بين عامي 1855 و 1877.
- 30 إلى 60 مليون إنسان: قد يكون أكثرهم من المسلمين، قُتلوا في الاجتياح التتري بدءًا من 1207 ميلادي.
- الحروب الصليبية المعلنة من البابوات: فكما تقول الويكيبيديا: "منح الصليبيون غفرانًا من الذنوب الماضية" يعني كإغراء لهم على خوض الحروب. كانت هناك تسع حملات رئيسية وهناك غيرها. الحروب الصليبية بالطبع موضوع مستقل بذاته، لكن الغريب أن موسوعة الويكيبيديا لم تذكر تقديرات القتلى فيها. لكن أحب أن أورد عبارة واحدة ذكرتها الويكيبيديا في حديثها عن هذه الحروب في صفحة بعنوان "Crusades" تقول العبارة: "في العقد الأول من الحروب الصليبية، اتبع الصليبيون سياسة الإرهاب ضد المسلمين واليهود، متمثلة بالإعدامات الجماعية ورمي الرؤوس على أسوار المدن المحاصرة، وكذلك تعليق جثث المسلمين العارية والتمثيل بها، بل وأكل لحوم البشر، وأكل لحوم البشر كما فعلوا بالمعرة" يعنون معرة النعمان في سوريا. أيضًا المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون وصف ما فعله الصليبيون في كتاب "الحضارة العربية" صفحة 326 مثلاً، لكن الوصف تقشعر له الأبدان، فيمكن للمهتم مراجعته.
- مجاعة البنغال المسلمين في الهند إبان حكم البريطانيين لها: راح ضحيتها 4 ملايين بنغالي.
- مجاعة العراق نتيجة للحصار الاقتصادي من 1990 وحتى 2003: راح ضحيتها حسب الويكيبيديا 1 إلى 3 ملايين عراقي.
وهكذا كما رأينا، ينعم المسلمون بالأمان وينعم العالم معهم إذا تخلوا عن جهاد الطلب وكفوا عن تلاوة آيات القتال وتناقل أحاديث السيف.
أمثلة من التسامح الديني بين الطوائف النصرانية نفسها
(لأنها لم تتأثر بدموية الإسلام وإقصائية الإسلام للآخر كما يقولون)
- في حروب فرنسا الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت بدءًا من 1562: قُتل حسب الويكيبيديا 2 إلى 4 مليون إنسان.
- في حروب السنوات الثلاثين في الإمبراطورية الرومانية بدءًا من 1618: والتي تركزت في ألمانيا، وكان السبب الرئيس فيها الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت، قُتل 3 إلى 11.5 مليون إنسان. وهذا أيضًا موضوع منفصل، لأن الطرق التي يقتل بها كل من الطائفتين أتباع الطائفة الأخرى مما تشيب له مفارق الولدان. لكن اقتصرنا على هذين النموذجين: نموذج حروب فرنسا الدينية ونموذج حروب السنوات الثلاثين.
وسأختم هذه النماذج بنماذج من السعادة البشرية في المجموعة الرابعة وهي نماذج صارخة.
نماذج صارخة
-
احتلال الأوروبيين النصارى للأمريكتين ما بين عامي 1492 و 1890: تراوحت فيه الأرقام جدًا، فالويكيبيديا تذكر أن مجموع القتلى من السكان الأصليين للأمريكتين (يعني الهنود الحمر) كان ما بين الـ 15 مليون والـ 100 مليون. وهذا الرقم الأخير (الـ 100 مليون) هو تقدير الكاتب ديفيد ستانرد في كتابه "American Holocaust" (1992، ص 150). الموقع لم يصنف هذه المجزرة بحق الهنود الحمر ضمن الحروب وإنما ضمن المجازر، لأنها وكما سنرى كانت مذابح من طرف واحد بالفعل، من طرف الغزاة النصارى الأوروبيين بحق السكان الأصليين المساكين.
ولتعرف الطريقة التي كانوا يقتلون بها، راجع مثلاً كتاب "American Indian Chronology" للكاتب فيليب وايت، وكيف أن ولاية ماساشوستس مثلاً كانت تعلن عن 40 باوندًا لمن يأتي بفروة رأس هندي أحمر عدواني عمره أكثر من 12 عامًا، و25 باوندًا مقابل فروة رأس هندية حمراء عدوانية عمرها أكثر من 12 عامًا، و20 باوندًا مقابل فروة رأس هندي أحمر عدواني عمره أقل من 12 عامًا. طبعًا تعريف "العدواني" من السكان الأصليين سيكون كتعريف العدوانيين من أهل فلسطين المحتلة.
ديفيد ستانرد في كتابه المذكور نقل كثيرًا عن بارتولومي دي لاس كاساس، وكاساس هذا هو مطران إسباني رافق كولومبوس ودون بعض صور الوحشية التي مارسها الغزاة النصارى في حق السكان الأصليين. كان مما قاله كاساس: "لقد كانت قاعدة عامة بين الإسبان أنه يتوجب عليهم أن يكونوا قساة، ليس قساة فحسب، بل قساة فوق التصور، بحيث لا تسمح المعاملة القاسية للهنود أن يجرؤوا على التفكير بأنهم (أي الهنود) بشر، بل لا تترك لهم هذه المعاملة دقيقة للتفكير أصلاً. كانوا (يعني الغزاة) يدخلون على القرى فلا يتركون طفلًا أو حاملًا أو امرأة إلا يبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف في الحظيرة. وكانوا يراهنون على من يشق رجلًا بطعنة سكين أو يقطع رأسه أو يدلق أحشاءه بضربة سيف. كانت فنون التعذيب لديهم أنواع منوعة، بعضهم كان يلتقط الأحياء فيقطع أيديهم قطعًا لتبدو كأنها معلقة بأجسادهم، ثم يقول لهم: هيا احملوا الرسائل، هيا أذيعوا الخبر بين أولئك الذين هربوا إلى الغابات. أما أسياد الهنود والنبلاء، فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان ويضعون فوقها المذرات، ثم يربط هؤلاء المساكين بها وتنقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتضروا ببطء وسط العذاب والألم والأنين". يقول بارتولومي: "لقد شاهدت مرة أربعة من هؤلاء الأسياد فوق المشواة، وبما أنهم يصرخون صراخًا شديدًا أزعج مفوض الشرطة الإسباني الذي كان نائمًا من صراخهم، فوضعوا في حلوقهم قطعًا من الخشب أخرستهم". وهذه النقلات مجمعة من مواضع مختلفة من الكتاب المذكور "American Holocaust".
هذا وإن بارتولومي كان يصف لك القاتل والمنصر في مشهد واحد، فلا تعرف مما تحزن: أمن مشهد القاتل وهو يذبح ضحيته أو يحرقها أو يطعمها للكلاب، أم من مشهد المنصر الكاثوليكي الذي وبورع بارد تراه خائفًا من أن تلفظ الضحية أنفاسها قبل أن يتكرم عليها بالتعميد، فيركض إليها لاهثًا لينصرها بعد أن نضج جسدها بالنار أو اغتسلت بدمها أو التهمت الكلاب نصف أحشائها. لم يكونوا بشرًا يا إخوة، فإن بارتولومي يصف كيف كان الغزاة النصارى ينتزعون الرضيع من ثدي أمه ويرمونه للكلاب الجائعة أمام عيني أمه، وإذا بكى الطفل في الأسر انتزعوه من أمه وضربوا رأسه بالجدران أو لوحوا به في الهواء ورموه بعيدًا. هؤلاء هم الحملان الوديعة التي لو سالمها المسلمون ولم يستثيروا أحاسيسها المرهفة بجهاد الطلب، فإنها لن تتعدى على أحد وسيعيش كل في حدود بلاده آمنًا من الآخر.
-
الاستعباد على أيدي النصارى (نصارى Slavery): ذكر ديفيد ستانرد في كتابه "American Holocaust" أن عدد الأفارقة الذين قُتلوا أثناء عملية الاسترقاق وقبل أن يصلوا إلى بلاد مسترقيهم للعمل كعبيد هو 30 إلى 60 مليون أفريقي، وأكثرهم في بدايات حياتهم أطفال وشباب. ولنا إن شاء الله وقفة مع موضوع الاسترقاق الذي مارسه النصارى لنطلع على بعض الوقائع المؤلمة، ولنعلم أن بعض هؤلاء الأفارقة كان من المسلمين ومن أولاد عوائل ثرية وحفظة للقرآن مثل عمر بن سعيد.
-
المظهر الثالث الباهر من مظاهر التسامح الديني هو محاكم التفتيش: كالتي تعرض لها المسلمون في الأندلس بعدما أبرموا معاهدة الاستسلام في غرناطة عام 1492 ميلادي. وأنا في الواقع لا أنصح بالإكثار من القراءة عن محاكم التفتيش، لأن القراءة عنها تترك في القلب جرحًا من الصعب أن يندمل. وإنما أنصح بالقراءة عنها أولئك الذين ما زالوا يؤمنون بنظرية "العالم السعيد" المذكورة في البداية، فليرجع حينئذ إلى كتاب "محاكم التفتيش في إسبانيا والبرتغال وغيرها" للدكتور علي مظهر. وببساطة، إن كان الإسبان قد فعلوا ما فعلوه بالهنود المساكين، فما ظنكم بما فعلوه بالمسلمين الذين كان بينهم وبين الإسبان قبل سقوط الأندلس حروب امتلأت فيها قلوبهم السوداء حنقًا على المسلمين، خاصة إذا عرفت أن العام الذي سقطت فيه غرناطة هو ذاته العام الذي اكتشف فيه كولومبوس أمريكا وبدأت فيه المذابح ضد الهنود الحمر عام 1492 ميلادي.
مفاجآت تاريخية
بعد هذا الاستعراض لواحد وعشرين من أكثر الأحداث دموية في تاريخ البشرية، تأتي أربع مفاجآت.
المفاجأة الأولى: قلة دموية المسلمين
إذا علمنا أنه وفي صفحة الويكيبيديا المذكورة، فإننا لا نجد أي من الأحداث التي فتكت بالملايين جرت على يد المسلمين، باستثناء مذابح الأرمن التي قامت بها الدولة العثمانية. وبغض النظر عن أسبابها ومدى مصداقية الأرقام المذكورة، فإننا نعلم أن لا حجة فيما يفعله أحد من المسلمين، وإنما في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو فعل أجمع عليه المسلمون. ومع ذلك، فالمسلمون حتى مع بعد كثير منهم عن دينهم أقل الأمم دموية.
المفاجأة الثانية: عدد قتلى حروب النبي صلى الله عليه وسلم
هي مجموع القتلى في الحروب التي حصلت أيام النبي صلى الله عليه وسلم. أما من الكفار فتسعمئة قتيل، حوالي ثلثيهم قتلى بني قريظة الذين عاقبهم النبي صلى الله عليه وسلم عندما خانوه في غزوة الأحزاب. وأما من المسلمين فثلاثمئة وستة وعشرون شهيدًا. وذلك نقلًا عن اللواء أحمد عبد الوهاب في كتابه "الحروب المشروعة في الأديان" صفحة 44. هذا العدد أقل من القتلى فيما يعرف بـ "حرب كرة القدم" (Football War) بين السلفادور والهندوراس في أمريكا الجنوبية عام 1969 أثناء المباريات التحضيرية لكأس العالم، حيث قُتل في أربعة أيام ألفا مدني وشُرّد أكثر من 300 ألف.
طبعًا إخواني هنا تنبيه هام جدًا هو أن لا نقيس المسألة بعدد القتلى، وإنما بما قُتلوا من أجله وباستحقاقهم للقتل أو عدمه. فالقناعة بمبدأ الجهاد لفرض هيمنة الإسلام هي نتيجة للقناعة بأن هذا الدين هو من عند الله تعالى، فلا يصلح أن نناقش صحة هذا الجهاد مع من لا يقر أصلاً بأن الإسلام من عند الله تعالى. فمن آمن بالإسلام آمن بأن الله تعالى له أن يشرع لنشر دينه ولمصلحة عباده ما شاء من جهاد وغيره. ومن لم يؤمن فكيف نناقشه في صحة أسلوب لنشر دين يرى هو بطلانه أصلاً؟ لكني أذكر هذه الأعداد لأبين أنه حتى وإن قال المجادل: أريد لغة الأرقام لإثبات أن نبيكم ما أرسل إلا رحمة للعالمين، قلنا له: ها هي الأرقام تنطق.
المفاجأة الثالثة: مجازر النصارى باسم الدين
هي أن المجازر التي قام بها النصارى كانت تتم باسم الدين، دينهم المحرف الذي يزعمون أنه وبخلاف الإسلام دين محبة وسلام. فقد ذكر ديفيد ستانرد في كتابه "American Holocaust" أن الإسبان الغزاة كانوا مطالبين بتلاوة العبارات التالية أمام من يواجهونهم من الهنود الحمر: "إني أقر لكم أننا وبمعونة الإله سندخل بلدكم بقوة ونخوض الحرب ضدكم بكل السبل والوسائل الممكنة، وسنعرضكم لقهر وطاعة الكنيسة وقهر وطاعة معاليهم" (في النص الأصل "Their Highnesses" ويبدو لي أن المقصود بمعاليهم كبار رجالات دينهم). "سنأخذكم ونأخذ زوجاتكم وأطفالكم ونستعبدهم، وكذلك سنبيعهم بحسب ما يأمر معاليهم، وسنأخذ متاعكم ونعرضكم لكل الأذى والدمار الذي نستطيعه". هذا ما كان على الغزاة النصارى أن يواجهوا به الهنود المساكين.
قارن هذا الكلام بما كان يقوم به الفاتحون المسلمون. في العدد الخامس يقول: "اعبر في المدينة وراءه، لا تشفق أعينكم ولا تعفوا، الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك، ولا تقربوا من إنسان عليه سمة، وابتدئوا من مقدسي. فابتدأوا بالرجال والشيوخ الذين أمام البيت. وقال لهم: نجسوا البيت واملأوا الدور قتلى، نجسوا البيت واملأوا الدور قتلى، اخرجوا. فخرجوا وقتلوا في المدينة". ثم يقول في سفر هوشع إصحاح 13 العدد 16: "تجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها، بالسيف يسقطون، تحطم أطفالهم والحوامل تشق، تحطم أطفالهم والحوامل تشق". هذه هي المنطلقات في شق الغزاة الإسبان وكذلك الصليبيين لبطون الحوامل وتحطيم رؤوس الأطفال. "تحطم أطفالهم والحوامل تشق". ثم يزعمون أن الرب قال في سفر أشعياء الإصحاح 13 العدد 16: "وتحطم أطفالهم أمام عيونهم، وتنهب بيوتهم وتفضح نساءهم". انظروا إلى الأخلاقية. ومن أراد الاستزادة من هذه النصوص فعليه بشريط الشيخ عبد الله المهتدي بعنوان "هكذا انتشرت المسيحية" وهو الشريط الأول من سلسلة الرد على باب الفاتيكان، ففيه معلومات قيمة جدًا.
قارن هذه النصوص بقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: "اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا ولا أصحاب الصوامع". صلى الله عليك يا رسول الله.
المفاجأة الرابعة: البابا الحالي ورئاسة محاكم التفتيش
راجع موقع الويكيبيديا الإنجليزي واكتب فيه اسم بندكتوس على النحو التالي: "Benedict XVI" (بندكت بي اي ان اي دي اي كي تي اكس في اي يعني السادس عشر رقم روماني). ستخرج لك المعلومات الكاملة من مصادر غربية، وفيها عنوان يتحدث عن تعيين بندكت هذا مكرمًا لمحفل عقيدة الإيمان من عام 1981 لـ 2005. تحت العنوان مباشرة عبارة ترجمتها الحرفية: "في 25 نوفمبر 1981، قام البابا جون بول الثاني بتلقي راتسينجر بلقب مكرم محفل عقيدة الإيمان، المعروف سابقًا بالمكتب المقدس، والمعروف في التاريخ بمحاكم التفتيش". إذن بابا النصارى الحالي ترأس محاكم التفتيش. فهذا بمثابة رئيس مكتب معروف تاريخيًا بمحاكم التفتيش لا يستحي أن يقرأ نصًا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالقسوة. بل وستأتي بعد قليل حقيقة فاضحة أسوأ من هذه لتعلم أن هؤلاء الدجالين يتهجمون على الإسلام ويصفونه بما هم أولى به منا.
لماذا هذا الكذب والافتراء على الإسلام؟
إذا علمنا ذلك جميعًا، إذا علمنا أن الدين المحرف لباب الفاتيكان هو أولى ما يمكن وصفه بأنه أتى بما هو شرير وغير إنساني، وأنه انتشر بحد السيف، فلماذا إذن هذا الكذب والدجل منه ومن أتباعه؟ لماذا الافتراء على الإسلام؟
الجواب في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54]. وفي قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].
أعلن مكتب الإحصاءات الألماني الفيدرالي أن التناقص في سكان ألمانيا لا يمكن إيقافه. الكاتب دوتشي ويلي في 26-11-2006 قال إن ألمانيا في طريقها إلى أن تصبح دولة إسلامية عام 2050، وذلك طبعًا من خلال دراسة سرعة نمو المسلمين مقارنة بالنصارى في ألمانيا. ألمانيا التي منها نطق باب الفاتيكان بافتراءاته.
في موقع "catholic.org" وهو الموقع الرسمي للكنيسة الكاثوليكية العالمية، مقال بعنوان "مسلمو العالم أكثر من الكاثوليك"، وفيه العبارة التالية: "فيتوريو فورمينتي رئيس مكتب إحصائيات الفاتيكان أعلن في 4.1.2008 أنه للمرة الأولى في التاريخ لم نعد في الطليعة، فقد تجاوزنا المسلمون". لا عجب إذن أيها الإخوة أن يغضبوا وهم يرون نمو المسلمين من حيث النسل، وكذلك بدخول النصارى في الإسلام.
اللواتي يأتين للتطهير والوشم في مختلف مناطق الجسم للتحصين من الشيطان زعموا. ومن أين لهم بالأطفال ليمارسوا معهم شذوذهم وقذاراتهم التي يستحي المرء من ذكرها؟ أرجو يا أخي أن ترجع إلى الإنترنت وتكتب في اليوتيوب العبارة التالية: "جرائم الفاتيكان الجنسية". سيخرج لك فيلم وثائقي موثق من إنتاج البي بي سي البريطانية، تابع الجزء الأول والجزء الثاني على الأقل لتعرف من هؤلاء. أما الفضائح الأكثر سوءًا فلن أذكرها حفاظًا على الحياء، لكن سأذكر أجزاء ذات دلالة من الفيلم الوثائقي.
في أسقفية ريفية واحدة، انتهك 26 كاهنًا حقوق أكثر من 100 صبي وفتاة بسلوكياتهم الجنسية المسعورة. في الفيلم بيان لتقرير أمريكي يخبر أن 2500 كاهن أمريكي كاثوليكي (يعني من أتباع بندكت) متهمون بالممارسات السيئة مع الأطفال. الحقيقة الأكثر مرارة في الفيلم هي مرسوم "جريمة الإغواء" الذي أصدره باب الفاتيكان الأسبق عام 1962. والغريب أن هذا المرسوم المكتوب كان يقضي بأمر الضحية الذي يمارس معه الجنس أن يتكتم على ما حصل معه ولا يذكره لأحد، وكذلك أن يتكتم أبواه، وإلا تعرض الضحية وأبواه للعقوبة الصارمة والحرمان الكنسي. وماذا عن رجل الدين المجرم الذي انتهك كرامة الطفل؟ تحقق معه الكنيسة وتخفيه عن أعين السلطات المحلية، وفي الواقع كان يتم التستر عليه، وفي أفضل الأحوال ينقل إلى كنيسة أخرى فيمارس فحشه هناك.
في الفيلم لقاء مع رجل كان مكلفًا بمتابعة تنفيذ مرسوم جريمة الإغواء في أمريكا، لكنه قرف من عمله عندما عرف حقيقته وقال: "لقد كنا نمتلك ميزانية تقدر بسبعة ملايين دولار في عام 1996 لمثل هذه الحالات". ميزانية مخصصة للتكتم على رجال الدين المجرمين الذين يمارسون الشذوذ وإسكات الأولاد والبنات المنتهكة كرامتهم وإسكات آبائهم. أي أن المسألة أصبحت عملية عادية تخصص لها الكنيسة الكاثوليكية ميزانية.
المفاجأة الآن هي وحسب الفيلم أن الشخص المسؤول عن تنفيذ مرسوم جريمة الإغواء لمدة عشرين عامًا هو الكاردينال جوزيف راتسينجر، البابا بندكت الحالي. بابا الفاتيكان هو الذي يشرف على تغطية رجال دينه الشواذ ليمارسوا شذوذهم وقذاراتهم بحرية ويغطيهم بميزانية خاصة. في عام 2001 أصدر راتسينجر ملحقًا للقرار هو مجرد تأكيد على قرار جريمة الإغواء، بالإضافة للسرية والحرمان الكنسي والتهديد للضحية أضاف عليه إضافة واحدة: "قانون الصلاحية الحصرية للفاتيكان"، أي أن كل قضايا اغتصاب الأطفال يجب أن تذهب للفاتيكان فقط، وأرسل نسخة لكل أسقف في العالم. هذا الرجل الذي ينبغي أن يعامل معاملة الشاة الجرباء هو الذي يستقبل بحفاوة في بلاد المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بل ويوم الخميس الماضي 26/5/1430 هجري الموافق 21/5/2009 ميلادي نشرت الجزيرة خبرًا بعنوان: "اتهام قساوسة باعتداءات جنسية على يتامى بإيرلندا". جاء فيه: "قالت لجنة التحقيق إن الإيذاء الجنسي كان وباءً متوطنًا بمدارس البنين التي يديرها رجال الدين، ووصفت تقرير الإيذاء الجنسي للأطفال بمدرسة أرتاني الصناعية بضواحي دبلن ومدرسة لترافراك في غربي إيرلندا بأنه مشكلة مزمنة".
إذن إخواني وأخواتي، هؤلاء هم الذين يتطاولون على المصطفى صلى الله عليه وسلم. هؤلاء هم الذين في موقعهم الرسمي الكاثوليكي يروجون لكتاب يتهجم على النبي صلى الله عليه وسلم لزواجه الشريف بعائشة رضي الله عنها وبأزواجه العفيفات الأخريات أمهات المؤمنين. علماء الإسلام وبفضل الله تعالى لم يتهم أي منهم بهذه التهمة القذرة التي يرتع فيها آلاف من رجال الدين الكاثوليك.
نعمة الإسلام
إذا عرفتم نعمة الله فاجمعوا أنفاسكم وأخضعوا قلوبكم وقولوا بملء الفم: يا رب لك الحمد أن أرسلت إلينا محمدًا شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا. صلوا على من قال الله تعالى له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].
إذا عرفتم نعمة الله فصلوا على من دلكم على الله فعبدتموه، وعلى المسجد بيت الله فدخلتموه، وعلى التوحيد طريق الجنة فسلكتموه إن شاء الله. إذا عرفتم نعمة الله فصلوا على من شجت جبهته وكسرت رباعيته وألقي سل الجزور على ظهره ورمي بالحجارة حتى أدمي وخنق بثوبه حتى أغمي وأوذي في ابنته أذاها عقبة بن أبي معيط فألقيت وسقط حملها، وتلوى عليه الصلاة والسلام من الجوع لا يجد من الدقل (من رديء التمر) ما يملأ به بطنه، ومات من ثم ولم يشبع من خبز الشعير، وهو في ذلك لا يرى نفسه ولا يأبه بما يصيبه وليس له مطلب إلا أن يقول: "اللهم أمتي أمتي". فقيل له: "إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك". صلوا عليه وسلموا تسليمًا.
صلوا على من امتن الله عليكم أن بعثه إليكم فقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [آل عمران: 164]. عباد الله، تخيلوا للحظة أن الله تعالى لم يبعث محمدًا. تخيلوا أنه وقبل أربعة عشر قرنًا لم يستضئ النور في ظلماء البشرية، ومرت القرون والبشرية تتردى في جهلها وضلالها ودمويتها إلى أن خرجتم من أرحام أمهاتكم، ثم تلفتوا حولكم وانظروا ماذا كنتم مختارين أن تكونوا: عباد حجر أم عباد بقر أم أمساخًا تلعب بعقولها وتهدر كرامتها وتمتهن أعراضها الأحبار والرهبان كما رأينا؟
لماذا جهاد الطلب؟
هل عرفتم عباد الله بعدما سمعتم هذا الكلام لماذا آيات السيف وأحاديث السيف؟ هل عرفتم لماذا يجب على المسلمين فرض هيمنة الإسلام على البشرية؟ هل عرفتم لماذا ومع أن الفتوحات أيام الخلفاء الراشدين أدت إلى قتل آلاف الجنود فإنها كانت بحق رحمة بالبشرية؟ هل عرفتم لماذا قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]؟
كم من غزاة للرسول كريمة فيها رضا للحق أو إعلاء كانت لجند الله فيها شدة في إثرها للعالمين رخاء ضربوا الجهالة ضربة ذهبت بها فعلى الجهالة والضلال عفاء دعموا على الحرب السلام وطالما حقنت دماء في الزمان دماء
هل عرفتم لماذا قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]؟ بماذا يجابه أمثال هؤلاء المذكورين من جنود قساة ورهبان عتاة إلا بالقتال؟ هل ينفع مع هؤلاء وردة بيضاء أو حمامة سلام؟ هل عرفتم سخف مقالة من يقول: "لا بد أن يتعايش أهل الديانات المختلفة دون حروب"؟ هذه المقالة مثل أن يقال: "لا بد للماء أن يصطلح مع النار"، "لا بد للنور أن يتعايش مع الظلام".
لا أمان ولا سلام ولا حفظ للأموال والأعراض والعقول إلا في ظل الحكم الإسلامي الراشد الصحيح. {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 251]. فجهاد الفتوحات فضل من الله على الناس، بدونه يأكل البشر بعضهم بعضًا.
الخاتمة
فأيها المسلم ارفع رأسك بدينك واعتز بهويتك الإسلامية وافخر بكل آية في كتاب ربك سبحانه وتعالى وبكل حديث في سنة نبيك صلى الله عليه وسلم وبتاريخك الإسلامي العظيم.
اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
آيات من سورة التوبة
{بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12)}