→ عودة إلى مرئيات

الحوار الحقيقي بين الله و الملحدين - و ليس المفترض

٢٨ مارس ٢٠١٨
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله وصبحكم الله بالخير إخواني الكرام.

بعض الناس ممن يفيض عطفًا وإنسانية ورحمة وحنية مع موت الملحدين، وفي الوقت ذاته يسب بعض الصحابة من كتبة الوحي ونقلة الحديث بألفاظ أولاد الشوارع، يخرج علينا بحوار مفترض بين الله عز وجل رب العزة وأحد موتى مروجي الإلحاد.

الحوار الحقيقي لا المفترض

وسبحان الله، حتى في هذه المسألة لم يدع القرآن لنا مجالًا لنتفلسف ونفترض، بل هناك حوار حقيقي غير مفترض بين الله سبحانه وتعالى والملحدين والكافرين عمومًا في آيات كثيرة. تعالوا نرى هذا الحوار.

حوار الملحد مع ربه يوم القيامة

نشأتي في عائلة غير مسلمة

إذا قال الملحد يوم القيامة لله عز وجل: يا رب أنا نشأت في عائلة نصرانية ودينهم لم يكن مقنعًا، وقلدت آبائي ثم رأيت أن كلامهم غير منطقي، ومورست باسم هذا الدين الكثير من الجرائم والشنائع، وبالتالي أنا بدافع إنساني تركت هذا الدين.

فسيأتيه الرد من سورة الأعراف في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

يا رب إحنا أجدادنا، إحنا نشأنا في عوائل غير مسلمة وقلدنا آباءنا، ثم لم نقتنع بدين آبائنا، أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟ ولا فيلسوفًا كبيرًا حتى يستدل على وجود الله سبحانه وتعالى.

الانشغال بالعلوم

إذا قال الملحد يوم القيامة: يا ربي أنا كنت مشغولًا بالعلوم، يا رب أنا عشت 76 سنة وما فضيت أني أتساءل: يا ترى من خالقي؟ ماذا يريد مني خالقي؟ لماذا خلقني؟ أين المصير بعد الموت؟ أنا ما كنتش فاضي لهذه الأسئلة الوجودية الكبرى يا رب.

فسيأتيه الرد من الله عز وجل في سورة فاطر: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ۚ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ۖ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}.

عدم ظلم أحد

إذا قال الملحد: يا رب أنا ما ظلمت أحدًا، أنا ما قتلت نملة حتى يا رب، أنا كنت إنسانيًا.

فسيأتيه الرد من الله عز وجل في سورة السجدة: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا}.

وسيأتيه الرد من سورة النحل: {لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ}.

وسيأتيه الرد من سورة إبراهيم: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ}.

أنت أتيت علمًا، أتيت ذكاءً، أتيت معرفة بالفيزياء وغيرها من العلوم، هذا الذكاء وهذا العلم تستخدمه في تكفير الناس؟ هل هناك جريمة أكبر من هذا؟ إلا المؤمنون.

لأن الله عز وجل قال: {الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۖ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا}. اللي يجادل في آيات القرآن المكتوبة وفي آيات الله الكونية وينكر أن لهذا الكون خالقًا، هذا الإنسان فعله مقيت وهو مقيت وقوله مقيت وكفره مقيت، لكن عند من؟ عند الله وعند الذين آمنوا. أما الذين ما قدروا الله حق قدره، فبالنسبة لهم قتل نملة أبشع من قتل الإيمان في نفوس الناس.

عدم التكبر

إذا قال الملحد يوم القيامة: يا رب أنا ما كنت متكبرًا.

فسيأتيه الرد من سورة غافر: {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ ۙ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ}. والله عز وجل أصدق منك قيلًا.

الأعمال الطيبة والإنسانية

إذا قال الملحد: يا رب أنا كنت إنسانيًا، أنا فعلت أفعالًا طيبة ووقفت مواقف مشرفة ومواقف إنسانية عظيمة.

فسيأتيه الرد في سورة الفرقان: {وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا}.

وسيأتيه الرد أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قدم للإنسانية أكثر منك بكثير، إذ نصر محمدًا صلى الله عليه وسلم ودينه وفداه بنفسه وأولاده وماله، ولكنه مات على الكفر عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا لا أستغفرن لك إلا أن أنهى عنك".

وسيأتيه الرد في الآيات الكثيرة التي تبين أن الكافرين حبطت أعمالهم. قد يجزون عليها في الدنيا سمعة، مديحًا من الناس، تمجيدًا، تنحت لهم التماثيل حتى، لكنهم لا يجزون بها في الآخرة التي لم يصدقوا بها، ولا يجزون برؤية ربهم الذي أنكر وجوده.

خاتمة الحوار

فإخواني الحوار موجود، وآخر الحوار ترى سيكون: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}. وبهذا ينقطع الحوار بين الله وبين من أنكره. {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} كما في سورة المؤمنون.

دعوة لتدبر القرآن

أنا أتساءل حقيقة: هل الناس اللي بنطلع عليهم هذا الكلام الفارغ، الحوارات المفترضة، هل هم يقرأون القرآن؟ وإذا قرأوا القرآن هل يفهمونه؟ هل يتدبرونه؟

إخواني إحنا مقدمون على رمضان، وفرصة عظيمة أن نقرأ القرآن بتدبر. ما تقول لي: أنا ختمت القرآن مرتين وثلاثة وأربعة. لا بالله عليك ما تختموش ولا مرة، اقرأ نصفًا ولكن بتدبر، بتدبر حتى تفرق بين الحق والباطل.

الخلاصة والدعاء

نسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياكم لما يحب ويرضى. وفي النهاية نقول: المرء مع من أحب. فمن أحب محمدًا صلى الله عليه وسلم وحزبه، فنسأل الله أن يحشره معه. ومن جادل عن الذين يختمون أنفسهم ودافع عنهم وترحم عليهم، وهو في الوقت ذاته يسب أناسًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فنسأل الله أن يحشره مع من أحب.

والسلام عليكم.