→ عودة إلى فن حسن الظن بالله

الحلقة 25 - تنبيه لاعتقاد خطير، سوء الظن بالله وحسن الظن بمن كفر به سبحانه!!

٤ أبريل ٢٠١٨
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله وصبحكم الله بالخير إخواني الكرام.

سوء الظن بالله وحسن الظن بمن كفر به

بعض الناس يظن أن أدلة وجود الله عز وجل وصحة دينه ليست يقينية وواضحة بالشكل الكافي. هذا الكلام يظهر عندما يحدث حدث مثل وفاة أحد الملحدين، فترى من الناس من يترحم عليه ويستغفر له. نقول له: لا يجوز هذا الكلام، فيرد عليك بأنه وما أدراك بما في قلبه؟ هو قد يكون حاول وبحث واجتهد ولم يقتنع بوجود الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا تستطيع أن تحكم على ما في قلبه.

عفواً إخوان، هذا الموضوع واسع ومتشعب وبحاجة لعدة حلقات، لكن أقول هنا باختصار وفي عجالة: نحن عندما نقول أن الكافر ليس معذوراً بإنكاره لله سبحانه وتعالى، فإننا نحسن الظن بالله ونسيء الظن بمن كفر بالله. بينما أنت عندما تقول أنه لربما بحث عن الحق ولم يهتدِ له، دير بالك أنت ممكن تكون عمالك تسيء الظن بالله سبحانه وتعالى من حيث يا مسكين أحسنت الظن بمن كفر به.

الحجة البالغة

الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يجعل أدلة وجوده غير كافية، ناقصة، غير واضحة، غير مفهمة، غير ملزمة لمن طلب الحق بصدق، ثم بعد ذلك يكلف الناس بالإيمان بوجوده وبصحة دينه ويدخل على ذلك الناس جنة وناراً. الله سبحانه وتعالى هو القائل: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}. كما في سورة الأنعام. إيش يعني الحجة البالغة؟ الحجة الواصلة لما قصدت له، الحجة الملزمة المفحمة الواضحة الكاملة التامة لكل صاحب قلب وعقل سليمين.

سبب الضلال: اتباع الهوى

فاعلم أنما يتبعون أهواءهم، هذا هو تشخيصهم، هم متبعون الأهواء، مش أنهم أناس قصدوا الحق ولم يصيبوه. أتم الله الآية: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. إذن هذا تسلسل الأحداث: هم ظالمون، ظلموا أنفسهم، فالله طمس على قلوبهم، فوصلوا لمرحلة لا يهتدون فيها إلى الصواب ولا يستجيبون فيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال الله تعالى: {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ}. بغير علم، المسألة مش مسألة أنه درس بطريقة علمية موضوعية وخرج بنتيجة أنه لا إله أو أن الدين الإسلامي غير صحيح، بل هو متبع للهوى، متبع للهوى.

شروط الإيمان: السلامة العقلية والقلبية

لذلك يعني مأساة حقيقة عندما ترى من ينتسب إلى الدعوة ويتكلم أمام الجماهير ويتعذر لملحد دعا إلى الإلحاد عشرات السنوات بأنه قد يقول لله عز وجل يوم القيامة: يا رب أنا ما كنت فيلسوفاً وما كنت لاهوتياً، أنا كنت عالم فيزياء. يعني الإيمان بالله يحتاج دراية عميقة بالفلسفة وعلم اللاهوت؟ لا إخواننا، الإيمان بالله سبحانه وتعالى يتطلب مسألتين فقط: السلامة العقلية والسلامة القلبية. وهذا ما تدل عليه كل نصوص القرآن والسنة في هذا المجال.

  • السلامة العقلية: الإنسان إذا كان مجنون ليس محاسباً، إذا كان سليم العقل مطلوب منه شيء آخر.
  • السلامة القلبية: ما يكون فيه عنده كبر، ما يكون فيه عنده اتباع للهوى، ما يكون فيه عنده أمراض قلوب تسبب فيها لنفسه.

تناقض المسلم الذي يعذر الملحد

وإذا كنت مسلماً فستقتنع بقال الله وقال رسوله، أو أنك غير مقتنع بهذه الأدلة؟ غير مقتنع بقال الله وقال رسوله مع ما لي بتكلم عن آيات لها مئة وجه في التفسير؟ آيات واضحة جازمة حاسمة، آيات تدل على أن حجة الله كاملة وعلى أن إنكار الله عز وجل مسألة تدل على الكبر وعلى مرض القلب.

إذا كان أنت منكر لهذه الآيات، طيب تعال معنا في رحلة اليقين وإحنا سنمشي معك خطوة خطوة في إثبات أن وجود الله عز وجل مسألة واضحة حاسمة يقينية قاطعة، وأن كل الشبهات المثارة ضد ذلك هي شبهات سخيفة متهافتة لا قيمة لها كما نثبت بالتفصيل بفضل الله تعالى.

لكن أنك أنت تعتبر نفسك مسلم وتنتسب للإسلام بعدين تصير تخلط وتخربط عدم المؤاخذة، ونقول لك قال الله: {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ}، قال الله: {فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ}، تيجي تتعذر لمن كفر بالله وتسيء الظن برب العالمين أنه جعل أدلة دينه ناقصة ويحاسب الناس على ذلك، وتحسن الظن بمن كفر بالله عز وجل، أنت حقيقة بذلك غير منسجم مع نفسك، غير منسجم مع نفسك.

إخواننا اقرأوا القرآن ستجدون أن المشكلة هي في المتلقي، ليست في نقص الحجة، ليست في نقص البرهان. الإيمان ليس مسألة عاطفية تسليمية محضة، والله أنت كمسلم اخترت لنفسك أن تسلم لكنك ترى الناس الآخرين معذورين إذا لم يسلموا حتى لو الواحد فيهم مرت عليه السنوات مئة. هذه مأساة يا إخواننا. {قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. هذه مسألة بدهية فطرية، موقف برهاني عقلي فطري استدلالي واضح وليس تسليماً عاطفياً.

توصية وخاتمة

فيا جماعة أنصح جداً من عنده لبس وخلل في هذه المسألة أن يراجع الحلقة التي سوف ننشرها، نعيد نشرها إن شاء الله، هي بعنوان: "الله غيب هل معناه أن وجوده غير يقيني؟". للأسف هذه المسألة ترى أصبح بعض من ينتسب للدعوة الإسلامية وله جمهور يروج لها أنه نؤمن بالله لكن الآخرون إذا لم يؤمنوا بالله فهم يعني قد يكونون معذورين. وهذا والله يا إخواننا مصادم لنصوص القرآن والسنة، مصادمة واضحة صريحة كما سنبين في حلقات قادمة بإذن الله.

خلاصة هذه الحلقة: أنت إذا قرأت الآيات الواضحة التي تدل على أن حجة الله كاملة بالغة قاطعة، وأنه لا شك في وجوده عز وجل، وأنه جعل الدلالة عليه دلالة مفحمة، ثم بعد ذلك تتعذر لمن كفر بالله، دير بالك أنت مش حنيّاً، أنت عمالك تحسن الظن بالكفار وتسيء الظن برب العالمين أنه لم يجعل الحجة على وجوده وعلى دينه حجة كاملة.

تذكر قول الله عز وجل: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ}. الآيات كثيرة واضحة، الآيات الكونية والآيات القرآنية المفحمة العقلية الملزمة الفطرية، لكن إذا كان الواحد متخذ قرار بعدم الإيمان لن تغني عنه ولن تنفعه. والله تعالى أعلم. تابع معنا الحلقة المذكورة والسلام عليكم.