→ عودة إلى "كيف أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم"

الحلقة 6 - ما علاقة زهد النبي صلى الله عليه وسلم بتحرر الأمة الإسلامية وعزتها؟

١١ أكتوبر ٢٠٢٤
النص الكامل للمقطع

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد. حياكم الله أيها المستمعون الكرام والمستمعات الكريمات، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. حياكم الله في هذه الحلقة قبل الأخيرة من هذا البودكاست بعنوان "كيف أحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم" مع ضيف البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور إياد قنيبي. حياك الله دكتور. حياك الله وبياك أبا عبيدة، الله يعطيكم العافية وتقبل منكم يا رب العالمين. منا جميعاً يا رب. الحلقة الماضية كانت عن عفو النبي صلى الله عليه وسلم وتكلمنا عن مواقف كثيرة في عفو النبي صلى الله عليه وسلم، والتي قبلها عن وفاء النبي صلى الله عليه وسلم، واليوم العنوان هو زهد النبي صلى الله عليه وسلم. فبسم الله نبدأ ونستعين بالله. حدثنا عن زهد النبي صلى الله عليه وسلم. بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وحي الله إخواننا وأخواتنا جميعاً. حقيقة حلقة اليوم لها خصوصية وستطول، فمن يحب التطويل سيسر بها، والآخرون ندعوكم إلى أن تحضروا فناجين القهوة أو كاسات الشاي لأنه تحتاج تركيزاً، وأحسب أنها مهمة فيها مضامين ومفاهيم مهمة جداً. فمعلش تحملونا في الإطالة.

مفهوم الزهد في الإسلام

ببداية أحب أن أنطلق من همزية شوقي مرة أخرى عند موطن معين ننطلق منه إلى مفهوم الزهد. بسم الله. قال شوقي رحمه الله مخاطباً نبينا عليه الصلاة والسلام: يا من له عز الشفاعة وحده وهو المنزه ما له شفعاء طبعاً البعض قد يقول هذا فيه مغالاة ولا ينبغي أن نقول منزه إلا عن الله عز وجل. لا، لفظة عربية تقال يعني هو منزه عن الخبث، منزه عن كذا وكذا. فهنا يقصد شوقي أن النبي صلى الله عليه وسلم في المقام المحمود عندما يشفع في الحساب فهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، هو بالفعل له خصوصية في الشفاعة، أيضاً يشفع في أهل الكبائر، يشفع في عدد كبير من الناس فله خصوصية، فلا بأس في أن نقول له عز الشفاعة وحده من هذه الناحية، وهو المنزه عن أن يشفع له غيره لأنه إذا أنا شفعت للنبي، أحد شفع للنبي، يعني أن يكون هناك من هو خير من النبي عليه الصلاة والسلام وحاشاه. قال: يا من له عز الشفاعة وحده وهو المنزه ما له شفعاء عرش القيامة أنت تحت لوائه والحوض أنت تحيي له السقاء تروي وتسقي الصالحين جزاءهم والصالحات ذخائر وجزاء مثل هذا ذقت في الدنيا الطوى وانشق من خلق عليك رداء هنا موطن الشاهد: مثل هذا، يعني يا رسول الله أنت لأجل هذا المقام العظيم، المقام المحمود، لأجل ذلك تحملت أنت تذوق الجوع في الدنيا. مثل هذا ذقت في الدنيا الطوى وانشق من خلق عليك رداء، بليت عليك ثيابك. حقيقة كلمات عظيمة جداً. فلذلك لما نستحضر الآن نماذج زهد النبي عليه الصلاة والسلام نتذكر أنه زهد في الدنيا على شأني وعلى شأنك، على شأن يقف هذا المقام العظيم يوم القيامة فيشفع حتى لأصحاب الكبائر من أمته. فلذلك الدنيا ما كان شايفها عليه الصلاة والسلام، ما كان متعلق بها أبداً، وهو مجهز نفسه لهذا المقام العظيم للمهام الجسام العظام في الدنيا ثم يوم القيامة. فمش شايف الدنيا أصلاً. نخلي هذه، نخلي هذا البيت في خلفية عقلنا كلما استعرضنا نماذج زهد النبي عليه الصلاة والسلام. أحسنت. لحد الآن مش مستوعبين هذا الكلام لأنه ما شفنا النماذج. نماذج زهد النبي صلى الله عليه وسلم يمكن مع نهاية الحلقة اليوم يتضح عندنا هذا المفهوم. نعم، اللي هو الارتباط أن النبي صلى الله عليه وسلم زهد في الدنيا فأتاه الله عز وجل نتاج هذا الزهد في الدنيا الكرامة عنده سبحانه وتعالى. نعم، كرامة في الدنيا والآخرة. جميل، كرامة الدنيا والآخرة ولا شيء. طبعاً كرامة وأيضاً إكراماً لأمته، فزهد النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً على شأن أمته. جميل.

نظرة النبي صلى الله عليه وسلم للدنيا

طيب الآن يعني نبدأ بنظرة النبي عليه الصلاة والسلام للدنيا وإدراكه لها، إدراكه لها على حقيقتها. يعني النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن كزهاد البوذيين وزهاد النصارى الذين يتقشفون وينظرون للدنيا نظرة فيها خلل، لا لا حاشاه عليه الصلاة والسلام. هو زهد فيها لأنه أدركها وأبصرها على حقيقتها. حتى تعرف نظرة النبي إلى الدنيا يعني نستحضر عدة أحاديث منها عندما نام عليه الصلاة والسلام على حصير فقام وقد أثر في جنبه. الحصير مصنوع عادة من النخيل وبيكون يعني ملمسه خشن ومزعج. فقام وقد أثر في جنبه. فقلنا الراوي عبد الله بن مسعود: قلنا يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاء، يعني حصير مريح ناعم. فقال: "مالي وللدنيا، مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها". مالي وللدنيا، ما أنا والدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها. فهكذا ينظر النبي عليه الصلاة والسلام الدنيا وهكذا هي حقاً. كيف هذا المثال؟ يعني لو لو وقفنا عنده شوي، كيف النبي صلى الله عليه وسلم كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم راح وتركها؟ شو علاقة هذا بالزهد؟ طيب يا سيدي أنا أعطيك الآن يعني شيء من واقعنا الحالي. تصور أنه يقال لك يا دكتور مهند هناك مكان سعيد فيه الراحة والهناء المستمران بلا كدر ولا تشويش إطلاقاً، ومطلوب منك أن تمر بمحطة تتزود بها حتى تستطيع أن تصل إلى هذا المكان. جميل. تشرب وتأكل وتزود راحلتك أو سيارتك بما يلزم حتى تستطيع أن تصل إلى ذلك المكان. المكان الذي ستمر به فيه بعض المتع، فيه بعض الجمال. هل يتصور أنك تضع رحالك وتضرب أطنابك وتضرب كوع كما يقال في هذا المكان، تلتهي به عن المكان العظيم الذي أنت ذاهب إليه؟ لا. فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يرى هذه الدنيا هي فقط محطة تزود، فقط محطة تزود حتى يبلغ الآخرة. وحقيقة الرافعي يعني أجاد في في وصف نظرة النبي عليه الصلاة والسلام للدنيا في كتاب "وحي القلم" فقال: "ونظرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا الوجود نظرة شاملة مدركة لحقيقة اللا نهاية". يعني النبي عليه الصلاة والسلام ليش كان محتقر الدنيا؟ لأنه بيعرف إيش يعني لا نهاية. إحنا إحنا يا جماعة كثيراً ما نغفل عن معنى اللا نهاية، أن في الآخرة هناك جنة إلى ما لا نهاية ونار إلى ما لا نهاية. معنى عميق ومخيف. مخيف. معنى إذا سيطر عليك بالفعل ترى الدنيا لا شيء. لأنه نحن أخذنا في الرياضيات إذا كان المقام لا نهاية، إذا حطينا في البسط 10000 مليون ترليون على ما لا نهاية يساوي كم؟ صفر تقريباً. صفر رياضي. النبي عليه الصلاة والسلام كان مدرك هذه المعادلة الحقيقية، فاهمها، فاهمها جيداً. وبالتالي يقول لك الرافعي: "ونبينا إنما رآها ونظرة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى هذا الوجود نظرة شاملة مدركة لحقيقة اللا نهاية، فيرى بداية كل شيء مادي هي نهايته في التو واللحظة، فلا وجود له إلا عارضاً ماراً، فهو في اعتباره موجود غير موجود، مبتدئ منته معاً، وبذلك تبطل عنده الأشياء المادية وتأثيرها، فلا تتصل بنفسه العالية إلا من أضعف جهاتها، ويجد لها الناس في حياتهم الشجرة والفرع والثمرة، وما له وما لها عنده عليه الصلاة والسلام هو جذر ولا فرع، وبهذا لم يفتنه شيء ولم يتعلق به شيء عليه الصلاة والسلام". لذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما عرف لنا الدنيا يعني عرف لنا الغنى الاستغناء عن الدنيا قال: "ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس". ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس. والحديث متفق عليه. وحقيقة أنا أعود وأذكر الإخوة بموقع "درر السنية" لأنه في شروحات جزى الله خيراً من شرحها حتى مش مكتوب من الشارح لكن واضح أنه متعوب عليها، سهلة ممتنعة بسيطة. فأعجبني تفسيرهم أو شرحهم لهذا الحديث: "ليس الغنى عن كثرة العرض"، مش الغنى عن كثرة الأموال والأراضي، "وإنما الغنى ولكن الغنى غنى النفس"، أن تكون أنت مستغنياً، يكون عندك استغناء عن الدنيا. قالوا في الموقع: "الغنى الحقيقي المعتبر الممدوح غنى النفس بما أوتيت وقناعتها ورضاها به". أنا راضي بالقليل الذي عندي، "وعدم حرصها على الازدياد والإلحاح في الطلب". ما في تطلب لما ليس عندك. "لأنها إذا استغنت كفت عن المطامع". إذا استغنت كفت عن المطامع، "فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوظ والشرف والمدح عند الناس يعني أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقيراً النفس بحرصه". من كان من يكون فقير النفس بحرصه. الآن عندك ملوك عندهم مليارات وعشرات المليارات وأصحاب رؤوس أموال عالمية نسمع ثروتهم تجاوزت 200 مليار و 150 مليار. هل هؤلاء أغنياء على الحقيقة؟ لا والله، لا والله، والله في فقراء المسلمين من هو أغنى منهم. لأنه الواحد فيهم بيكون شره متطلب للدنيا، طمعان مش عاجبه شيء، مش مالئ عينه شيء. كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: "لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لتمنى لو أن له وادياً آخر". نتمنى لو أن له وادياً آخر. فهؤلاء فقراء النفس جداً. فالنبي عليه الصلاة والسلام يضبط لنا تعريف الغنى أنك تكون أنت مستغنياً بنفسك. حتى دكتور كأنه يعني الإنسان إذا وصل إلى رقم معين من المال بعد ذلك هي أرقام خلاص، يعني بعد ذلك لا تختلف معيشته في شيء. الطعام هو الطعام، الشراب هو الشراب، النوم هو النوم. يعني ما في شيء زيادة سيكون ولو كثر ماله مهما كثر. ومع ذلك هو لا لا يستشعر هذه الحقيقة، هو يريد فقط زيادة هذه الأموال، الأصفار. يعني سبحان الله شيء عجيب. نعم نعم. النبي عليه الصلاة والسلام مش فقط يعني كان يتخذ هذا المنهج لنفسه ويقول هذا اختياري الشخصي. لا لا، كان يربي أمته وأصحابه على هذا المفهوم. لذلك عن عبد الله بن عباس قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة، حتى في بعض ألفاظ الحديث شاة برجلها. كيف لما تكون الشاة ميتة وبدأت تتحلل ومنتفخة والرجل طالعة، منظر قبيح. قد ألقاها أهلها. فقال: "والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على أهله". يا الله. "والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه" يعني الشاة على أهلها اللي رموها ميتة لا قيمة لها، لا وزن لها. لا قيمة لها. أيضاً عبد الله بن عمر قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، ذكرناها أيام أخذ بمنكبي، أخذ بيدي فقال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل". يعني إياك تتخذها موطناً وقراراً تجلس وترتع وتسرح وتمرح وتأكل وتشرب بمبالغ وإسراف وبطر وكأنها هي النهاية. هذا يناسب أصحاب المذاهب الإلحادية الذين يرون أنه القصة تنتهي مع موتك وبالتالي استمتع أكبر قدر ممكن. لا لا، "كن في الدنيا كأنك غريب"، غريب عن هذه الدنيا، "أو عابر سبيل". أضاف ابن عمر بعد ما ذكر لنا حديث عبارات أيضاً كاللؤلؤ قال: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك". يعني أنت اعتبر نفسك كل ليلة تحط رأسك على المخدة خلص هذه آخر ليلة. كل يوم لما تصحى أنا لن أبيت أصلاً هذه الليلة. وبالتالي تعمل بأقصى ما عندك لأنك تحس نفسك غريباً أو عابر سبيل. دائماً دكتور بضرب مثال على هذا، لو إنسان بده يسافر سفرة قصيرة لمدة ثلاث أو أربع أيام، شو بده يحط في شنطة السفر؟ شوية ملابس، يعني بعض ما يحتاجه. أكيد ما راح يفك مثلا الخزانة ويحملها في الشنطة، ما راح يأخذ الكرسي. لأنك أنت عابر سبيل، يعني سترجع إلى موطنك الأصلي، إلى بلدك، إلى بيتك. فلماذا تأخذ كل هذا المتاع؟ وهذا حال الدنيا سبحان الله. نعم نعم. أيضاً عبد الله بن عمر، شوف كيف النبي عليه الصلاة والسلام كان يستغل الفرص لتربيتهم على هذا المفهوم، يصغر الدنيا في عيونهم حتى يعطيها حجمها الحقيقي عند الله، وكذلك ينبغي أن تكون عند المؤمنين. عن عبد الله بن عمرو قال: مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلح خصاً لنا. كان هو وأمه يصلحان زي غرفة صغيرة لهم يبدو هذه يعني ماخذينها زيادة عندهم بيت لكن غرفة زيادة. فقال عليه الصلاة والسلام: "ما هذا؟" قلنا: خص لنا، وها فنحن نصلحه. يعني ضعوف بدأ ينهار فنحن نصلحه. فقال عليه الصلاة والسلام: "أما إن الأمر أعجل من ذلك". أما إن الأمر أعجل من ذلك. أنت عمالك بتصلح الغرفة يا عبد الله بن عمرو، الدنيا روحت، مش مستاهل أنك حتى تصلح هذه الغرفة. طبعاً نحن سنتكلم بعد قليل عن التوازن عشان ما يصير في عندنا جنوح نحو الرهبانية المبتدعة التي ذمها الله عز وجل. ولكن النبي عليه الصلاة والسلام بهذا يضبط البوصلة ويعطي الدنيا حجمها الحقيقي في عيون أصحابه ومن بعدهم أمته عليه الصلاة والسلام. جميل جميل. النبي طب النبي عليه الصلاة والسلام في هذا كله يعني لا يبتدع شيئاً من عنده وإنما هو يستجيب لأمر ربه عز وجل الذي أمره أن يعطي الدنيا حجمها الحقيقي فقال: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131]. ورزق ربك خير وأبقى. وبالتالي نهى الله نبيه عن أن يتأمل ويطمع وينظر فيما آتاه الله فيما أتى الله عز وجل القياصر والأكاسرة.

توازن الزهد

سبحان الله دكتور دائما الحديث عن الزهد ونحتاج مسألة التوازن، ويعني لربما لو حدثتنا عن التوازن في باب الزهد كونه أظن أهم موضوع في باب الزهد. لأن الزهد يصور للناس أحياناً ترك كل شيء، وبالمقابل الطرف الثاني إذا سمع هذا الكلام نفر من الزهد ونفر حتى من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والآيات التي تحث على الزهد، نفر منها كون الدين لا يستجيب لرغباته. فكيف نصنع هذا التوازن؟ نعم، نقطة مهمة جداً حقيقة. ولذلك سنستعرض الآن الزهد ليس انقطاعاً عن الدنيا ولا هو مدعاة للخمول والكسل ولا هو مدعاة لترك عمارة الأرض. وإنما معناه أن تكون الدنيا في يدك لا في قلبك. هذه العبارة بنسمعها كثيراً. هذا لغز ثاني. هذا أيوه، هذا لغز ثاني. هذا إن شاء الله نفسرها. أن تكون الدنيا في يدك لا في قلبك. وهناك حديث يعني يشير إلى هذا المعنى أن تكون الدنيا في يدك. حديث صححه الألباني والوادعي وغيرهما قال عليه الصلاة والسلام: "من كانت الدنيا همه"، يعني بيصحى وبينام وهو إيش؟ مسيطر على دماغه الدنيا. وال يعني من من الشروحات اللطيفة لأنه كيف يعرف الواحد إذا كانت الدنيا همه ولا الآخرة همه؟ الغزالي رحمه الله قال لك اختار وقتين تستطيع منهما أن تعرف إيش المسيطر عليك. عندما تضع نفسك رأسك لتخلد إلى النوم وعندما تستيقظ. أول ما تصحى الصبح إيش بيقفز إلى ذهنك؟ آخر ما قبل ما تنام إيش بيكون في ذهنك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: "من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره". بيكون مشتت، أموره ضايعة، وتفلتت أموره، فرط كما وصف الله عز وجل: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28]. مسبح منفرط. "من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له". بيكون كما ذكرنا قبل قليل عنده مليارات، حكام وأغنياء ورؤوس رأسماليين ولكن مع ذلك فقراء. وفي النهاية مش راح يجي له إلا المكتوب. ولا يرتاح. ولا يرتاح. قال: "ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره". جمع الله له أمره. "وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة". وجعل غناه في قلبه، به بيكون مستغنياً. التعريف عرفناه قبل شوي تعريف النبي عليه الصلاة والسلام. أه. "وإنما الغنى غنى النفس". "وأتته الدنيا وهي راغمة". بتجي الدنيا لعند رجليه وهو مع ذلك مش شايفها ولا مطلع لها. يعني الله يعطيه الدنيا يوم يتركها. نعم. إذا تركها العبد أتته الدنيا، وإذا أقبل عليها يعني سار وراءها ويركض وراءها ولا يحصلها. نعم. ويكون في ذلك مشتت الشمل. الآن ما معنى العبارة هذه التي نسمعها أن تكون الدنيا في يدك ليست في قلبك؟ لما تكون الدنيا في يدك مستحيل تتخلى عن مبادئك التي علمك إياها دينك عل شأن الدنيا. مستحيل تروح تعين الظلمة والمجرمين في زماننا هذا وتساعد ضد المستضعفين وتقول أنا مضطر أنا بدي راتب أنا بدي أعيش وأعيش أولادي. لا، هذا معناته الدنيا في قلبك. أنت تلهث وراءها. لما تكون الدنيا في يدك مستحيل أنك أنت تخون الأمانة في العلم في التعليم في التعلم في البيع في الشراء في قسمة الورثة. والله يا جماعة يعني مرات الواحد بينظر لبعض ممارسات لدى الناس وأول ما يحضر في باله قول الله تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} [المطففين: 4-5]. حرص على الدنيا، تنافس أسد، محاولة أخذ المال بالباطل. هذا كله يدل على أن الدنيا وين؟ معششة في القلب، تعشيش مسيطر على القلب سيطرة تامة. بينما الإنسان لا، الإنسان يمكن أن يكون ناجحاً في حياته، مخططاً، يتعلم ويعلم ويعمر الأرض. ولكن مع ذلك مش مستعد أبداً يتخلى عن مبادئه لأجل هذه الدنيا. فهذا معنى أنه الإنسان يكون الدنيا في يده وليس وليس في قلبه. الآن هذا الزهد إذا الإنسان كان الدنيا في يده ليس في قلبه هذا يجعلك تسعى إلى عمارة الأرض، إلى التعلم، إلى التخطيط، إلى النجاح، إلى إغناء أمتك ومحاربة الإفقار الممنهج الذي تتعرض له الأمة. لماذا؟ لأنك لا تريد لنفسك ولا لمن حولك ولا لأهلك ولا لأمتك أن يستغلوا ذلهم ويذلوا من قبل الحاجة إلى المال. لا لا لا لا. أنت بتسعى إلى أنك تستغني وتغني من حولك في الحاجات الضرورية حتى ما تقاد الأمة من حنكها إلى التنازلات وإلى الشهوات من باب حاجتها أو من باب الحرص على الدنيا. وبالتالي أبداً الإنسان لما تكون الدنيا في يده هذا يساعده حقيقة على عمارة الأرض حتى يستغني عن عن خلق الله الآخرين. دكتور دعني أضرب بعض الأمثلة يمكن من واقع الناس أكثر. الإنسان إذا كان عنده مثلا بيت وسيارة لكنه يحتاج بعض الكماليات الإضافية، سيارة أخرى مثلا. فيذهب إلى البنك الربوي ليأخذ قرضاً ربوياً. هذا تعد الدنيا في يده ولا في قلبه؟ انقطعاً في قلبه. طب ليش؟ ليش وصفنا هذا في قلبه الدنيا؟ لأنه استعد أن يعصي الله عز وجل ويعرض نفسه لسخط الله من أجل هذه الدنيا. جميل. إذا كل سعي للدنيا وارتكاب الحرام لأجل تحصيل الدنيا هو من من من الناس الذين جعل الله عز وجل أو من الناس الذين الدنيا في قلوبهم وليست في أيديهم. لا شك. جميل. نعم نعم.

الزهد وأثره على الأمة

الآن يعني أنا أزعم أنه الزهد في الدنيا هو أصل لكل خير. الآن لو لو ذكرت لي أي صفة محمودة في الإنسان ستجد أن مردها إلى الزهد في الدنيا. كلما قوي زهده في الدنيا كلما قويت هذه الصفة. لذلك شواهد زهد النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة جداً حقيقة وأنا أعد لهذه الحلقة تعبت وأنا أستقصي وفي النهاية اضطريت أني ما ما أشمل عدة أحاديث لماذا؟ المادة ضخمة جداً فيما يتعلق بزهد النبي عليه الصلاة والسلام. لذلك كل الصفات المحمودة في النبي مردها إلى زهده. وكذلك كل إنسان أراد أن يتخلق بالأخلاق الحسنة عليه أن يزهد في الدنيا.

الزهد أصل كل خير

عدوا معي الآن إخوان يعني أنا آتي ببعض ببعض الأمثلة. الآن الزهد يجعلك كريماً. ليش؟ لأنك مش حريص على هذه الدنيا. يجعلك شجاعاً. لأنك مش خايف حتى لو صار فيك ما صار أنت أصلاً مش سائل في الدنيا، سائل في الآخرة. يجعلك صادقاً. أنت مش راح تكذب عشان الدنيا. يجعلك عزيز النفس. يجعلك راضياً عن قضاء الله عز وجل. معلش الدنيا حتى لو قاسينا فيها وعانينا في النهاية عند الله يعني الثواب والعوض. يجعلك صابراً. يجعلك مؤثراً للآخرين على نفسك. أي صفة الآن لو أتيت لي بأي صفة سيكون لها ارتباط وثيق بالزهد في الدنيا. بينما في المقابل الحرص على الدنيا يعطي عكس هذه الصفة تماماً. الحرص على الدنيا يجعل الإنسان شحيحاً بخيلاً. الحرص على الدنيا يجعل الإنسان جباناً مش مستعد يضحي. يجعله متسخطاً. لأنه هذه الدنيا التي هو حريص عليها فسدت عليه بالبلاء. يجعله أنانياً. كل الصفات المذمومة ستجد أن مردها إلى شيء من التعلق بالدنيا. لذلك فنقول الزهد في الدنيا هو أصل لكل خير، لكل خير.

الزهد ومصداقية الداعية

زهد الدنيا إخوانا أكسب النبي صلى الله عليه وسلم مصداقية عظيمة. وكذلك أي إنسان يريد أن يكون على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وأن يشرف بأن يكون من أمته عليه أيضاً أن يت أن يكتسب هذه الصفة حتى يكتسب نفس المصداقية أو يعني مصداقية من جنس مصداقية النبي عليه الصلاة والسلام. ليش؟ لأنه الآن إحنا الإنسان لما يكون زاهداً هذا يمنع نيته من الاختلاط. يعني ما بيكون لما يدعو إلى الله عز وجل ينظر إلى ما عند الناس من خلال دعوته. وهذا خطير جداً. وأيضاً هذا يشرف نفسه، يشرف هذا الإنسان في عيون الناس. أحياناً ترى بعض المشايخ كان لهم زلات كبيرة كبيرة حقيقة. فأذكر أحد علمائنا الذين أخذنا عنهم يعني أتاه سؤال مرة قالوا له يا شيخ فلان الفلاني أفتى بكذا وكان لها آثار مدمرة على تلك البلاد التي هو فيها. فأنت لماذا تحبه يعني؟ فقال: أحبه لأنني رأيته مرة أكاد أقسم بأن كل الثياب التي عليه ما كانت بعشرة ريالات. بغض النظر عن صحة هذا الاستدلال. لكن محل الشاهد حقيقة الزهد في الدنيا يجعل لك مصداقية. الناس يقولوا: لا هذا مستحيل يكون يعني يؤثر الدنيا على الآخرة ولا لأجل هذا يتخذ هذه المواقف. يمكن هو فاهم الموضوع بهذه الطريقة. فمحل الشاهد الإنسان إذا زهد في الدنيا يشرف في عيون الناس لأنهم يحسون أنه لا يطمع فيما عندهم. ولهذا س يعني سبحان الله في سورة الشعراء الله سبحانه وتعالى حكى عن الكثير من الأنبياء أنهم قالوا: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 109]. مثلا نوح عليه الصلاة والسلام: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 105-109]. لكون بتفكروا أنتم أنا عمالي بدعوكم حتى أتميز عنكم حتى أكون رئيساً فيكم حتى أطلب منكم. مش طالب منكم ولا شيء ولا شيء. {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}. بيعطيك عزة نفس قوية قوية جداً. أيضاً: {وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ} [هود: 29]. سيدنا نوح، سيدنا هود عليه السلام: {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}. صالح أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]. وهذه إلا استثناء منقطع. أنا مش طالب منكم أي أجر لكن على الأقل في في قربة بيني وبينكم في رحم. لماذا هذا الفجور في الخصومة؟ {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}. في الحديث الذي حسنه النووي رحمه الله والألباني وغيرهم ابن حجر قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس. فقال عليه الصلاة والسلام: "ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس". وهذا الحديث عظيم حقيقة. ازهد في الدنيا، أنت بدك الله يحبك والناس يحبوك في نفس الوقت. بسيطة. ازهد في الدنيا يحبك الله لأنه كما رأينا الزهد أصل كل خير. "وازهد فيما عند الناس يحبك الناس". ما تتطلع أبداً لما في أيدي الناس. سبحان الله بتذكر فترة من فترات زمان صليت وراء إمام صوته جميل جداً. فذكرت ذلك لأحد الإخوة قلت له صليت في مسجد الفلاني والإمام ما شاء الله صوته جميل ورجل دمث. قال لي أنا جاره ولا يعجبني فيه شيء. المتكلم رجل ثقة إن شاء الله. قلت له إيش يا فلان؟ قال هذا الإمام للأسف من يوم ما جاء إلى المسجد يسأل الناس عن طبيعة أعمالهم ويحاول أن يكسب من وراء ذلك شيئاً. يعني مثلا إيش تشتغل حضرتك؟ ميكانيكي سيارات. بصير يودي له سيارة. إيش تشتغل حضرتك؟ تاجر عقارات. والله معناته هذا أكيد مليء. السؤال بهذه الطريقة أسقطه من ط بغض النظر لا نأخذ عن شخص من مجرد رواية أحد. لكن محل الشاهد الفكرة الفكرة أنه حقيقة أنت لما تكون عمالك تنظر للناس كـ ATM machines أو كآلات نقدية هذا يسقط مصداقيتك في عيونهم. ولذلك أنا أحث إخواني الدعاة دائماً أن يكون لهم مصدر للكسب. جميل. يكون لهم مهنة. يعني لذلك أنا أقول دائماً حاول يكون في عندك مركز تعليمي مركز دعوي مركز شرعي يكون لك مهنتك في مجال الطب في مجال الهندسة في في أي مجال مجال حتى لا تضطر إلى تكسب من دعوتك. الآن في هذا الزمان نحن نقدر نقدر أن هناك يعني هجمة على الإسلام تحتاج من الناس استنفاذ وسعهم وطاقتهم وجهودهم وبذل أموالهم في سبيل يعني تحصين أبنائنا. فالذي يقوم بهذا جزاه الله خيراً لو أن أحداً تكفل به شيء طيب. لكن ما يكون في عندنا نوع من التطلب ومحاولة ازدياد ومحاولة ترفه. لأنه اللي بيحصل كثيراً أنه الداعية بصير يقارن نفسه في من بمن حوله وخاصة إذا العائلة مش مش ساندته في هذا الموضوع. المرأة تقارن نفسها بنساء الحي، الأولاد يقارنون أنفسهم بأولاد الحي. لا نعود أول شيء نحاول أن نكتسب بأنفسنا ونعود نساءنا وأولادنا أنه عادي جداً تكونوا مختلفين. لا تقارنوا أنفسكم بالآخرين. نحن نطمع فيما عند الله عز وجل. فهذا يكسبك مصداقية عالية عند الناس. أحسنت. سبحان الله دكتور أحياناً في مصطلح دارج ومنتشر وفيه إشكال. البعض يقول أنا أريد الكفاية. لكن ما هي الكفاية؟ ما مقدارها؟ لأي درجة أنت تعد نفسك يعني كفاية؟ بيت وسيارة وراتب كذا وكذا. هذه هي الكفاية ولا لا؟ الكفاية تكون مستور وعندك قوتك وطعامك فقط. "من أصبح آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها". هذا ما لا يقنع به كثير من المسلمين. يعني حتى البعض يعرف نفسه على أنه فقير مع أنه عنده هذه البنود. سبحان الله الذي يعني هو كأنه حائز الدنيا بحذافيرها.

الزهد وعزة الأمة

بدي أطلع لنقطة يعني ما الرابط الآن نحن نتكلم عن الزهد وكذا. ما الرابط بين الزهد وبين عز الأمة وأن تنال الأمة الشرف والرفعة والمكانة؟ هل هناك ارتباط بينهما؟ بلا شك. لكن اسمح لي أعود فقط نقطة أخيرة بالنسبة لمسألة "ازهد في الدنيا يحبك الله". شوف سبحان الله الزهد مدعاة لمحبة الرب عز وجل. في المقابل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]. فالصفة اللي ناتجة عن حرص على الدنيا وطمع فيها يفقدك محبة الله عز وجل. {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. الآن سؤال مهم جداً: ما العلاقة بين الزهد في الدنيا وعز الأمة؟ عز الأمة. أه. هذا موضوع يعني نحتاج أيضاً نستطرد فيه قليلاً. إيه يعني خلينا نقول حتى ما علاقة زهد النبي عليه الصلاة والسلام الذي علمنا الزهد بعزة الأمة الإسلامية؟ نحن لما نتكلم اليوم عن عزة عن زهد النبي هذا ليس منبت عن الواقع. هذا وثيق الصلة جداً بأحداث غزة وأحداث السودان، أحداث فلسطين عامة. وثيق الصلة جداً. لأنه كيف تتوقع أن المسلمين يقفون المواقف الشريفة والعظيمة وينطقون بالحق ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر كما أمر الله عز وجل ولا يخافون لومة لائم إذا كانوا حريصين على الدنيا؟ والواحد فيهم يقول طب أنا إذا قلت كلمة الحق في هذا المقام أو وقفت الموقف الذي يرضي الله عز وجل فهذا يمكن أن يهدد بيتي الذي لم أتم أقساطه للبنك بعد، وسيارتي التي اشتريتها قبل شهور ولم أتم أقساطها بعد، والمستوى العالي من المعيشة الذي عودت عليه زوجتي وأبنائي. ممكن أحرم من وظيفتي، ممكن ممكن. طبعاً هناك إكراه نحن نتفهم. ولكن أيضاً أحياناً الإنسان يكون عنده جبن احتياطي. جبن احتياطي. أنت متاح لك العمل في هذه الدائرة، يمكنك أن تأمر بالمعروف تنهى عن المنكر في دائرة. تروح تحصر نفسك في مركز الدائرة ولا تتحرك إطلاقاً. لماذا؟ جبن احتياطي. فإذا الإنسان عنده حرص على الدنيا ما عنده زهد في الدنيا سيكون جباناً عن اتخاذ المواقف التي ترضي الله عز وجل. يقولون: {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة: 52]. نعم. {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} [المائدة: 52]. يكون الدنيا والحرص عليها بمثابة لجام يلجم الفم ويسوق الكفار والمبطلون المسلمين من خلاله لأنهم حريصون على الدنيا. هناك حقيقة في أيامنا هذه تشجيع لنمط الحياة الاستهلاكي، تنافس على الاستهلاكيات. وفي الوقت ذاته إفقار ممنهج وسرقة للثروات وإحداث لفراغ روحي نراه بشكل واضح جداً جداً لدى أبنائنا وبناتنا ونسائنا. طبعاً أقصد بالعموم مش مش بتكلم عن نفسي. لكن كثير من أبنائنا وبناتنا ونسائنا ورجالنا عندهم هذا الفراغ الروحي ومتابعة التفاهة والتافهين اليوتيوبرز. وبالتالي إيش اللي بيصير في هذه الحالة؟ أنه يصعب على الإنسان جداً أن يتخذ المواقف المناسبة. الآن بالمناسبة يعني هذه الفترة سبحان الله عمل أنا مشترك في مجموعة من الأبحاث وبعضها له علاقة بالسمنة. يعني استغربت لما وإحنا بنحضر لهذه الأبحاث بنطلع بعض يعني الإحصائيات المحلية والعالمية. دول العرب المسلمين فيها نسب من أعلى النسب العالمية في السمنة وخاصة في الأطفال. عجيب. أه نعم. تصل النسبة في بعض الدول العربية إلى 49% يعني obese و overweight اللي هي سمنة أو وزن زائد في الأطفال واليافعين. 49% من الأطفال في دولة ما. في دولة ما 49%. 49% سمنة سمنة سمنة ووزن زائد. اللي بتعرفه لس أقل من عندنا بدي ماس اندكس اللي هو مؤشر الكتلة إذا بزيد عن الوضع الطبيعي بندخل في الوزن الزائد بنزيد كمان ندخل في السمنة الـ clinical يعني. فـ 49% وهذا حقيقة غير مستغرب بل وكثير من الدول الفقيرة، الدول الفقيرة فيها نسب سمنة للأسف الشديد. هناك أناس يأخذون الطعام من الزبالة وهناك أناس عندهم سمنة مفرطة. هذا الكلام ماذا ينتج عنه؟ أنه بيروحوا بيشتروا إبر وأدوية وعلاجات باهظة الثمن جداً. بنتكلم نحن عن مقاطعة علبة بيبسي ولا وجبة برجر وهذا نعم جيد. لكن للأسف الشديد هناك من يحرص على هذه المقاطعة وبيدفع أضعاف أضعاف أضعافها في أدوية لعلاج السمنة وفي جراحات لعلاج السمنة. بعض قطاعها أيضاً يؤتى بها من أمريكا ومن ألمانيا وغيرهما. وبالتالي هذا النمط في الحياة وأيضاً يعني المصطلح الذي نسمعه كثيراً في أيامنا بتلاقي المرأة مثلا تحرص أنها تطعم أبنائها أولاً بأول ما يجوعوا أبداً. حرام يجوع. مين حكى أنه حرام يجوع؟ لماذا نقول حرام يجوع؟ طب النبي عليه الصلاة والسلام جاع وجاع أهله. ففكرة أنه لا لازم دائماً يكون في إشباع في إشباع وحرام يحس بالحرمان أو جوع لفترة لساعات أو لأيام. هذا هذه فكرة باطلة تكرس الاستعباد في الأمة الإسلامية. لما يكون في فجوة روحية، فراغ روحي، فراغ نفسي، التعلق بالماديات، تحويل الكماليات إلى ضروريات. وفي الوقت ذاته خوف ما في مواقف رجولية. هذا يكرس الاستعباد في الأمة الإسلامية. لذلك تربية النبي عليه الصلاة والسلام بأمته على التخفف من الدنيا هو تحرير لها وتربية لها على العز، على العزة والتحرر من الأمم. أيضاً يعني من الشواهد على على أن الشح هو أصل من أصول دمار الأمة ومعاناتها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا". طب إيش يعني الشح؟ أشد البخل. أشد البخل والحرص. "فإنما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا". صار الواحد حتى يقاطع أقربائه لأنه بده يوصلهم ما بده يعطيهم من المال. "وأمرهم بالفجور ففجروا". وأمرهم بالفجور ففجروا. فهو أصل كل خيبة في هذه الأمة. أيضاً الذي يعني من من الشواهد على على هذا الأمر على مسألة أن الارتباط بين عز الأمة وبين الزهد. نعم. لعلنا نعرف قصة العز بن عبد السلام رحمه الله. قصة معروفة طويلة وفيها أنه بائع الملوك وسلطان الملوك وباع السلاطين أو سلطان العلماء وباع السلاطين. العز بن عبد السلام لما أفتى فتواه التي أغضبت الحاكمين أنذاك المماليك وقالوا له كلمة كرهها. ماذا فعل؟ خرج حمل دنياه على حمارين. وضع امرأته على حمار ووضع عفشه على حمار وانطلق خارجاً. فلحقه الناس حتى أعادوه وحتى نزل المماليك على حكمه فيما يقص علينا التاريخ. فمرة أخرى يا كرام التربية على التقلل على التقشف على عدم الحرص على التخفف على التجويع أحياناً هو تربية على العزة وعلى التحرر من أعداء الأمة. إحنا دكتور داخلين في دائرة وفي متاهة بصراحة كبيرة. يعني الإنسان بمجرد أن يتزوج وأن يرزق بالأولاد تبدأ خلاص الحياة المادية تسيطر عليه. دنيا دنيا دنيا دنيا. حتى لربما تصبح مجالس الناس هي فقط حديث عن الدنيا. بل أحياناً مجالس بعض الملتزمين هي فقط حديث عن الأشغال والوظائف والاقتصاد و فهذه المواضيع حقيقة تسيطر على الناس. لذلك أنا أظن أن حلقة اليوم ستكون صادمة للبعض أو لربما يقظة لبعضهم. معقول أنه نحن لازم نفكر أصلاً بالآخرة وكل وجل حديثنا أما كل أو جل حديثنا عن الدنيا ومتاع الدنيا و وأحياناً يلبس أمر بثوب ديني. يعني حتى عندما نتكلم عن الحروب نتكلم عن الحروب وعن قتل المسلمين من باب دنيوي. نعم. يعني كيف عمر غزة بعد خروج الاحتلال؟ كيف كلام دنيوي بحت. سبحان الله. نعم. هذه مصيبة والله. نعم. هذه مصيبة.

شواهد من زهد النبي صلى الله عليه وسلم

خلينا نرجع دكتور لزهد النبي صلى الله عليه وسلم وتكمل لنا الشواهد في زهد النبي صلى الله عليه وسلم. طيب يعني بعد هذه المقدمة الآن يمكن يكون للأحاديث التي سوف نتلوها وقع خاص مختلف. نستذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعني إيش التعريف إيش التعريف الغنى عنده؟ وإلى ماذا كان يتطلع؟ إلى مكرومة الدنيا والآخرة. وأنه كان يعلم أمته ذلك. وأن هذا الاستغناء عن الدنيا هو سبب للعزة والرفعة والتحرر. على على ضوء هذه الحقائق الآن نأتي إلى الشواهد.

زهده في المأكل والمشرب

أخرج مسلم عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألستم في ط عفواً أن النعمان نفسه قال أخرج مسلم عن النعمان أنه قال: ألستم في طعام وشراب ما شئتم؟" هذا بيقول كلام لمين؟ لصحابة وتابعين. "لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه". إيش الدقل؟ التمر الرديء. التمر الرديء. أردأ أنواع التمر. "لقد رأيت نبيكم صلى الله عليه" طبعاً في فترة في صعوبة على كل الصحابة كما في شعب أبي طالب وفي المرحلة المكية وكذلك لما هاجر عليه الصلاة والسلام في المدينة أيضاً كان هناك فقر وكان هناك حاجة إلى أن فتح الله الدنيا عليه وعلى أصحابه صلى الله عليه وسلم. فمر بالنبي فترات صعبة جداً. وهذا الذي رآه النعمان. لكن سنرى بعد قليل أشياء رويت من داخل بيت النبي عليه الصلاة والسلام. أسرار لم تكشف إلا بعد وفاته من شواهد زهده عليه الصلاة والسلام. زاد النعمان بعد ذلك قال: "وما ترضون دون الألوان التمر والزبد". يعني الآن أنتم مش مش كافيكم الدقل تمر وزبد. أه يا نعمان رضي الله عنك لو رأيت أيام ألوان المنسف والكبسة والبرياني وكل شيء. وكل شيء. ومع ذلك هناك من لا يعجبه بعد هذا كله. والدي رحمه الله عليه كان يأتيه أحد التجار دائماً متأفف. فمرة بيقول لوالدي أخي قل لي الحمد لله. ماذا رد؟ قال: على إيش الحمد لله؟ يا الله. أه طبعاً أبي بهدله. يعني يقول على إيش الحمد لله. هناك ناس بالفعل لا لا يرى لله عليه حقاً. يرى أن له على الله حقوقاً. سبحان الله العظيم. عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم اجعل رزق آل محمد كفافاً". كـ إيش؟ كفافاً؟ يعني ما يكفي. القوت اللي بكفي الإنسان. يعني يعرف يركز في دعوته يركز في عبادته. لا يزيد عن ذلك حتى ما يصير في تعلق وما يصير في التهاء بهذه الدنيا. ما نحتاج الناس ولكن في الوقت ذاته ما نلتهي بالدنيا. أيضاً من الشواهد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "إن كنا آل محمد لن نمكث شهراً ما نستوقد بنار". إن هو إلا التمر والماء. والحديث رواه مسلم. "إن كنا آل محمد لن نمكث شهراً ما نستوقد بنار". ما في طعام يطبخ. "إن هو إلا التمر والماء". بس تمر ومي. تمر ومي. تمر ومي. تصور لو أيامنا هذه أولاد بنعيشهم مع تمر ومي شهر شو بيصير فيهم؟ ما في شهر في هي أسبوع أو أقل. أيضاً عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "لقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز وزيت في يوم واحد مرتين". خبز وزيت غماس. خبز الزيت. ما شبع منها في يوم مرتين عليه الصلاة والسلام. وعن عبد الله بن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاوياً جوعان". ليالي متتابعة طاوياً جوعان. "وأهله لا يجدون عشاء". وكان أكثر خبزهم خبز الشعير. الخبز بسيط مش زي الخبز الفاخر تبعت أيامنا هذه. لاحظوا الآن إخواني كيف النبي عليه الصلاة والسلام كان يأكل قليلاً ويشكر كثيراً. يعني تصور هذا الأكل القليل كان يأكله النبي عليه الصلاة والسلام. تعال الآن نشوف المحامد والمدائح التي يمدح بها نبينا ربه عز وجل ويشكره على هذا الطعام القليل. إحنا في المقابل نأكل كثيراً ومرات بننسى نشكر الله عز وجل في أول الطعام أو أن نسمي عليه في أوله أو نشكره في آخره. في الحديث الصحيح في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: دعا رجل من الأنصار من أهل قباء النبي صلى الله عليه وسلم. قال: فانطلقنا معه. انطلق النبي وبعد أصحابه. فلما طعم النبي وغسل يديه قال: شوف الآن دعاء أجمله. "الحمد لله الذي يطعم ولا يطعم، ومن علينا فهدانا وأطعمنا وسقانا وكل بلاء حسن أبلانا. الحمد لله غير مودع ولا مكافئ ولا مكفور ولا مستغنى عنه. الحمد لله الذي أطعمنا من الطعام وسقانا من الشراب وكسانا من العري وهدانا من الضلال وبصرنا من العمى وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً. الحمد لله رب العالمين". شوف ما أجمل هذه المدائح التي يمدح بها نبينا ربه عز وجل بعد طعام قليل. حديث يجدر أن نذكره نحن ولو مرة يعني ولو نتذكر كل فترة حتى نأتسي به عليه الصلاة والسلام. في الواقع الآن كل هذه الأحاديث جميلة وعظيمة بس في حديث والله بخوفني يا دكتور مهند كل ما أتذكره بخاف. إيش هو يا ترى؟ بسم الله. الحديث رواه مسلم. يعني حديث صحيح لا فرار. الواحد مرات بيقول ضعيف وبالتالي ما نخاف. لا حديث صحيح وراك وراك. خرج رسول الله رواه مسلم: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر. فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟" في أحد ألفاظ الحديث أنه كان وقت ظهيرة وحر شديد. كانوا الصحابة عادة ما بيطلعوا في هذا الوقت. "ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟" قال: "الجوع يا رسول الله". جوعانين. جوعانين. مش قادرين يناموا من الجوع. يطلع يلاقي حاجة يسد فيها جوعتهم. قال: "وأنا والذي نفسي بيده لأخرجن الذي أخرجكما". يا أنا اللي طلعني الجوع مثلكم. "قوموا تعالوا مع بعض". فقاموا أو فقاموا معه. هكذا لفظ الحديث. "فأتى رجلاً من الأنصار". في إحدى الروايات الصحيحة أنه ابن الهيثم أبو الهيثم ابن التيهان. فاكر لعلك يا رسول الله أن إظهارك الله على قومك أن تدعنا. قال: "بل الدم الدم الهدم الهدم". فقال: "فأتى رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته". طالع. "فلما رأته المرأة رأت النبي عليه الصلاة والسلام قالت: مرحباً وأهلاً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين فلان؟ قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء". ذهب يستعذب لنا من الماء. بيجيب شوية مي عذبة يعني. "إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله وصاحبيه". شو هالضيوف؟ مين مين يطلع له؟ يعني مين يطلع له؟ "ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافاً مني". قال: "فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب". يعني هيك عرق من النخلة فيه تمر في أطوار مختلفة من من النضوج. أيوه. فقال: "كلوا من هذه اتسلوا عما نجهز لكم الغداء يا رسول الله ويا أبا بكر وعمر". "وأخذ المدية"، اللي هي السكين. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياك والحلوب". ما تروح تذبح واحدة بتجيب حليب. خليها تنفعك. "فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا". الله. "فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة". الله المستعان. الله المستعان. بس. "والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة. أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم". الآن هذا عدل من الله عز وجل أن يحاسبنا على كل نعمة أتانا إياها. لكن محل الشاهد بتتكلم عن مين؟ رسول الله، أبو بكر وعمر. عظماء الأمة. عظماء التاريخ. كل لقمة بيأكلوها وأكيد لم لم يأكلوا الأكل الذي نأكله في إفراط وبذخ وزيادة. كل لقمة بيأكلوها تتحول في أجسادهم إلى علم وتعليم وجهاد و كل أنواع النفع. ومع ذلك راح يسأل يوم القيامة عن هذا النعيم. فنسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية. اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، ومن نفس لا تشبع، ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع. هذا والله دكتور حديث عظيم جداً. أه. وال يعني الثلاثة النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يعني يخرجون من بيوتهم لأجل الجوع. يعني لأي درجة وصلوا بالجوع؟ كم يوم صار لهم مش ماكلين؟ صلى الله على سيدنا محمد ورضي الله عن صاحبيه. يخرجوا من بيوتهم لأجل الجوع يبحثوا عن طعام. ثم هذا هو النعيم الذي يسأل عنه. والله شيء عجيب جداً. شيء عجيب. نعم نعم. ولازم تخليها تضلها حاضرة في أذهاننا وإحنا نأكل أي أي شيء. الآن قد يستغرب الواحد يعني البعض الناس يستغرب أنه طب يعني ليش هذا التقشف؟ لماذا لهذه الدرجة؟ إحنا إخوانا إحنا الخطأ مش النبي وأصحابه خروج عن الأصل. الأصل في هذه الدنيا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]. الترف الذي نعيش فيه هذا هو الخطأ. الخروج عن الأصل. الإنسان إذا تطلع إلى المعالي أوتوماتيكياً تلقائياً ما بيعود يتعلق بالدنيا وخفف منها يتخفف. مش مش الواحد بيصير يأكل ثم يأكل بعدين بيصير إيش؟ مسطل ونعسان وبده ينام. بعدين لما يصحى بيصير يبحث عن طرق حتى يسلك الأكل اللي أكله. بيشرب غازيات. بعدين بيروح يدور على أدوية وبيروح راجع أخصائي غذائيين وأخصائيين سمنة وما إلى ذلك عشان يتخلص من هذا الوزن الزائد. هذا خطأ. هذا الذي نعيشه هو الخطأ. مش النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه خرجوا عن الأصل. أيضاً يعني بعض الناس بتلاقي هم على وجبة الغذاء بيناقشوا والله بيحصل أنه ممكن مثلا يكون على وجبة الغذاء خلصوا الغذاء و لسه في الأكل إحنا ماذا سوف نأكل غداً؟ إيش راح نطبخ بكرة؟ طيب يا أخي طب وحدة وحدة لبكرة بفرجها الله. لكن فكر فيما هذا الأكل الذي أكلته ماذا ستفعل به حتى يعفيك الله عز وجل من تبعاته يوم القيامة؟ لأنك ستسأل عن هذا النعيم قبل ما تفكر إيش راح تأكل بكرة. الوقت الذي يصرف في المطابخ وهذا معروف حتى في رمضان. وقت يصرف بالساعات لربة البيت ومرات بناتها معها وممكن حتى يعني يكون في شغالة بالساعات. وطبعاً لذلك الأزواج والإخوة يعني لأنه إحنا عندنا مرات الشباب إذا الأب مثلا استكفى الأبناء بيتطلبوا الشبا الأب والأبناء لازم ما يطلبوا من الأم خلاص يرضوا بالقليل يرضوا بما بما هو موجود حتى لا تصرف الأوقات الطويلة على هذا الطعام في المطابخ. إذا مما لا ينبغي أن يفكر الإنسان كثيراً في مطعمه الموجود. كل من الموجود وانتهى الأمر. سبحان الله. يعني البعض يصنع الطعام اليوم لا يأكله غداً. ما في. طب والطعام الزائد يبقى لربما في الثلاجة أو كذا أو لربما يتصدق به. طيب لماذا لا تأكله في اليوم الثاني واليوم الثالث؟ ما المشكلة في هذا؟ لا هو يحتاج طعاماً يومياً. وبعضهم يحتاج في كل طعام إلى تنوع أصناف. أنت ذكرت يعني الزيت والخبز قبل قليل من طعام النبي صلى الله عليه وسلم. البعض لا شو زيت وخبز؟ بدنا سفرة طويلة وألوان الطعام. ولا بد عند البعض أن تكون في الوجبة الواحدة مثلا لحم وسمك ودجاج أو لحم ودجاج أو دجاج وسمك. يعني ألوان متعددة من الطعام. وهذا شيء عجيب جداً. يعني يكفيك طعام واحد تشبع منه خلاص. وبعض الأولاد بينظر للفطور بيكون مثلا في زيت وزعتر وجبنة ولبن ولبنة ومثلاً سنيورة كمان ومعها كاسة شاي. هذا فطور. ما بديش أفطر معكم. بدي أروح أشتري من الدكان. بدي أروح أشتري من المطعم. بدي أروح أشتري معجنات. عجيب هذا. هذا فساد وهذا استعباد. هذا يؤدي إلى استعبادها لأنهم متعلقون بالدنيا وبالتالي بالخطاب نجر إليها. سبحان الله دكتور أنا بشوف هذا الأمر أحياناً مع الطلاب لما نطلعهم مثلا شيء نشاط هيك تقشفي أو رحلة عمرة. يعني وقت الإفطار بقول له أنت سوي فطورك هي علبة حمص وهي شوية جبنة قطع وسوي اللي بدك إياه. غالبهم ما بيفطر. لأنه يعني هو يتغلب في فتح علبة الحمص ويحطها وكذا. بعد يومين ثلاث خلاص بيجوع مضطر للموضوع. فبيصير خلاص يفتح ويأكل غصباً عنه. شو خاطره على نفسه على ما عودتها به. أيضاً يعني هنا نعود وأؤكد في بما أني ذكرت موضوع الطعام بالذات نحتاج مثل ما حكى دكتور مهند قبل شوي موضوع التوازن. أهم ما في الأمر التوازن. يعني مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هذا حاله إلا أنه كان إذا حضر طعام طيب أكله. وهناك قاعدة جميلة أربع كلمات يمكن أو أكثر شوي خمس ست كلمات بس نحفظها. كان كما وصف كما وصفه ابن القيم في زاد المعاد: "كان نبينا صلى الله عليه وسلم لا يرد موجوداً ولا يطلب مفقوداً". لا يتكلف ولا يتكلف مفقوداً. يعني في طعام طيب جاء ما ما بيقول لا لا لا أنا لا أريد هذا الطعام زهداً في الدنيا. لا لا لا. يأكل هذا الطعام. بل وكان عليه الصلاة والسلام يتحرى أحياناً أنواع معينة من من اللحم المختلط بـ ابن القيم تحت هذا العنوان ذكر يمكن 20 نوعاً من الطعام الثابت أن النبي أكله. مش حافظ العدد لكن أصناف كثيرة. فإذا حضر طعام طيب أكله عليه الصلاة والسلام من غير سرف ولا تخمة ولا كسل. لا بيأكل مقدار مناسب. لكن ما حضرش طعام في طعام يا جماعة؟ لا والله يا رسول الله ما في طعام. خلاص إني صائم. بكل بساطة. في طعام بيأكل. مسألة يعني هذه سبحان الله تقرأ قول الله تعالى: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} [الأعلى: 8]. هذه من اليسرى التي يسر لها النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا يرد موجوداً من الطعام ولا بيتأفف عن أي شيء حاضر ولا يتطلب مفقوداً. إذا دكتور يعني الإنسان يتعامل مع الطعام مع الشراب مع اللباس مع أي شيء بهذه القاعدة. نعم. الموجود يستعمله والمفقود لا يتكلف إيجاده. وخلاص بكل بكل بساطة وبكل سلاسة. يعني ومن الأدب الذي علمنا إياه عليه الصلاة والسلام أنه لا يذم طعاماً قدم إليه قط. "ما عاب رسول الله طعاماً قدم إليه قط. إن اش إن اشتهاه أكله وإن لم يشته تركه". بس ما بيقول أوف فيش غير الأكل؟ أعوذ بالله. ولهذا تلجم ألسنة أبنائنا هذه الأيام. نقول لهم ما تقولوا الطعام مش عاجبني والغداء مش عاجبني. يعني لن تكون أرفع نفساً من النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقبل أي طعام طيب يقدم إليه. أي طعام طبعاً حلال يعني لن يكون طعاماً فاسداً يقدم إليه عليه الصلاة والسلام. أيضاً يعني من التوازن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لنا: "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف. إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده". "كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا من غير أو في غير مخيلة ولا سرف. إن الله يحب أن ترى نعمته على عبده". فالإنسان يأكل لكن دون بطر ودون مبالغة. أيضاً يعني من من النقاط المهم أن الملحظ في سيرته عليه الصلاة والسلام أنه يعني كانت تأتيه الدنيا ولا ينظر إليها. يعني كان زهده عن مقدرة. مش أنه مثلا هو ما عندوش العين البصيرة واليد قصيرة كما يقال. لا لا لا. أتته الدنيا يعني من من جميع جوانبها. لكنه عليه الصلاة والسلام كان يزهد فيها بعد المقدرة عليها. يعني هل نستطيع أن نصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان غنياً أو نصف أنه كان فقيراً؟ كان غنياً. ولذلك أنا بتحسس لما واحد يقول النبي عاش الفقر. النبي ما عاش الفقر عليه الصلاة والسلام. النبي في أوطان معينة في مواضع معينة مثل حصار الشعب مثلا لم يكن عنده من الطعام بالفعل. ولكن في معظم حياته لا كان يأتيه المال وكان يأتيه الطعام وهو يزهد فيه ويؤثر غيره على نفسه. وكان غنياً النفس عليه الصلاة والسلام. وبالتالي لا يصف نبينا بالفقير. بل النبي عليه الصلاة والسلام أكرم إنسان على مر التاريخ. لن تجد مستحيل تجد في الأولين والآخرين ومن سيأتي إلى يوم الدين من كان أكرم وأكثر بذلاً وعطاء من النبي صلى الله عليه وسلم. الثروات التي جاءته في زمانه لا تقدر بثمن. ومع هذا يصرفها بسخاء. عطاء من لا يخشى الفقر. ومن هذه الشواهد الكثيرة وأحاديث عديدة مذكورة في البخاري بعضها في البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه هذا الحديث رواه البخاري قال: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين". بالمناسبة البحرين في الحديث الشريفة مش بس تشمل دولة البحرين لا وأجزاء من السعودية حالياً من بلاد الحرمين. فقال: "انثروه في المسجد". ارموا لها المال في المسجد. يعني كمية كبيرة من الآن لما تسمع باقي الحديث وكأنه شك الجبل في المسجد يعني أو تلة. "فكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم". إذ جاءه العباس. النبي جالس في المجلس وبدأ الناس يأتون يأخذون من المال. فقال: "يا رسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلاً". لما العباس كان مشركاً ووقع في الأسر في معركة بدر. النبي عليه الصلاة والسلام عمه كما عامل أسرى. بدك تفدي نفسك بدك تدفع للمسلمين. ففدى نفسه بمال كان عنده بمكة وفدى عقيلاً. فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "خذ بدك تأخذ فلوس خذ". خذ من المال. قال: "فحثا في ثوبه". جاب ثوب وجمع جمع كمية كبيرة من المال. "ثم ذهب يقله فلم يستطع". أجب بده يرفع هالمال فما استطاع. فقال: "أؤمر بعضهم يرفعه إلي". يعني العباس التفت للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله خلي واحد من أصحابك يساعدني أرفع المال على ظهري. فقال: "لا". النبي عليه الصلاة والسلام بكل هدوء. "لا". قال: "فارفعه أنت علي". طب أنت ابن أخوي يعني تعف. قال: "لا". قال: "فنثر منه". يعني العباس رضي الله عنه شال شوي من الـ من المال. "فجاء ليرفعه ثم ذهب ليقله فلم يرفعه". فقال: "فمر بعضهم يرفعه علي". طب أنا نزلت شوية من المال. قال: "لا". النبي عليه الصلاة والسلام. "لا". قال: "فارفعه أنت علي". قال: "لا". "فنثر منه ثم احتمله على كهله ثم انطلق فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي علينا". النبي عليه الصلاة والسلام بقي ينظر إلى العباس تعجباً من الصن. أه. تعجباً من حرصه على الدنيا. الآن طبعاً سيقول قائل العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام صحابي فاضل وجاهد مع النبي وثبت معه في حنين. وبتقول الآن حرص على الدنيا. نعم يا جماعة الصحابة متفاوتون في صفاتهم. العباس رضي الله عنه كان عنده هذه الصفة. كان عنده الحرص على المال. وأيضاً الصحابة أنت عشان تفهم شخصياتهم ومواقفهم بدك تعرف أنه النبي رباهم شيئاً فشيئاً. بتلاقيه في بداية أمره شيئاً ثم بعد ذلك يعني في آخر حياته شيء مختلف. وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام وكأنه بدأ يتقمص شخصية النبي أو يعني يحرص أكثر على اتباع خطواته. فنعم العباس كان حريصاً على المال. بالمقابل هو نفس العباس الذي ضحى تضحية كثيرة كما ذكر هو نفسه قبل قليل في الحديث. طبعاً نعم. يعني الآن العباس هذا الذي كان حريصاً على المال لم يمنعه حرصه يعني ما كان متمسك بالدنيا إلى درجة أن يخذل النبي صلى الله عليه وسلم في حنين مثلا. بل كان دائماً مع النبي. الآن إيش ثمة الحديث الذي رواه أنس مرة أخرى قال: "فما قام رسول الله وثم منها درهم". فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأموال الكثيرة اللي الناس بيشيلوا منها بالشوال كما يقال. "وثم منها درهم". ما خلاش لحاله درهم عليه الصلاة والسلام من هذه الأموال الكثيرة. والحديث رواه البخاري. أيضاً عن عمر بن عوف المزني حديث يعني فيه قال: "فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين". قد يكون نفس المال ترى. قد يكون نفس المال هذه مش رواية أخرى. لا حديث آخر. حديث آخر مكمل للمشهد. قال: "فسمعت الأنصار بقدومه". الأنصار كان منهم فقراء. "فوافته صلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم". فلما انصرف تعرضوا له. يعني النبي طالع من صلاة الصبح فصاروا يعني يورجوا حالهم للنبي عليه الصلاة والسلام. السلام عليكم يا رسول الله. هم مؤدبين مش حين يقولوا يا رسول الله أعط مما جاءك. كيفك يا رسول الله؟ "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم وقال: أظنكم سمعتم بقدوم أبي عبيدة وأنه جاء بشيء. قالوا: أجل يا رسول الله. قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم". ما تخافوش حتطلع حيطلع لكم نصيب. "فأبشروا وأملوا ما يسركم. فوالله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم من تبسط الدنيا عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم". وفي رواية: "فتهلككم كما أهلكتهم". "والله ما الفقر أخشى عليكم". تخافوش أمة محمد عليه الصلاة والسلام ستفتح عليها الغنائم تفتح عليها الدنيا. طيب إيش خايف يا رسول الله؟ "ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم أو وتهلككم كما أهلكتهم". النبي عليه الصلاة والسلام الذي كان لا يخاف الفقر والذي يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. أيضاً في حديث رواه الإمام مسلم أن أناساً من الأنصار جاؤوه فسألوه مالاً فأعطاهم. ثم سألوه فأعطاهم. ثم سألوه فأعطاهم حتى فني ما عنده صلى الله عليه وسلم. ثم قال: "ما كان عندي من خير فلن أدخره عنكم". خافوا أنا مش راح أستأثر بنفسي بشيء. "ما كان عندي من خير فلن أدخره عنكم. ومن يستعفف يعفه الله. ومن يستغن يغنه الله. ومن يتصبر يصبره الله. وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع له من الصبر". اللي هي مرة أخرى تعريف الغنى غنى النفس. الصبر عن الدنيا. طبعاً موعظة النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الذين جاؤوا يعني موعظة في مكانها. أنه الآن هم مقبلين على الأخذ من هذا المال. فالنبي صلى الله عليه وسلم يذكرهم بقيمة الدنيا ويذكرهم أنه يخاف عليهم