السلام عليكم ورحمة الله
مقدمة
عشان قناعتي وإيماني بدأت تهتز بكل شيء للأسف، وربنا يجزيك الخير.
هذه رسالة إخواني أظنها تمثل عددًا من الناس، وهي تبين أننا لم نفهم إسلامنا بعد. عندنا ثلاث نقاط لنجيب عنها:
- لماذا لا يمنع الله الظلم؟
- أين النصر؟
- هل اليهود أحسن من المسلمين ولذلك ينتصرون عليهم؟
1. لماذا لا يمنع الله الظلم؟
لما تتساءل أين الله عن الظلم الحاصل، أسألك: هل الله تعالى وعد وعدًا وأخلفه؟ هل قال الله لك أن هذه الدنيا دار جزاء فلابد أن ينصف فيها المظلوم من الظالم؟
ألم تقرأ سورة البروج؟ وناس آمنوا فحفر لهم الكفار الأخدود وحرقوهم أحياء حتى الموت؟ ومع ذلك قال الله تعالى في هؤلاء المؤمنين: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}.
الفوز الكبير! فالذين يموتون على الطاعة فائزون، بل فوزًا كبيرًا. أراد عدوهم صدهم عن دينهم فما استطاع، فلم يملك إلا قتلهم، فقتلوا، لكن بعد أن انتصروا عليه بكسر إرادته وتفشيل كيده.
إذا هذا الكلام أخي لا يقنعك أن موت المسلم على عقيدته وثابتًا على دينه أن هذا ليس فوزًا، فهذه مشكلتك أنت. لا تريد التسليم إذن لحقيقة أن هذه الدنيا دار بلاء لا دار جزاء، ولا تريد التسليم بمركزية الدار الآخرة في حياة المؤمن. أنت ترفض هذه الحقائق، هذه مشكلة تحتاج حقيقة أن تعيد فهمك للإسلام.
ثم يصير الظالم والمظلوم ترابًا ولا معاد ولا حساب يا إخواننا؟ الدار الآخرة من حساباتك؟
أين قول الله تعالى؟ هل وعد الله بأن لا يبتلي؟ بل وعد بأن يبتلي فقال: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. وقال الله تعالى: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}.
أهل غزة يصبرهم الله، وأنت هنا في مكانك تتشكك. هم يعانون ونرى مع ذلك رحمة الله في تثبيتهم، وأنت تتفرج ولا تعاني مثلهم، ومع ذلك يهتز إيمانك يا أخي.
طيب، خلعت من إيمانك، بماذا نفعت إخوانك؟ لا شيء. تصبح همًا جديدًا وطعنة جديدة في ظهر أمتك، بينما إن انشغلت في مشروع تصلح به في أمتك وتضمد جراحها بالدعوة وإحياء روح العزة، فإنك تنصرهم وتنصر المستضعفين ولو بعد حين.
الحمد لله هناك إخوة يتابعونني من غزة وأتشرف بهم، وهناك أطفال شاركوا في مسابقات القرآن التي عملناها من غزة، وأنا أتقرب إلى الله بتحبيب دينهم إليهم حتى يبقوا ثابتين إلى أن يلقوا ربهم راضيًا عنهم بإذنه سبحانه. وأسأله سبحانه أن يعيننا على نصرهم ورفع البلاء عنهم وعن أمة الإسلام.
فيا من تهتم لإخوانك في غزة، انشغل بنفعهم ونفع المستضعفين، لا بالاعتراض على رب العالمين لأنك ما فهمت دينه ولا سلمت لحقيقة أن الدنيا دار بلاء لا دار جزاء.
2. أين النصر؟
لماذا لا ينصر المسلمون في غزة؟ أسألك: ينصرون على من؟ على الصهاينة؟ الصهاينة ما هم إلا وكلاء ممثلون لأعداء الإسلام، جزء من المنظومة العالمية. وإلا فأهل غزة هم في حرب مع النظام الدولي وصهاينة العرب، وكذلك الحرب في كل مكان يضطهد فيه المسلمون.
{إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. هذه حرب إيمان وكفر ونفاق، لا تنوب فيها غزة ولا غير غزة عن الأمة المسلمة.
طيب، يعني يدفع أهل غزة الثمن عن تخاذل المسلمين؟ وأين {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}؟ بل نقول: من مات من أهل غزة على الإيمان فإن الله اصطفاه. {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
ويتخذ منكم شهداء. المؤمن الذي يقتل في سبيل الله ينال أجره كاملًا وافيًا غير منقوص، بل ويكرمه الله ويتفضل عليه. لكن باقي الأمة ليست مؤهلة للنصر حتى تجاز به. باقي الأمة ليست مؤهلة للنصر حتى تجاز به.
الأمة لم تتعامل مع حقيقة أنها في حرب إيمان وكفر حتى تستحق النصر. النصر يا كرام له أسباب بيناها في كلمة "هل نحن قريبون من النصر؟" ونحن كمسلمين لم نأخذ بشيء من أسباب هذا النصر، وإن كنا نتعذر دومًا بأن الأمر ليس بيدنا وبأن المتسلطين علينا المتحكمين في بلادنا لا يخافون الله. فوالله ما نفعله كمسلمين بأنفسنا أخطر مما يفعله أعداء الداخل والخارج بنا.
{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}. لكن في مشكلة في الصبر وفي التقوى. النصر يا كرام له أسباب لم نأخذ بها لا كأمة ولا كأهل غزة، على ما في الأمة وفي غزة وغيرها من خير، فينا الصالحون وفينا وفيها دون ذلك. لكن هناك أسباب للنصر وهناك موانع، ولا الأسباب أخذ بها ولا الموانع متجنبة.
فمن قتل على الإيمان ومن قاتل في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا فقتل دون تخليط، دون تخليط في هذا المقصد لتكون كلمة الله هي العليا، هذا موعود من الله بأجر الشهداء. أما الأمة فلم تتأهل للنصر بعد.
بل وكثير ممن يقول أين نصر الله، تراه هو نفسه عونًا لأعداء الإسلام، يعين الظالمين وينافقهم طمعًا في المال والجاه.
3. هل اليهود أحسن من المسلمين ولذلك ينتصرون عليهم؟
يعني نحن شر حالًا من اليهود ولهذا ينتصرون علينا؟ طيب أريد أن أسألك: لما ضاع النصر في معركة أحد وتمكن المشركون من أذية جيش النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، هل يعني هذا أن المشركين كانوا أفضل من رسول الله والصحابة؟ أعوذ بالله.
طيب لماذا لم ينصرهم الله؟ لأن النصر له أسباب، وبعض الصحابة خالف الأمر فأخل ذلك بأسباب النصر. المؤمنون موعودون كأمة بالنصر إذا حصلوا أسبابه، فإن لم يحصلوها كانت الغلبة لمن يتفوق عسكريًا وماديًا من المؤمنين أو من الكافرين.
ومع ذلك فمن قتلوا من جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم شهداء، فإن الله أكرمهم وأنزل في شأنهم: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. وكذلك من يقتل في سبيل الله في أيامنا.
خاتمة
ختامًا يا إخوة، غزة، سوريا، تركستان، بورما، كشمير، بلاد المسلمين عامة، من يُقتل منهم صابرًا محتسبًا موحدًا لله معظمًا لشريعته ثابتًا على دينه، فإنه فائزٌ لم تنكسر إرادته أمام كيد أعداء الإسلام أجمعين.
بينما نرى أناسًا ينتسبون للإسلام لديهم الملايين بل والمليارات من الدولارات، يعينون أعداء الأمة عليها ويتآمرون على المسلمين، فهم وإن سكنوا القصور ولبسوا فاخر الثياب وحلقوا في الطائرات وأحاط بهم الحرس، فهم والله سيبقون مع هذا كله أذلة صاغرين مطايا لأعداء الدين.
نسأل الله أن يرحم إخواننا في غزة وسائر المستضعفين من المسلمين، وأن يثبتهم على الإيمان ويهدي قلوبهم ويجمعهم على كلمة البر والتقوى، ويعيننا والمسلمين على نصرتهم ورفع معاناتهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.