→ عودة إلى مرئيات

ما ردك على ما يقال عنك؟

٧ مايو ٢٠٢٢
النص الكامل للمقطع

ما ردك على ما يقال عنك؟

السلام عليكم ورحمة الله. إخواني الكرام، كثيرًا ما تجد داعية ينفع الله به الناس، لكن يتعرض لانتقادات وادعاءات، فيطالبه متابعوه ومحبوه بالرد عليها. وقد يتحول هذا الانشغال بالادعاءات إلى مضيعة للجهد. فهنا أحب أن نوجه نصيحة للدعاة، ومن ضمنها نصيحة لنفسي ونصيحة للمتابعين، فـ "الدين النصيحة" كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم.

نصيحة للدعاة

التعامل مع الانتقادات والافتراءات

أما للدعاة فأولاً: قد تنتقد بحق، وقد يفترى عليك بباطل. فمن الخطر أن تجعل جميع منتقديك في سلة واحدة وتعاملهم معاملة واحدة. لذلك ليس من الصواب أن تطنش وتتجاهل كل ذم على اعتبار أنه لا يهمك كلام الناس، فقد يكون فيه بعض الحق، وحينئذ تصوب، والمؤمن رجاع للحق.

وفي الوقت ذاته، ليس من الصواب أن تسمع لكل ذم يقال فيك وتهتم به، خاصة عندما يكون افتراءات مكررة. فوجود المفترين على الدعاة شيء طبيعي جداً، ولن نصل أبداً لمرحلة لا يعادينا فيها أحد، بل كما قال ورقة بن نوفل لنبينا صلى الله عليه وسلم: "لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي". فمن سار على طريق النبي صلى الله عليه وسلم فلا بد أن يعادى، ليس من الكافرين فقط، بل ومن المنحرفين والضلال والحساد وأتباع الهوى وتراطير السلاطين.

فخ الرد وتكرار الرد

هنا عليك أن تحذر جداً من الوقوع في فخ الرد وتكرار الرد، فالشيطان يتخذ هؤلاء المفترين أدوات ليشغل الدعاة عن نصرة الإسلام ومواجهة الباطل.

طيب، كيف أعرف أن هؤلاء المفترين لا يستحقون أن ألتفت إليهم؟

أولاً: إذا كان ما يقولونه افتراءات مكررة رددت عليها مراراً وتكراراً، ومع ذلك لا يناقشون ردك بل يطنشون وكأنهم ما سمعوه، فهؤلاء ليسوا طلاب حق بل هدفهم الطعن فيك فحسب.

كذلك من أهم علامات هؤلاء التوقيت الذي يختارونه لبث افتراءاتهم. فعندما لا يحل لهم أن يهاجموك إلا وأنت تنقذ أو تقود أبناء المسلمين ويتأثر بك الشباب بشكل طيب، فاعلم أنهم ما أرادوا بطعنهم فيك خيراً.

أنا عن نفسي يا كرام سمعت افتراءات معلبة من أمثال هؤلاء تعاد كما هي منذ ثماني سنوات، ورددت عليها مراراً وتكراراً، كما في كلمة "كشف الحقائق" وكلمة "موقف إياد قنيبي ممن استحل دماء المسلمين" وكلمة "هل إياد قنيبي ينتمي إلى جماعة معينة؟". فمنهم من أعاد الافتراءات عندما بينا حقيقة برنامج الدحيح، ومنهم من أعادها عند ردي على أحد المشاهير في كلامه الذي بدأ منه دخول اليهود والنصارى الجنة، الذين رفضوا الإسلام، حتى وإن رفضوا الإسلام. ومنهم من أعادها عند الرد على نيكولاس خوري وبيان أنه يضحك المسلمين على شعائر دينهم وهم لا يشعرون. ومنهم من أعادها عند الحديث عن القراء الذين لم يراعوا حق القرآن. فترى هؤلاء المفترين لم يرفعوا رأساً ببيان الحق في هذه المواطن، وإنما يطعنون في من يبين الحق ويطعنون فيه بافتراءات مكررة.

هنا يا كرام نحتاج موازنة، فمن جهة هناك متابعون جدد كثر بفضل الله تعالى، فمن حقهم أن نحيلهم على الكلمات التي رددنا فيها والتي لم يطلعوا عليها. لكن في الوقت ذاته أنصح نفسي وإخواني الدعاة ألا نقع في الفخ، فالشيطان يستخدم المفترين أدوات من حيث يشعرون أو لا يشعرون لإشغالنا عن الاستمرار في دعوتنا الذي لا ينصر حقاً ولا يسكت باطلاً، وإنما يأتي ليصطف مع أعوان الظالمين ويريد أن يضعك أنت أيها الداعية في خانة الاتهام بافتراءات مكرورة لتحاول الدفاع عن نفسك. هؤلاء هم المتهمون بل والمدانون.

ما الذي يدفعهم يا ترى؟ منهم من يزعجه أن تتكلم عن علماء السلاطين وقراء السلاطين وأعوان الظالمين الذين يلبسون على الناس في دينهم، فيحس أن الدور جاي عليه. منهم من يشكل كلامه وخزاً أو من يشكل كلامك أنت وخزاً له لأنه يظهر عزة الإسلام التي شوهها هو في عيون الناس. منهم الحاسد ومنهم الحاقد. أياً كان السبب لا تسمح لهؤلاء أن يشغلوك. فهذه نصيحتي لنفسي ولإخواني الدعاة.

نصيحة لعموم المتابعين

حق المتابعين في البيان والرد

أما نصيحتي لعموم الناس من المتابعين، فنعم من حقكم علينا أن نبين لكم ونرد على ما تسمعونه عنا كدعاة، خاصة في هذا الزمان الذي يتلقى فيه الناس الصدمات والصدمات في دعاة كانوا يحسبونهم على خير. ولذلك رددنا أول مرة وثاني مرة وثالث مرة، وهذه طبيعة مواقع التواصل أن الكلمات القديمة لا تصل لكثير من المتابعين، فمن حقكم علينا أن نحيل لكم عليها.

حق الدعاة على المتابعين

لكن في الوقت ذاته يا أحبة من حقنا عليكم أن يبصر المطلعون على الردود من لم يطلعوا عليها، أن يبصر ويعلم المطلعون على الردود من لم يطلعوا عليها. من حقنا عليكم عندما نشغل أوقاتنا بإعداد مواد جديدة نحبب فيها دين الله إلى عباده، وإلا شغلنا عن الاستمرار في الدعوة وتعطلنا وحصل للشيطان ما أراد. لا نريد ردوداً عاطفية بلا علم ولا سباباً وشتائم يترفع عنها المسلم، بل رداً بعلم.

كيف يعني نطلب منكم ردوداً بعلم؟

أولاً: بنفس الردود التي نشرناها. كم هو جميل لو أن الذين اطلعوا على ردودنا لو أنهم احتفظوا بها ليجيبوا المتسائلين الجدد أو المفترين المتعمدين، ويحتسبوا بذلك أجر تفريغ إخوانهم لما هو أنفع. وبعضكم يفعل ذلك فجزاهم الله عنا خيراً، وسنعينكم بوضع روابط في وصف الكلمة إن شاء الله.

ثانياً: من الرد بعلم أن نبث في الناس القواعد الإسلامية العامة في التعامل مع الادعاءات: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين". كم من شخص كان يعلق أن يا دكتور إياد لم أستمع إليك عبر السنوات الماضية لأني سمعت عنك ما ينفر، فلما سمعت ندمت على تلك السنوات والخير الذي فاتني فيها. وأنا أتألم حقيقة لهؤلاء الشباب الطيبين الذين يصدون عن الخير بالافتراءات، وإلا فالمفترون أهون من أن نلتفت إليهم. المطلوب أن نبث في الناس القاعدة الإسلامية في قوله تعالى: "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، وقول الله تعالى: "لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين". هذا يا كرام يعطي حصانة من الالتفات إلى الافتراءات بدل أن نشغل أوقاتنا بالرد على كل مدع بباطل.

ثالثاً: من الرد بعلم أن تبين للناس من كلامه منسجم ومواقفه منسجمة، ومن كلامه ومواقفه متناقضة. تجد أحدهم يدافع عن أنصار الظالمين ويقول عن أحدهم: "أفلا شققت عن قلبه؟ قد يكون في قلبه يريد الخير". بينما إذا رأى داعية يحذر من أنصار الظالمين يقول: "هذا الداعية يمارس التقية، يظهر غير ما يبطن، هو في قرارة نفسه يكفر فلان وعلان". سبحان الله! في قرارة نفسه فشق عن قلب الداعية لما لم ير في كلامه ما ينتقد، لكن لم يشق عن قلب أنصار الظالمين.

رابعاً: من الرد بعلم أن تضع الكلمات المجتزأة لأي داعية في سياقها. في حالة أخيكم ستجدون مثلاً من يجمعون تغريدات مفصولة عن سياقها ليقولوا: "هو أيد الجماعة الفلانية التي ولغت في دماء المسلمين". فأقول لإخواني: ليت بعضكم يعود لما كتبنا وصورنا في تلك الفترة ليروا كيف يحصل التحريف، ثم يطلع إخوانهم وتراثنا موجود على النت. بل هناك من يأخذ عنوان كلمة ويهيج الناس به، فإذا اطلعت على مضمونها رأيته عكس ما يدعى تماماً وبشكل مضحك، والله مضحك مبك عجيب. ناقش هذا الذي يضع الكلمة وقل له: "ماذا تنقم منها؟ أين موطن الخلل تحديداً؟" ما تكتفي بالعنوان، لا، تعال ادخل في الكلمة، ما الذي تعيبه فيها؟ لا تقل: "قال إياد لا تقربوا الصلاة" وقال: "فويل للمصلين". هات الكلام بتمامه وتعال نناقشه. نريد يا كرام ردوداً بعلم، فهذا يساعد أخاكم على الاستمرار في دعوته لتكونوا شركاء له فيها بإذن الله تعالى.

خاتمة

وبعد هذا كله، نصيحة لعموم المتابعين لأي داعية: إذا سمعتم عنه ما لا يسر، فانظروا في حال دعوته وتأملوا فيما يدعى عليه، فإن لم يكن على الدعوة برهان فلا تعودوا أنفسكم في كل مرة أن تقولوا: "ما ردك؟" فإنكم بذلك تقعون في فخ إشغاله عن الاستمرار فيما ينفعكم وينفع الناس.

وفي النهاية إخواني، ما أبرئ نفسي من الزلل، ما أبرئ نفسي من الزلل، لكني أبرئها من فرى المفترين. ولا أطمع أن يحبني كل الناس، فما كان هذا مطلب الأنبياء والمصلحين عبر القرون. لكن إن كان يعز علي شيء فهو أن يحجب عن دعوتنا من يحتاجها بافتراءات سمعها. وإلا فما نسألكم عليه من أجر، والحمد لله الذي جعل بيني وبين عامة من يعرفنا من المسلمين مودة وأخوة عظيمة.

وللعلم فأنا أكتب أحياناً في موضوع وأنا أعلم أنه سيثير اعتراضات ويحرك افتراءات. طيب يا أخي ما دامك عارف ليش تتكلم؟ خلينا مبسوطين. لا يا كرام، لا ينبغي لمن يدعو إلى الله أن يتكلم على هوى الناس، ولا أن يكون معياره أن يرضي الجميع، بل لا إصلاح إلا إذا واجهنا الناس بما يسوء بعضهم من الحق. ومن التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مئونة الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس. ونعوذ بالله أن يكلنا إلى الناس، نعوذ بالله أن يكلنا إلى الناس. ومع ذلك فالحمد لله أن ما ننشره يلقى قبولاً وتأثيراً عند عامة المسلمين. وأسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من المؤمنين لننعم بقوله سبحانه: "إن الله يدافع عن الذين آمنوا".

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.