السلام عليكم ورحمة الله،
مقدمة
أيها الكرام، ما مناسبة كلمتي هذه؟ تضاعف عدد المتابعين للعبد الفقير في السنوات الأخيرة بفضل الله، فأحب أن يكون منهجي واضحاً لهم، خاصةً وأن هناك من يستغلّون عدم معرفة عامة الناس بما نشرته في فترة الثورات العربية وأحداث سوريا، فيكذبون ويدلِّسون بخصوص موقفي.
نحن في العشر الأواخر من رمضان، وقت التعبُّد وصيانة القلوب، فسأتكلم باختصار، وإذا لزم الرد على أي من المفترين فسوف أؤجل ذلك إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان المبارك.
موقفي من تنظيم الدولة (داعش)
موقفي القديم والحديث هو أني تبرأت وبرأت الإسلام من كل ظلم وانحراف قام به تنظيم الدولة من تكفير لكثير من المسلمين واستباحة لدمائهم. وكنت فيما أعلم أكثر من نقده نقداً شرعياً بالأدلة في عشرات المواقف، وبينت عدم تمثيله لمفاهيم الجهاد والخلافة والدولة الإسلامية والشريعة، وتحملت الأذى في سبيل ذلك.
ولذلك فمن الخطأ الذي يمارسه بعض الإخوة بحسن نية أن يقولوا: "الدكتور إياد تراجع عن خطئه في تأييد التنظيم". فإني لم أؤيده في يوم من الأيام أصلاً حتى أتراجع. وتكوينتي النفسية والشرعية والعقدية لا تتقبل ولم تتقبل يوماً من الأيام تكفير المسلمين واستباحة دمائهم، ولا أني خدعت بالتنظيم فترة ثم اكتشفت حقيقته، بل نقدته بالتفصيل من البدايات.
أي ثناء على موقف، فإنما كان على موقف محدد فيه رحمة بالمسلمين ونصر لهم، وكلمتي في ذلك يقتطع البعض جزءاً منها لإيهام التأييد. فالشباب الذين كانوا يتطلعون لإقامة الدولة الإسلامية ووظَّف التنظيم هذا التطلع لديهم، كانوا يحتاجون إلى من يقنعهم بالأدلة الشرعية بانحراف هذا التنظيم، وأن يروا في خطابي الإنصاف وتحديد موضع الإشكال ليمنعوا التنظيم من ظلمه ويفارقوه إذا أصر، ويعلموا أنهم اغتروا به. وقد نفر طرحي هذا كثيرين عن الانضمام إلى التنظيم، وجعل بعض أفراده يتركونه ويكفون أيديهم عن إخوانهم المسلمين بحمد الله.
ثم ظهر من التنظيم ما ظهر، فلم تعد مواقفه تحتاج إلى تمييز أو تفصيل. كلامي طوال تلك الفترة كان متركزا حول التراحم بين المسلمين ومنع القتال بين الفصائل بما فيها هذا التنظيم، لقناعتي بأن القتال لن يوقف النزاع، وأن محاولة استئصال التنظيم لن تستأصله بل تعطيه شرعية في عيون عدد كبير من المغترين به، بينما كان هناك من يصب الزيت على النار ليفني الجميع. فكنت أرى أن الحل هو بالتنفير عن التنظيم وبيان فساد منهجه بطريقة شرعية، يعني نزع فتيل الفتنة، مع تأكيدي حينها على أن لكل مسلم أن يدافع عن نفسه وماله إذا اعتدت عليه هذه الجماعة أو غيرها، ولا كرامة للظالم. ومع تعنّت التنظيم أكثر، كنت أصعّد اللهجة أكثر وأكدت مراراً وتكراراً على براءة الإسلام من أفعاله.
تختلف معي في هذا الموقف؟ ما في مشكلة، فليختلف معي وليناقشني فيه من شاء، لكن ليكن صادقاً في وصف موقفي ثم يخالفني فيه. تريد الأدلة على صدق هذا كله؟ تابع أيَّ كلمةٍ نشرتها في تلك الفترة لتعرف إن كنت صادقاً، لكن تابعها من أولها لآخرها، مش مقطع صغير منها، بل من أولها لآخرها، وهي أصلاً كلماتٌ قصيرة.
دحض الافتراءات
ماذا عن من يقول أني أفتيت لهذا التنظيم أو أي تنظيم أو فصيل بقتال أي جماعة؟ أو أني سميت الفصائل الأخرى صحوات؟ أو أني نهيت عن القتال ضد التنظيم لأنهم إخوة لي في المنهج؟ من يقول هذا فهو كذاب مفتر مزور يقلب الحقائق، يستخدم طريقة "اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك". ولا أدل على كذبهم من أنهم لا يضعون أي كلمة كاملة لي، بل يقطعون على طريقة "فويل للمصلين"، ثم يضيفون من عندهم ما لم أقله، وتأثر بكذبهم بعض من لم يلتزموا بقول الله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
موقفي من الجماعات الأخرى
طيب ماذا عن الجماعات الأخرى؟ مدحت ما قامت به عدة جماعات من دفاع عن المستضعفين، ولم أمدح أي قتال بينها. ثم لما صارت بعض هذه الجماعات تقاتل مسلمين هي الأخرى، وتمارس ما كانت تنكره على تنظيم الدولة بالأمس، أشرت إلى أن هناك انحرافات لا أرضاها، وأنه اتسع الخرق على الراقع، وأني سأتوقف عن التعليق لأجل ذلك.
لذلك، توقفتُ بالفعل عن التعليق على كل الأحداث قبل ست سنوات، ولا أقبلُ أن يُنسب إليَّ الآن مدحٌ كنتُ قلته بناءً على مواقف طيبة وأنا بريء من دمي أي مسلم من كل الفصائل بدءاً من تنظيم الدولة وانتهاءً بالجيش الحر ومروراً بعامة الناس، بل كنت محرِّضاً على التراحم ومجرِّماً من يقتل المسلمين أو يكفِّرهم.
هويتي ومنهجي
وأقول إخواني لست منتسباً منهجياً لأي تيَّار، ولا يمثلني أي تيّار، ولا أمثل أيّ تيّار، بل أنا لكل المسلمين، قلمي ودعائي ودعوتي وحرقتي ونصيحتي لهم جميعاً. وما يمثلني تمثيلاً دقيقاً هو مقالاتي وكلماتي والسلاسل المنشورة، وما أنشره للإخوة الآخرين مما أراه مفيداً.
قناعتي أن الغلو والاقتتال الذي حصل بين المسلمين، سببه تغييب شريعة الرحمن في بلادهم، ونشر الظالمين في الداخل والخارج للجهل والقهر والظلم على المسلمين. وما نحاوله بدعوتنا هو بناء الإنسان المسلم من جديد، بناء فكره وعقيدته ونفسيته وأخلاقه، ليتأهل أن يكون من خير أمة أخرجت للناس.
خاتمة ووصية
وختاماً، رأيت أناس تعمدوا الكذب والافتراء على العبد الفقير ثم يقولون بعدها: "لا تتابعوا إياد، حتى لو تكلم لكم برحلة اليقين والمرأة والأخلاق، فهو صاحب فكر لا يأتي بخير". فكذبوا الكذبة ثم بنوا عليها تنفيراً عن دعوتي إلى الله عز وجل. فأقول لهم إن بينتم بعد ذلك وأصلحتم أحللتكم من حقي ورجوت الله أن يصلحكم ويجمعني بكم على خدمة دينه، وإن أصررتم فالله يحكم بيني وبينكم.
وأقول للإخوة المتابعين: والله إني أحبكم في الله، أحبكم في الله لما رأيته من غيرتكم على أخيكم، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنكم، فجزاكم الله عني خيراً وجمعني بكم في جنات النعيم.
والسلام عليكم ورحمة الله.
ردا على الذين يفترون على العبد الفقير بأنه أيد العدوان على المسلمين، ليبنوا على كذبتهم تنفيراً عن دعوتي إلى الله.
ومع أنه ملف قديم لا نحب أن نفتحه. لكن: (وفيكم سماعون لهم).