→ عودة إلى مرئيات

نصائح للمسلمين في الغرب و الرد على وسيم يوسف

١ فبراير ٢٠٢٠
النص الكامل للمقطع

السلام عليكم ورحمة الله

مقدمة: نصيحة للمسلمين في الغرب والرد على وسيم يوسف

انتشر مقطع لأحدهم يجيب فيه سؤال أخت مسلمة تعيش في النرويج. سنناقش اليوم كلامه وتكون فرصة لتوجيه نصيحة لإخواننا وأخواتنا في الغرب.

الأخت المتصلة من النرويج قالت إنه في مدارس النرويج يُطلب من الأطفال أن يمثلوا أدوار الأديان، يعني من قبيل "التعايش". فالولد والبنت، مسلماً كان أو غير مسلم، يُطلب منه أن يقلد اليهود بأن يلبس قبعة كقبعتهم ومعها جدائل وينحني أمام جدار مثل اليهود. ويساق الأطفال إلى كنيسة ليشهدوا صلاة النصارى، ويجلسون جلسة تأمل في الطبيعة على اعتبار أن ذلك يمثل الملحدين، ويُرفع الأذان وتتلى آيات من القرآن تمثيلاً للمسلمين.

ثم سألت الأخت عن حكم السماح للأطفال أن يذهبوا للكنيسة ليشهدوا صلوات النصارى.

خلاصة كلام المجيب وتفنيده

خلاصة ما فعله الشخص المجيب هو أنه نفخ في الدول الأجنبية وإحسانها للمسلمين الذين يعيشون فيها. وفي المقابل، هذا المذكور حطّم المسلمين وحقرهم وحملهم جريرة أفعال المتسلطين في بلاد المسلمين. ثم جعل من واجب المسلم المحقر أن يجامل الأجنبي العظيم في دينه، بل وأن يعيش في بلاد الأجانب بشروطهم ويفعل كما يريدون. وكل هذا روّجه الشخص المذكور بأساليب نفسية سنراها.

تجربتي الشخصية في الغرب

لكن قبل أن أكمل يا كرام، أنا عشت في دولة أجنبية، في أمريكا، عشت لأربعة أعوام، وعاصرت فيها أحرج الفترات، فترة أحداث سبتمبر. وتعاملت مع طوائف مختلفة فيها من يهود ونصارى وهندوس وملحدين وبوذيين. وتمسكت بديني في هذا كله، وتركت انطباعاً إيجابياً لدى من تعاملت معهم، ودعوتهم إلى دين الله، ولم أجاملهم في شيء من الدين. وعشت مع ذلك معززاً مكرماً واللهِ أكثر بكثير ممن كان يجاملهم والحمد لله. فما سأقوله لكم وأنصحكم به ليس كلاماً عاماً وتنظيراً من بعيد، بل عشته بنفسي.

الرد على فتوى الذهاب للكنيسة

الشخص المذكور صاحب المقطع لما سألته الأخت عن حكم السماح المسلمين لأبنائهم بالذهاب إلى الكنيسة قال: "يعني وإذا منعتيهم فإنتي ساكنة في بلادهم وماكلة من خيرهم وكذا ولو منعتيهم شو تقوليلهم؟ أنتوا كفار؟"

أما نحن فنقول للأخت السائلة: ليس مطلوباً منك أن تقولي لهم: (أنتو كفار). لكن القسمة ليست ثنائية مثل ما يظهرها هذا الشخص الذي سألتيه: إما تخلي أولادك يذهبون للكنيسة وإما تقولين لمسؤولي المدرسة (أنتو كفار) بأسلوب استعدائي. لا، الشريعة فيها سعة بحيث تحافظين على دينك ودين أولادك وفي الوقت ذاته لا تعرضين نفسك للطرد من بلاد الغربة، خاصة أنك من سوريا وعودتك لبلادك قد تشكل عليك خطراً.

بدائل وحلول للمسلمين في الغرب

بدايةً، بعض الدول الأوروبية وكذلك أمريكا وكندا وأستراليا تسمح بالتعليم المنزلي (Home schooling). ويقدم الطفل اختبارات دورية ويحصل على شهادات. وهذه قائمة بالدول التي تسمح والتي لا تسمح بالتدريس المنزلي، وهذه خارطة بهذه الدول، التي باللون الأخضر تسمح، والتي باللون الأصفر تسمح بشروط.

النرويج، التي تسكنها الأخت السائلة، تسمح بالتعليم المنزلي. إذا كان في ذهاب ابنك للمدرسة خطر على دينه فالتعليم المنزلي خيار. إنشاء مدارس إسلامية خيار. لما يكون هناك حرص شديد على الدين ونتذكر أنه أهم ما نحرص عليه لأبنائنا فهناك ألف أسلوب وأسلوب. بل وقبل هذا كله، قد يهاجر المسلم إلى بلد فقير يتحمل فيه صعوبة العيش من أجل أن يحفظ دين أبنائه وبناته ولا يسلمهم للنار.

حكم المداراة والتقية

لكن فلنفترض أن الأخت وقعت في ظرف اضطراري بالفعل؟ حينئذ لكل مقام مقال، ويُستفتى عالمٌ ورعٌ يخاف الله في الحالة بخصوصها. لستِ مضطرة حينها أن تقولي لهم: (أنتو كفار) بأسلوب استعدائي كما يصور المذكور. فالشريعة لا توقع في الحرج (وما جعل عليكم في الدين من حرج).

إذا كان هناك خوف مبرر فقد قال الله تعالى: (لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً). إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً. المسلم لا يخادع الناس ولا يكذب عليهم. لكن إذا خاف أن يقع عليه ظلم أو أذى منهم فبإمكانه أن يتصرف بالحد الأدنى الذي يدفع أذاهم. لكن تكوني عارفة أنك تدفعين ظلماً، وبالحد الأدنى من الكلام أو الفعل الذي يكف هذا الأذى، لا أنك تجاملينهم على حساب دينك ودين أولادك لأنك ترينهم المنعمين المتفضلين عليك.

نقد فكرة "جمائل الغرب"

الشخص صاحب المقطع في إجابة من ثمان دقائق ذكَّر الأخت بجمائل الدول الغربية عليها ست مرات. سؤال: من يدعم قَتَلَةَ المسلمين سياسياً وعسكرياً؟ أليست الدول الأجنبية نفسها؟ من يساهم في قصف دول المسلمين؟ من يبيع الأسلحة للقَتَلة بأموال المسلمين؟ من ينهب خيرات المسلمين بالتنسيق مع المسؤولين في بلاد المسلمين؟ أليست الدول الأجنبية؟

قد يقول قائل: (إذن لا تروح لبلادهم). أنا عن نفسي لا أعيش في بلادهم، وكنت أستطيع البقاء في أمريكا بعد إنهاء الدراسة وفضلت العودة إلى بلدي وأهلي. لكني أعذر المسلم العربي الذي ضاقت عليه بلاده وأصبح في خطر فيها فاضطر أن يعيش في الغرب.

مقارنة بقصة موسى عليه السلام

إذا سجَّان سلط عليك حارساً من حراسه يعذبك ويضربك ويهينك وفتح لك باباً من السجن لتهرب إلى غرفته، فهل تأتي وتقبل يده وتقول له أنت ولي نعمتي؟!

موسى عليه السلام: أراد فرعون أن يُحَمِّله جميلة فقال: (ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين () وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين () ).. كفرت نعمتي يا موسى! كان مما أجابه به موسى أن قال: (وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل). تحملني جميلة يا فرعون أنك ربيتني في قصرك؟ ما الذي جاء بي إلى قصرك إلا أنك استعبدت قومي بني إسرائيل وسُمْتَهم سوء العذاب حتى اضطرت أمي أن تلقيني في اليم؟ فهل إحسانك إلي يمحو إساءتك إلى أمة بأكملها؟!

الدوافع الحقيقية لاستقبال المهاجرين

الدول الغربية لم تفتح ذراعيها للمسلمين لسواد أعينهم! بل لا تنسوا أنه مع الفساد الأخلاقي والعزوف عن الزواج في الدول الغربية ما عاد فيها أسر ولا مواليد جدد كفاية ومجتمعاتهم أصيبت بالشيخوخة، فيريدون أطفالاً بأعداد كبيرة لينصهروا في بوتقتهم ويتطبعوا بطباع دولهم. مثل دعوة الشخص المذكور تساعد في تحقيق هذا المقصد تماماً.